الدلالات اللونية في لوحات التشكيلية المغربية سناء سقي

لمد جسر التواصل مع اللوحة يسعى الفنان إلى عرضها للقارئ/المتلقي أو التمعن والانتظار للاشتغال فيها وعليها أكثر، تستفزه أشكالها المنفصلة للألوان والاحتفاء بالوجوه والأسرار ورغبة التخفي، دوائر، جداول، رؤوسا مائلة، أشباحا، عيونا ترصد المتكرر، لكي تتحرر الرؤية العفوية بحس فني وحدس إشراك للقارئ في العملية الإبداعية. بعنفوان الألوان في ضربات ريشة الشاعرة والفنانة العصامية سناء […]

الدلالات اللونية في لوحات التشكيلية المغربية سناء سقي

[wpcc-script type=”28436c0c0c4fba3ca48c6090-text/javascript”]

لمد جسر التواصل مع اللوحة يسعى الفنان إلى عرضها للقارئ/المتلقي أو التمعن والانتظار للاشتغال فيها وعليها أكثر، تستفزه أشكالها المنفصلة للألوان والاحتفاء بالوجوه والأسرار ورغبة التخفي، دوائر، جداول، رؤوسا مائلة، أشباحا، عيونا
ترصد المتكرر، لكي تتحرر الرؤية العفوية بحس فني وحدس إشراك للقارئ في العملية الإبداعية.
بعنفوان الألوان في ضربات ريشة الشاعرة والفنانة العصامية سناء سقي هذا المفهوم/ السر، وهذا التشبث بأشكال وإغواءات الخطوط المائلة وتدفق الألوان، ترصدها العين بغواية شديدة وعفوية تسكنها وتفضحها. نبحث في طيات اللوحة عن صيغ ومكامن الجمال لذلك لا يمكن أن تتصور العالم بدون لوحة/ بدون الحصول على موطن الجمال.


إنها تعيد اللوحة/ صورة روحها القديمة، أعني بآليات جديدة تشحنها ببث الروح فيها من جديد، بعد أن ظلت سنوات قابعة في الظل والسكون. هذه العلاقة الحميمية بينهما مكثفة بخصوبة مرجل يغلي، وبين علامات وأنفاس اللوحة، تقول، إنها ليست وليدة اللحظة، إنها نتاج راهن زمني توقف النبض فيه سنوات، ثم عادت الروح إليه.. لتعيد أنفاسها المتقطعة (والمتقاطعة) وتبعث فيها الحياة بنظرة جديدة، ولمسة طفولية محددة، مكوناتها دليل نضج تجربة بوعي جمالي وقلق. إنها تلعب بأصابعها كما الطفلة تلهو بتخضيب الحناء، لتقدم لنا نماذج متأنية ومستعصية دالة.. تلهو باللوحة لتشكل العالم، تمحوه لتعيد تشكيله. يثيرها الحس الشاعري، حيث أن لمستها الشعرية جلية في أعمالها التشكيلية، فيه غموض ملتبس وروائح كثيرة فيها انعكاس وتناص، تقابل المستحيل الجميل بالواقع المؤلم، نلاحظ العناوين: عين الموج، حلم إفريقي، انتكاس، دمع وسمكة، خلف القضبان، الأبواب المجردة، روح المكان، الوجوه المغيبة، فيض الروح.

لوحاتها تطغى عليها عتمة وسواد غامض وأضداد ودوائر وتكرار لا يمنع من تواجد نتائج قريبة من حدود الشعري والفني، وهوس التداخل في تصوير الواقع بعين تجريدية وإعطائه عمقا دلاليا وهامشا بروح المغامرة.

تجعل المتلقي في ذهول تام، أعمالها القديمة لها حمولة الطفولة وتفاصيل الغياب، تنثرها بألوان زاهية مبعثرة. تشتغل على مساحات ضيقة وبعثرة الخطوط والكتل والأشكال بحس تجريبي. لها فاكهة الذكرى لعبور لحظات الانفلات، تخفي أشياء وتظهر أخرى، وما تخفي أكثر حضورا للقتامة والأحمر وجريان الماء والمثلثاث والمنحنيات والالتواءات مرفقا بالتكرار.
ريشة سناء في مساحة اللوحة، المخضبة بسيل الألوان، تمنح العين متعة هائلة من التصورات، وفرصا للاطلاع على ضربات المتخفي/ الشاحب بسرية تامة وبحس جمالي تبدده كمغامرة وليدة معاناة ومكابدة. تقول: إن ما لم تستطع كتابته ترسمه بأناملها وكأنها تخط هالة من ظلال الأسئلة في الألوان موعدا للانفعال والانفصال والاتصال، أبطالها شخوص ونماذج، بصمتٍ مطبق وألوان تتلاشى في الظل، كل لوحة تبوح، تحاول أن تنطق بالواقع ببهاء الجمال، تتقاطع مثل شلالات وارتحالات زاهية بالارتداد والانعكاس تحمل أكثر من معنى ودلالة، كأنها سمفونية تتدفق بتجلي الآنا والذات والآخر..
يمكن أن نقول، في لوحات سناء سقي أعمال تشي لمرحلة مهمة في حياتها الإبداعية، علاقتها بالشعر والخواطر مسيرة التقاء وتواشج بين الفن بالكتابة وتجربتها الثانية في ترجمة الفكرة الخيط/ الرابط بينهما، بل تبعث دفء النفس الأدبي في اللوحة، وترفع درجة منسوب العلاقة بينهما مع ترتيب وعي الذاكرة وما يتعقبها من قراءة وتمعن.
لوحاتها تطغى عليها عتمة وسواد غامض وأضداد ودوائر وتكرار لا يمنع من تواجد نتائج قريبة من حدود الشعري والفني، وهوس التداخل في تصوير الواقع بعين تجريدية وإعطائه عمقا دلاليا وهامشا بروح المغامرة. أعمالها تتعدى لحظات الفوضى الخلابة إلى تلاشي الصفاء تتراوح تجربتها الفنية بين ما أنتجته سابقا ولاحقا وتوقف دام عقدا من الزمن، ومرحلتها الثانية بعد الغياب عالم ممتد، بمواد وتخطيطات تمثل جهدا جادا يرسم مسار حياة فنية متفجرة باللون والحركة وحرية الاشتغال والترميم.
إنها تحقق بذلك متعة للعين وندرك بصبر وتأن عمق وأثر اللوحة وقوة توظيفها للقصد وخطوطها الفاصلة وذلك يشي بالزهو والمتعة. ويبعث الدفء في اللوحة والعلاقة بينهما بترتيب الذاكرة على مخلوقات وأشباح وعيون وحيوانات، تمنحها حياة بنبرة حزينة ومناطق مشرقة تتحمس لها وتميل إلى كسر إطار اللوحة والانفلات منها إلى رؤية فنية جاهزة في ذهنها وتبلورها يعود إلى نبع ماء الماضي، ويد تلتقط العلبة السرية والبحث عن الكامن والدفين في الشيء العادي والمنفلت.

٭ شاعر من المغرب

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *