وهذا الإضطراب يصيب ما يزيد عن 2% من البشر في سن مبكرة ويستمر على شكل نوبات قد تستمر بضع أسابيع أو بضع شهور ، وقد يكون التكرار كل بضع سنوات أو كل بضع شهور وفي هذا المرض ثلاث مراحل مختلفة .
□ المرحلة الأولى وهي الزهو أو الهوس وفيها يرتفع المزاج ويشعر المريض بأنه في أحسن حال وقد تغلب على كل مشاكله ، ويكون لديه طاقه كبيره ونشاط زائد وكلام زائد وتدفق بالأفكار وتطاير من موضوع لأخر على سجع الكلام وليس المضمون ويشعر المريض بالقوة والعظمة ، وقد يتوهم أنه يملك الملايين من الدنانير ويبدأ بالتصرف على هذا الأساس ، ويتوارد في فكره العديد من المشاريع التي يرغب في تنفيذها ، وقد يصل فيه النشاط أن لا ينام ولا يتوقف عن الكلام و قد ينسى الطعام، وفي
□ الحالات الأبسط يكون النوم قليل والنشاط متواصل ، ومن الملاحظ أن المريض بهذه الحالة لا يكترث للقوانين والأعراف والأخلاق وقد يتصرف بما يتنافى مع أخلاقياته هو مثل أن يتهجم على فتاه أو أن تترك المرأة الحجاب وتخرج بملابس غير لائقة ، وكان هذا المرض في العصور القديمة يؤدي للوفاة بسبب الإرهاق والتصرفات الطائشة ، والمريض بالزهو قد يصبح عنيفاً إذا إعترضه أحد وحاول منعه من تنفيذ مشاريعه ومخططاته الكثيرة المتشعبة ، والزهو قد يسبقه أو يعقبه إكتئاب .
□ المرحلة الثانية من المرض هي الإكتئاب وهو نقيض الزهو فيه هبوط بالمزاج والشعور بالحزن واليأس والهم والغم وفقدان القدرة على الاستمتاع ، وفقدان القدرة على القيام بالعمل أو الدراسة أو أعمال البيت ، ويقل أكل المريض ونومه وحركته وتضعف ثقته بنفسه ويشعر بالصداع وألم الصدر والبطن والظهر ، ولا يرى من الأشياء إلا الجانب السلبي ويكرر التفكير بالخلاص من هذه المعاناة ويتمنى الموت ويفكر بالإنتحار وقد يقدم عليه ، ويشعر أنه فقد كل إمكاناته وقدراته والأمل في التحسن ، وإذا كان قد مر بحالة زهو إرتكب فيها الكثير من الأخطاء فتصبح هذه الأخطاء محط إهتمامه وتأنيب الضمير ، وقد يصل لتأنيب الضمير دون وجود مبرر لذلك ، ومن الحالات ما تكون بسيطة وقصيرة ومنها ما تكون شديدة وقد ترافقها أعراض ذهانيه كالهلاوس والأوهام ، فقد يشم المريض رائحة الموت وقد يسمع من يوبخه ويأمره بالإنتحار أو يرى الأموات في الأحلام وفي غير النوم ، وقد يصل الأمر به أن يرى جنازته .
□ المرحلة الثالثة وهي مرحلة الإستقرار وفيها يعود المريض للوضع الطبيعي تماماً ، وتمتد لفترات قصيرة أيام أو أسابيع أو شهور وأحياناً سنوات , وفي السنوات الأولى للمرض تكون هذه المرحلة هي الأطول ولكن إذا أهمل المرض ولم يعالج فإنها تقصر تدريجياً وتزداد حالات الزهو و الإكتئاب في المدة والشدة والتكرار و هذه الحالة قد تستقر بالعلاج .
□ وإذا ترك الزهو الاكتئابي بلا علاج فقد يكون له عواقب سيئة على الفرد وأسرته ومجتمعه ولكن إذا عولج فإنه يستطيع الإستمرار بالحياة بصوره طبيعيه إلى حد كبير .
□ وتلعب الوراثة دوراً مهماً في حدوث هذا المرض كما أن للشخصية والأحداث الحياتية دوراً في مسيرته وحاله ، وعلاج المرض يقوم على مبدأ معالجة الحالة ألأنيه أذا كانت زهو أو إكتئاب والبدء بالمعالجة الوقائية بمثبتات المزاج .
□ والإكتئاب يعالج بمضادات الإكتئاب والتي لا يجوز أن تستمر بعد إنتهاء الحالة لأن هذه الأدوية قد تعمل على زيادة حدوث الزهو وزيادة شدته ، وأما في الزهو فلابد من إستعمال مضادات الذهان والتي يحب البعض تسميتها بالمعقلات لوقف الحالة وبعد إنتهاء حالة الزهو لا يكون على الأغلب هناك حاجه لهذه الأدوية ، أما مثبتات المزاج أو الأدوية التي تنظم المزاج فهي أملاح الليثيوم أو مضادات الصرع والتي يجب أن تستمر في المراحل الثلاث ، وقد تكون منفردة في المرحلة الثالثة وهي الاستقرار ، وعلاج هذا المرض لا يوقف حتى لو ثبت المزاج لسنوات طويلة دون إنتكاس وكثيراً ما يخطئ المريض أو ذويه بإيقاف مثبت المزاج لأنه قد تحسن ولا يعاني من شيء ولعدة سنوات ، و ما هي إلا أيام أو أسابيع وأحياناً شهور حتى تعود دائرة المرض من الزهو للإكتئاب وهكذا ، والحالات البسيطة و المتوسطة هي الأكثر شيوعاً والتي تستقر بالعلاج ولا يبدو على المريض أي اثر للمرض ويكون تحت الإشراف النفسي المنظم ، وهناك حالات شديدة في حدتها وسريعة في دورتها فلا يكاد يخرج المريض من الزهو فيدخل بالإكتئاب دون فتره إستقرار أو لفترات قصيرة من الإستقرار ، وهذه الحالات تقتضي تدبيراً وعلاجاً أكثر دقه و تعقيد .
□ إن التطور الذي نم في معالجة هذا المرض في العقود الأخيرة كان تطوراً هائلاً ،ومازالت الخطوات متسارعة في البحوث التي تحاول معرفة الجينات ،التي تؤدي إليه وإمكانية الوصول لعلاج عن طريق الجينات وكذلك الأبحاث في مضادات الذهان والإكتئاب ومثبتات المزاج تتسارع في مختلف إنحاء العالم وتبشر بحياة أفضل ورعاية أرقى لهؤلاء المرضى وذويهم .