الرشوة وتحريمها في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

إياكم والرشوة

الحمد لله الواحد فلا يجحد الأحد الذي في صمديته تفرد سبحانه سبحانه نواصي العباد بيديه وأمرهم كله إليه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير خلقه ورضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين وبعد .

عن عدي بن عمير الكندي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ لَنَا عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا منه مِخْيَطًا، فَمَا فَوْقَهُ ، فَهُوَ غُلٌّ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ”

عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة المداهنة أليمة وعاقبة المحباة على حساب الحق قاسية

الإمام الأوزعي رضي الله تعالى عنه وأرضاه يروي أن سيدنا عمر رضي الله عنه خرج في سواد الليل فرأه طلحة فذهب عمر ودخل بيتاً ثم دخل بيتاً أخر فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت وإذا بعجوز عمياء مقعدة فقال لها ما بال هذا الرجل يأتيك قال إنه يتعهدني منذ كذاوكذها يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى فقال طلحة سكلتك أمك يا طلحة أعثرات عمر تتبع إنه الذي كان يقول : لو عثرت بغلة في العراق لخفت أن يسألني الله عنها لما لا تمهد لها الطريق يا عمر

إفتخر فرعون بسلطانه لكن سلطان الله لا يدانيه سلطان قال فرعون(( وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ))   الزخرف: ٥١

لكن العاقبة أن الأنهار كانت تجري فوقه أجراها الله فوقه وجعله عبرة لكل معتبر إلى قيام الساعة((فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )) يونس: ٩٢

النمرود ابن كنعان وصل به جبروته إلى أن((أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ  )) البقرة: ٢٥٨

في تحدٍ لله المحي والمميت جل جلاله عاقبه الله ببعوضة صغيرة دخلت في أذنه فكان لا يهدأ له بالاً ولا يستقر له حالاً إلا إذا ضرب على أم رأسه بالنعال

يقول سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه من رد عن مسلماً مظلمة فأعطاه على ذلك قليلاً أو كثيراً فهو سحت

عن الرشوة ، قد جاء إلى الإمام الأوزعي رضي الله عنه رجلٌ يشكو ظلم والي بعلبك طالباً أن يكتب إليه رسالة لكنه أتاه بقلة عسل فقال الإمام الأوزعي إن شئت رددت القلة وكتبت لك إليه وإن شئت أخذت القلة ثم كتب للوالي أن يضع عن النصراني من خراجه وأخذ النصرني القلة والكتاب ومضى إلى الوالي فأعطاه الكتاب فوضع عنه ثلاثين درهماً بشفاعة الإمام الأوزعي رحمه الله

يا أبا هريرة إتقي المحارم تكن أعبد الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمن وإرضى بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس

الرشوة حرام وسحت وهدايا العمل غلول ومحق إنها تطمس الحق وتحجب العدل وتضيع الحقوق وتعطي ما لا يستحق على حساب من يستحق وتساعد على إخفاء الجرائم وستر القبائح وقلب الوقائع تدين بريئاً وتبرأ مجرماً وتقدم غير الكفء على الكفء ترفع الخامل وتخفض العامل وتنفع الغني القادر وتضر الفقير المحتاج تهدر المال العام وتعطل المصالح وتؤذن بهلاك المجتمع (( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ )) هود: ١١٣

الرشوة ، يقول الإمام مكحول الشامي رحمه الله ينادى يوم القيامة أين الظلمة وأعوانهم فما يبقى أحد من  من مد له حبراً أو حضر لهم دواة أو برا لهم قلماً فما فوق ذلك إلا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم

يقول صلى الله عليه وسلم : ” إن رجالاً يخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ”

الرشوة ، يقول سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه والذي نفسي بيده لا يسلم عبداً حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه ولا يكسب مالاً من حرام فينفق منه فيبارك فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده من النار إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن وإن الخبيث لا يمحو الخبيث

أما والله لو علم الأنام لما خلقوا لما هاجوا وناموا لقد خلقوا لأمر لو  رأته عيون قلوبهم تاهوا وهاموا ممات ثم قبر ثم حشر وتوبيخ وأهول عظام ليوم الحشر قد عملت رجال فصلوا من مخافته وصاموا ونحن إذا أُمرنا أو نهينا كأهل الكهف أيقاظ نيام.

العاقل من تدبر العواقب وحذر قوة المناقب وخشي عقوبة المعاقب وخاف سلب المسالب لأن الله طالباً وهو غالب ولأن عرض الدنيا إلى زوال ولأن حرامها ممحق ومسحق ومورث للوبال.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *