‘);
}

الدعوة إلى الله وفضلها

لقد أنزل الله -سبحانه وتعالى- علينا القرآن الكريم حتى نفهم ما فيه ونعمل بمقتضاه، وقد جاءت فيه توجيهاتٍ كثيرةٍ في شتّى فروع الحياة لتدلّنا على السير في الصراط المستقيم، ومن هذه التوجيهات توجيه الناس للقيام بواجب الدعوة إلى الله -تعالى- بقوله سبحانه: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ)،[١] يعني: أن تكون صفة هذه الأمة أنهم يدعون إلى الخير، وإذا افترضنا أن هذا الأمر موجّهٌ لبعض أفراد الأمة الإسلامية، فحينها يكون حكم الدعوة واجباً وفرضاً على الكفاية، ولا يسقط إلا في حال تحقّق الكفاية، وإذا لم تتحقّق الدعوة إلى الله فإنها تصبح فرضاً وواجباً على كل فردٍ مسلمٍ، لذلك ينبغي على المسلم أن يهيّئ نفسه ليتحمّل ما يلاقي في سبيل تبليغ دعوة ربه، وأن تكون عدّته الصبر، وعتاده اليقين بنصر الله وبلوغ أمره،[٢] وليكن عزاؤه في ذلك امتداح الله تعالى له، واعتباره صاحب أحسن الأقوال كما قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ)،[٣] فلا يوجد من يقول قولاً أحسن من قوله لأنه يدلّ الناس إلى ربّهم، ويبشّرهم بفضل خالقهم، ويحصل بذلك على أجره وأجر من علّمه، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا).[٤][٥]

مفهوم الحكمة والموعظة الحسنة

مفهوم الحكمة

عُرّفت الحكمة في اللّغة بمعانٍ متعددةٍ منها: القرآن، السنة، العدل، العلم، الحلم، وقيل: إن الحكمة هي إصابة الحق بالعلم والعقل، ولا يذهب المعنى الشرعي بعيداً عن المعنى اللغوي، لأن كلاً منهما يجعل العلم نافعاً، والعمل الصالح أصلاً من أصول الحكمة، وقد عُرّفت الحكمة شرعاً بأنها: “الإصابة في القول والعمل والاعتقاد، ووضع كل شيء في موضعه بإحكامٍ وإتقانٍ”، ويتبيَّن من التعريف أن الحكمة في الدعوة إلى اللَّه لا تقتصر على اتّباع أسلوب واحدٍ وهو اللين والرفق، أو الترغيب والحِلم، بل تقتضي الحكمة أن تنزل الأمور منازلها، فيستخدم الداعي القول الحكيم والتربية والتعليم في موضعٍ، والموعظة والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعٍ، ومجادلة الظالم المعاند في موضعٍ آخر، ويستخدم القوة والشدة والسيف في موضعٍ، وهذا هو عين الحكمة.[٦]