الدعوة ومواجهة مؤامرات الأعداء

الدعوة ومواجهة مؤامرات الأعداء لا ريب في أن العالم الإسلامي اليوم يعيش أيامه ولياليه في مغارة مظلمة من المؤامرات والدسائس التي تستهدف عقيدته وما يملكه من المقومات الثقافية والحضارية فقد أنهكته المؤامرات وعمق جرحه مكر الليل والنهار فقد تداعت عليه الأمم من كل الأفق كما تداعى الأكلة على قصعتها فجل ما نرى..

الدعوة ومواجهة مؤامرات الأعداء

لا ريب في أن العالم الإسلامي اليوم يعيش أيامه ولياليه في مغارة مظلمة من المؤامرات والدسائس التي تستهدف عقيدته وما يملكه من المقومات الثقافية والحضارية. فقد أنهكته المؤامرات وعمّق جرحه مكر الليل والنهار. فقد تداعت عليه الأمم من كل الأفق كما تداعى الأكلة على قصعتها.
فجُلّ ما نرى هنالك من اضطرابات طائفية وحروب أهلية مدمرة، وصراعات بين الدول المسلمة بعضها مع بعض، وحركات متطرفة قاتلة لبر هذه الأمة وفاجرها إلا وتقف من ورائها في – غالبيتها ومعظمها – الدوائر الغربية الحاقدة التي تسهر على صنع المؤامرات بأنواعها وأشكالها وتعمل على تمريرها بصورة ذكية ومدروسة.

وإذا كانت مسألة المؤامرات مسألة معروفة لا يرتاب فيها أحد، وقد شمر الكثيرون عن سواعدهم لدراسة أنماطها وطرق تمريرها، فإن الذي نود أن نشير إليه هنا هو أن ثمة أسبابًا تقود القوم إلى ممارسة هذا النوع من الأعمال المشينة، وإلا فإن النصارى، وهم غالبية الغربيين، من المفترض أن يكونوا ـ إن كانوا حقا نصارى ـ أقرب الناس مودة للإسلام والمسلمين كما ورد في القرآن الكريم وأدناهم حبًا لمبادئه وترحابًا بحقائقه.
التركيز على هذه الأسباب دراسة وتحليلاً يستحق منا اهتمامًا أكثر من التعرف على مظاهر المؤامرات وأشكالها التي لا تعد ولا تحصى والتي ترجع جميعها في النهاية إلى ذات الأسباب وذات العلل، فلو أننا تمكنا من معرفة العلل التي تنبع منها كل هذه المكايد أمكننا إيجاد العلاج المناسب لها، ولو على المدى البعيد، وحسب زعمي فإن من السهولة بمكان معرفة هذه الأسباب المحفزة للغربيين على التعامل مع العالم الإسلامي بالمؤامرات والدسائس والتي من أهمها :
1- الصورة المشوهة للإسلام عند الغربيين: فمن المعلوم أن هناك صورة مشوهة للإسلام والمسلمين قامت الكنيسة بصياغتها وترويجها في الغرب في القرون الوسطى لاستنفار الأوروبيين للمشاركة في الحروب الصليبية، وقد قام “علم الاستشراق” الذي تأسس في الغرب بغية استيعاب الإسلام ومقاومته، عبر تحطيم بنيته التحتية، بإضفاء صبغة بحثية على تلك الصورة المشوهة، مما ألقى على عيون الغربيين أغشية من الظلام بحيث لم يعودوا يرون في الإسلام أي قبس من النور، فقد غدت معلومات الإنسان الغربي العادي عن الإسلام ـ إثر رواج تلك الصورة ـ سيئة جدًا.

