الرزق المالي: محصلة حتمية لقناعاتك المتطورة

"لقد خُلِقتُ فقيراً، وقدري أن أبقى كذلك بقية حياتي"، "إنَّ الأغنياء أشخاصٌ سلكوا الطرق الملتوية، فأصبح لديهم مالٌ وفير"، "اللّه يحبُّنا لذلك يختبرنا بالفقر"، "لا يجب أن أتمتَّع في الحياة الدنيا، فأنا إنسانٌ مؤمن، ومتعة الدنيا للضَّالين فقط"، نسمع هذه الجمل وغيرها الكثير في حياتنا يومياً، مُعبِّرةً بشكلٍ أو بآخر عن ثقافةٍ مجتمعيةٍ مشوَّشةٍ إلى حدٍّ كبير. سنناقش في هذا المقال الخطوات العملية لكي تبدأ مشروعك بقوةٍ وحيوية، بحيث يطغى الشغف والسعادة والرضا على حياتك.

Share your love

نسمع هذه الجمل وغيرها الكثير في حياتنا يومياً، مُعبِّرةً بشكلٍ أو بآخر عن ثقافةٍ مجتمعيةٍ مشوَّشةٍ إلى حدٍّ كبير، بحيث ساهمت في زعزعة مفاهيمٍ جوهريةٍ تخصُّ الإنسان ونظرته إلى نفسه وإلى اللّه والحياة، ممَّا أسفر عنه ضياعٌ كبيرٌ للأهداف والرؤى، واستبدالٌ خطير للقيم بالشهوات، وغيابٌ مؤلمٌ للشغف الحقيقي والمتعة والحيوية، وطمسٌ غريبٌ للرسالة الحقيقية للإنسان.

سنناقش في هذا المقال الخطوات العملية لكي تبدأ مشروعك بقوةٍ وحيوية، بحيث يطغى الشغف والسعادة والرضا على حياتك.

1. نسف المعلومات الخاطئة والمُعيقة للتقدُّم:

يتبنَّى الكثير من الأشخاص معلوماتٍ كثيرةً مُعِيقةً للتقدُّم في الحياة المالية، دون أن يشعر بمدى تأثيرها في حياته، منها:

1. 1. يجب أن تكون البداية بمبلغ ماليٍّ كبير:

من أخطر الأفكار المغلوطة فكرة أنَّ على الإنسان أن يمتلك مبلغاً كبيراً من المال لكي يبدأ مشروعه، حيث تشير الدراسات إلى أنَّ 90 إلى 95% من كبار رجال المال قد بدؤوا بمشاريعهم من أوضاعٍ ماديةٍ صعبةٍ للغاية، مثل: عليهم الكثير من الديون، أو لا يملكون بيتاً للسكن ويعيشون بالإيجار.

1. 2. يجب أن أتعلَّم بشكلٍ كبيرٍ حتّى أبدأ في مشروعي:

لا يجب على الإنسان التعلُّم الكبير لكي يبدأ بمشروعه، بل عليه البدء بالخطوة الأولى، ومن ثمَّ يتعلَّم لكي يخطو الخطوة التالية، وهكذا. فالتعلُّم عمليةٌ تراكمية، ولا تأتي دفعةً واحدة.

يقع أغلب الناس في وهم النتيجة، فيركِّزون عليها، وعندما يرون أنَّها تتطلَّب الكثير من المعلومات والتَّعب، يهربون من العمل وتفتر همَّتهم. لكن عليهم عوضاً عن ذلك، أن يفكِّروا في أنَّ العِبرة في الطريق وليس في النتيجة، حيث تكمن السعادة في الطريق.

ابدأ الخطوة الأولى، وفي أثناء السير على الطريق ستأتي كلُّ المعلومات إليك، وكلُّ السُّبل التي ستنير دربك.

1. 3. أنا إنسان ضعيفٌ وبسيط:

خلقنا اللّه خلفاء على الأرض، ودعانا إلى إعمار أنفسنا، قال تعالى: {وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}. فالرسالة الحقيقية للإنسان هي إعمار ذاته، بحيث يفيد نفسه والآخرين، وعلى مقدار إعماره ستكون نتيجته في الحياة الآخرة.

فكيف يجد الإنسان نفسه ضعيفاً، إن كان اللّه قد جعله خليفةً على الأرض؟

1. 4. سأنتظر ريثما تأتي الفرص:

ينتظر الكثير من الناس ظروف البلد حتَّى تتغيَّر، أو دخول شخصٍ إلى حياتهم، أو ربح جائزةٍ ماليةٍ ما حتَّى يقوموا بالخطوة الأولى في طريق مشروعهم.

في الحقيقة، لا تأتي الفرص بدون سعي، لذا اتَّخذ سبع خطواتٍ في طريقك، وعندها ستنهال عليك الفرص الرَّائعة.

1. 5. أنا ضحيَّة:

يتقمَّص الكثير من الأشخاص دور الضَّحية في حياتهم، مُعلِّقين فشلهم على الظروف أو الأهل أو القدر، مُحوِّلين ذواتهم إلى أسرى للظروف، غير واعين أنَّ كلَّ إنسانٍ هو المسؤول الأول والأخير عن حياته، وأنَّ لدى كلِّ شخصٍ طاقةٌ لا محدودةٌ من الطاقات والإمكانيات.

2. البدء من الصِّفر:

يُقال أنَّ “الطبع يغلب التَّطبع”، وحقيقة الأمر أنَّ “الطبع يُنسَف بالتَّطبع”، فقد أثبتَ علماء الأعصاب أنَّ الدماغ البشري في غاية اللُّدونة العصبيَّة، وأنَّ باستطاعتنا تغيير أيِّ صفةٍ لدينا من خلال التدريب والتكرار، حيث ستُنشَأ ممرَّاتٌ عصبيَّةٌ جديدةٌ للصفة الجديدة، فاسحةً المجال لتغييرٍ جذريٍّ في الشَّخصية.

لذلك لا يوجد صحةٌ لمقولة “لقد كبرت، وهذا طبعي، ولن أتغيَّر مُطلقاً”، فالشيء الثّابت في الحياة أنَّه “لا يوجد شيءٌ ثابت”.

امسح كلَّ التَّشويشات من حياتك (ظروفك، وجنسيتك، وجنسك، وأهلك، وغيرها)، وابدأ صفحةً جديدة. ابدأ الآن من جديد، وبالشخصيَّة التي تتمنَّاها، وبالشغف الساكن في روحك، وبالطاقة الكامنة في أعماقك، وبالأحلام المُؤجَّلة التي تنتظرك.

إنَّ حالة البدء من جديدٍ تُنعِش روحك، وتُعيد حيويَّتك، وتمنحك فرصةً رائعةً لعيش ما تتمنَّاه. ولا تكترث إلى كلام الناس السَّلبيين الذين سيعيقون تقدُّمك، أو يهزأون بنيَّتك، أويذكِّرونك بالأفعال التي فعلتها في الماضي؛ ابقَ متمسكاً بهدفك ولا تعبأ بهم.

3. اكتشاف كنوزك الداخلية:

3. 1. أنت غني:

اللّه عادل، لكن هناك شخصٌ استخدم ما لديه من طاقاتٍ وكنوز، وشخصٌ لم يسعَ حتَّى إلى البحث عنها واكتشافها. لذلك على الإنسان الوعي لحقيقة أنَّ لديه شيءٌ ما، أو شغفٌ ما، وعليه أن يكتشفه ويحوِّله إلى قيمة.

فإذا قمنا ببحثٍ عن أغنى أغنياء العالم، ووجدنا أرقام ثرواتهم الطائلة، علينا أن نعي ونؤمن أنَّ لدينا طاقاتٍ تعادل ثرواتهم لكنَّنا لم نستخدمها.

3. 2. أنت لستَ ما أنتَ عليه، بل أنتَ ما تستطيع أن تفعله:

لكي تحرِّض نفسك على الإنجاز والانطلاق، اسأل نفسك: “إن كان اللّه معي، وقد كرَّمني على سائر المخلوقات، فما بإمكاني أن أفعل؟”.

كيف أعيش حياتي؟ وماذا عن طاقاتي؟ ماذا عن شغفي؟ هل استثمرته؟ هل آمنت بذاتي وقدراتي؟

3. 3. ما هي قيمتك؟

الأشخاص الذين يجنون أرباحاً كبيرة، إمَّا أن يكونوا قد قدَّموا قيمةً عاليةً جداً، أو شهوةً عاليةً جداً؛ فالقيمة والشَّهوة كلاهما يحقِّقان المال، لكنَّ السعادة الحقيقية والمتعة لا تتحقَّقان إلَّا مع القيمة.

اسأل نفسك: “هل تريد أن تبقى موظفاً منتظراً حلول آخر الشهر لكي تُعطَى دخلك الشهري الزهيد؟ أم أنَّك تستحق حياةً أفضل ودخلاً أفضل؟”، “هل تريد أن تكون أنتَ المشروع والقيمة والأساس، وليس التابع والمرؤوس؟”.

يسير الكون كلُّه بالمقايضة، قيمةٌ مقابل قيمة، ويتحدَّد دخلك المالي بمقدار القيمة التي تقدِّمها وعدد المستفيدين منها. على سبيل المثال: اسأل نفسك، إن كان هناك شخص أخصائي تنميةٍ بشرية، ويتحدَّث إلى آلاف الأشخاص، ويتابعه الملايين على صفحات التواصل الاجتماعي، ويقدِّم قيمة إلى الناس تكمن في إرشادهم إلى طريق السعادة، وكسر كلِّ القناعات المُعِيقة لتقدُّمهم، كم سيكون دخله؟ وهل ستتهافت عليه شركات الإعلان ليُقدِّم دعاية لمنتجاتهم نظراً إلى شهرته؟ وهل سيكون دخله في ازدياد؟

عليك إذاً اكتشاف قيمتك التي تعشق العمل بها، ورسم الصورة الذهنية لهدفك، والبدء بالخطوة الأولى، ولكن تمهَّل ولا تتسرع الوصول إلى النتائج الباهرة، ففي أبحاثٍ عن الغنى والثراء تبيَّن أنَّ الإنسان يحتاج إلى 22 سنةَ عملٍ وسعيٍ حتَّى يصل إلى مليون دولارٍ كحسابٍ بنكيٍّ فائضٍ عن المتطلَّبات الأساسية المُحقَّقة (منزل جميل، وسيارة، وغيرها).

لكن السؤال هنا: كيف تكتشف قيمتك التي تعبِّر عنك؟

تكمن قيمتك في الشيء الذي تحبُّ أن تفعله بمتعة، وبدون ملل، وحتَّى بدون مال. تكمن في الشيء الذي تجد نفسك فيه طوال حياتك، ولن تسأم من أن تستيقظ من أجله كلَّ يوم؛ وفي أكثر شيءٍ تؤجِّل عمله في حياتك خوفاً من الفشل أو التغيير أو البدء من جديد.

استغلَّ وقتك بتنمية قيمتك، حيث أنَّ الوقت الممتلئ بأشياء مفيدةٍ سينعكس إيجابياً على كلِّ نواحي حياتك، ويطوِّر من شخصيتك ومهاراتك وأهدافك.

شاهد بالفيديو: كيف ترفع من قيمة ذاتك وتثق بنفسك أكثر

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/BmU-8HmN8R0?rel=0&hd=0″]

4. نوعية الأصدقاء:

تأكَّد أنَّ جزءاً كبيراً من العامل المسبِّب لعدم قيامك بخطواتٍ جديَّةٍ في حياتك فيما يخص شغفك، هو أصدقاؤك.

ركِّز على أن تكون طاقتك مركَّزة نحو أهدافك، وليس نحو الآخرين، فالكثير من الناس محترفون في امتصاص الطاقة فحسب، لذا انتقِ أولئك الأشخاص المشتركين معك في القيمة، والمُقدِّرين لطاقات الإنسان الاستثنائية.

5. قانون الاحتمالات:

تأكَّد أنَّ محاولاتك الفاشلة للوصول إلى هدفك هي في الحقيقة عوامل تساعدك في القرب من إصابة الهدف. فلا تتوقَّف يوماً عن رمي السهام لإصابة هدفك، فلابدَّ لسهمٍ ما أن يصيب الهدف.

6. الدعاية:

اليوم هو عصر الخدمات، لذا ابحث عن طريقةٍ تجعل من قيمتك خدمةً للآخر، وهنا عليك أن تحدِّد الفئة المستفيدة من خدمتك، وأن تُوجِّه دعايتك نحوها، فقد تُسوِّق بدايةً لقيمتك بالمجان، وتخدم الناس بالمجان، ريثما تتطوَّر وتصقل قيمتك أكثر، وتصبح من أصحاب الثروات.

الخلاصة:

تأكَّد أنَّ كلَّ مشكلاتنا في الحياة سببها أفكارٌ خاطئةٌ وأسلوب تغذيةٍ غير صحي؛ لذلك راقب عقلك وجسدك، واسأل نفسك: ما هي مدخلاتهما؟ عندها تستطيع تحديد شكل حياتك المُقبِلة.

 

المصادر:  1 ، 2

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!