وبسبب غياب الحركة القوية لتبليغ رسالة الإسلام في المحيط الغربي، ظلت تلك الصورة السيئة قابعة في الذهن الغربي حتى أصبحت مع الأيام صورة راسخة في لاشعور الإنسان الغربي وإرثه الفكري والمعرفي، الأمر الذي جعله، رغم تقدمه المذهل في مجال ترويض العقل والفكر على قواعد المنهج العلمي والموضوعي في البحث والدراسة، يتخوف من الإسلام ويعتبره خطرًا عظيمًا على حضارته التي يظنها مثالية في إطار التنظير والتطبيق مما يحيد به إلى مقاومة الإسلام بأية وسيلة من الوسائل.

2- يُؤْلَف في غالبية الشعب الأمريكي البساطة في التفكير بحيث يصدق الكثيرون منهم كل ما يسمعون، وهذه البساطة تستغلها الصهيونية العالمية، عدوة الإسلام، أبشع استغلال بوضعهم تحت تأثير وسائل إعلامية متعددة تعتبر في معظمها ملكًا لها. فالعدو الصهيوني، من سياسته، الاهتمام بأي حدث سلبي يحدث في هذه البقعة من العالم الإسلامي، أو تلك ثم عرضه في ساحة الإعلام الأمريكي على اعتبار أن هذا الحدث نابع عن الإسلام وأنه يمثل المجتمعات الإسلامية جميعها.
فعلى سبيل المثال يهتم الإعلام الغربي الصهيوني اهتمامًا متزايدًا بما يحدث في بعض المناسبات المبتدعة من قيام بعض المنتسبين للإسلام بضرب رأسه ووجهه بالسكاكين والسلاسل، كما يهتم بأحداث العنف والقتل وإراقة الدماء التي تقع في بعض البلاد الإسلامية، – والتي هي الأخرى أيضًا من صنع الدوائر الصليبية والصهيونية – كل ذلك بأسلوب التهويل والتعميم لإقناع الشعب الأمريكي على الأخص وبقية العالم على أن الإسلام دين العنف والقتل وإراقة الدماء حتى يقاوموه بكل ضراوة ويعملوا على اتخاذ تدابير لازمة لتدمير مقوماته والحد من انتشاره.
ولعله من نافلة القول أن نعلن بأن الإعلام الصهيوني قد استطاع تحقيق السيطرة المطلقة على الضمير الأمريكي الذي أصبح يعتبر النهضة الإسلامية المتوقعة كابوسًا مزعجًا. فيشغل ليله ونهاره في صنع المكائد لإحباط مشاريع الإسلام النهضوية، ولتفتيت عراه حتى لا يبقى له أي صوت مسموع.

وليس الأمر بمقتصر على النفوذ الذي يمارسه الصهاينة على ساحة الإعلام الأمريكي، بل إن اليهود أصبحوا في أمريكا “اليد التي تعبث بأيدي السياسة الداخلية والخارجية معًا”، وهم الذين يتحكمون في كراسي الرئاسة والحكم ولا يستطيع أي حاكم هناك – مهما كان – أن يتحدث بغير ما يريده اليهود، وإلا عملوا على إسقاطه وربما حدث له كما حدث لجون كنيدي الذي اغتاله اليهود بعد ما تحدث بحقوق العرب في فلسطين وندَّد بتصرفات اليهود”.
وليس هذا فحسب، بل إن الأخطبوط الصهيوني قد استطاع إحكام قبضته على معظم الدول الأوروبية، وفي هذا يقول الصهاينة: “حتى اليوم تمكنا من قلب الأنظمة القائمة في معظم ممالك أوروبا، والبقية آتية لا ريب عما قريب، وثمة دول عديدة علاوة على الولايات المتحدة الأمريكية واقعة في شراكنا”. كما أن الصهاينة لم يألوا جهدًا للتغلغل إلى المراكز الحساسة في المؤسسات الدولية،

على ضوء هذه الحقائق أظننا ندرك بكل سهولة بأن الصهيونية العالمية هي التي تستثير الروح الصليبية في المسيحيين، وهي التي تلقنهم فنون صناعة المؤامرات وكيفية تمريرها، فجلّ ما نرى في عالمنا الإسلامي من مظاهر الفحش والمجون وتفكك الأسرة والصراع بين الأقطار المجاورة، والاضطرابات الطائفية والتطرف والقتل باسم الدين هي ،في غالبها، مما خرج من مختبر المؤامرات الصهيونية، وذلك حتى يفقد المسلمون مقوماتهم وتندثر معنوياتهم ويتهدم ما لديهم من روح المقاومة، فيصبح اليهود هم السادة والمسيطرون بدون منازع.

هذه كانت مجموعة من الأسباب التي تقف وراء المؤامرات على اختلاف أنواعها وأشكالها. ولكن لما كانت معرفة الأسباب لا تكفي وحدها لرفع الأزمة كان لابد من محاولة إيجاد الحلول الجادة لمواجهة هذه المؤامرات من اليهود وغيرهم ممن يكيدون لهذا الدين وأهله والنزول بها إلى الواقع العملي التنفيذي دون الوقوف عند مجرد الفكر النظري .. فلابد من:
1ـ أن تنهض في المحيط الغربي حركات دعوية قوية تحمل على عاتقها مهمة توضيح حقائق الإسلام ومبادئه السامية إلى كل شخص غربي أيًّا كان وأينما كان وذلك باستخدام كافة الوسائل والأساليب المتاحة والمشروعة.

2ـ أن ننشئ في المحيط الغربي شركات إعلامية ضخمة يكون من همها نشر حقائق الإسلام ومبادئه ووجهات نظره في القضايا العالمية عبر قنوات متعددة، كالصحف، والجرائد والإذاعة المسموعة والمرئية، والبث المرئي القضائي.

3ـ أن نقوم بتحصين الداخل ببرامج تربوية واسعة من شأنها أن تشيع التقوى بين المسلمين وتحرضهم على التزام الصبر والتحمل فالتقوى والصبر سبيلان مهمان لإبطال فعل المؤامرات أيًّا كان مصدرها. مصداقًا لقوله تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً)[آل عمران: 120].

4ـ السعي في نشر المنهج النبوي في التربية والتوعية، فقد كان من أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم أنه على الرغم من قضاء عمره كله في خضم المؤامرات الآتية من الجهات المختلفة، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يُذكّر الصحابة بتلك المؤامرات إلا نادرًا، بل كان صلى الله عليه وسلم دائم الاهتمام بغرس عظمة الله وجبروته في قلوبهم وتحبيب الإسلام والآخرة إلى نفوسهم، ومن عجب أنه في أول خطبه في المدينةلم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى ما لاقاه هو وأصحابه من قريش طيلة السنوات الماضية.
ولم يكن هذا شأن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم هذه فقط، بل إننا لو قمنا باستقراء شامل لما سجل عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث والخطب نجد أنه لا يركز على سرد المؤامرات إلا نادرًا، مما يعني أن السنة النبوية في تحقيق الحصانة الداخلية، هي السير على منهج تربوي إيجابي من شأنه أن يجعل كل فرد من أفراد الأمة الإسلامية، من حيث التقوى والصلاح، كالصخرة الصامدة التي لا تقدر حتى أشد تيارات المياه عتوًا من أن تزحزحها ولو قيد شعره.

5ـ إشاعة اليقين في المسلمين بموعود الله بالنصر إذا هم عادوا لدينه وتمسكوا به وعملوا بمقتضاه وقاموا لله بحق العبودية الصحيحة {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور:55) .

كان هذا جزءًا من حقيقة المؤامرات التي تحاك ضد الدعوة وأصحابها، وكانت هذه بعض سبل المواجهة لتلك المؤامرات، ولا شك أن هناك سبلا أخرى يمكن سلوكها وكل إنسان يخدم دينه بقدر طاقته وبحسب ما يفتح الله عليه … نسأل الله أن ينصر الدين ويخذل الكافرين والمغرضين ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *