Istanbul
في حين ترسم إسرائيل، حدود التحرك نحو الوصول للمناطق الرخوة، والسيطرة على المضائق الحيوية في المنطقة، وفي ظل سعيها إلى تحقيق الإطباق على قوى النفوذ والتوسع الإقليمي، فإنها تستخدم دولا كمخالب لها، وتمتطيها عبر بوابة السلام.
وفي سياق محاولة إسرائيل، التوسع إلي ما بعد الشرق الأوسط، لزيادة مساحة التأثير حول العالم، لا سيما في جنوب آسيا، حيث الهند، التي نسجت معها علاقات حميمية، خلال العقدين الأخيرين، فإن هذا الأمر يتطلب ضمن خارطة النفوذ تحقيق خارطة الموانئ، كخارطة إجبارية مهمة للوصول لخطوط الملاحة المختلفة والتي لابد من تطويعها.
وفي مكان بارز من خارطة الموانئ، نجد (مضيق جبل على) بدبي، أحد أهم مرافئ الملاحة البحرية لنقل البضائع عبر العالم، فخط الهند الممتد لابد له أن يمر إلي إسرائيل من هناك.
لكن، هل هناك مخاوف من تحوّل السُفن الإسرائيلية التجارية، التي ستتنقل بين الموانئ، إلى عسكرية؟
يُفسَر سلوك الرغبة في التوسع لدى الدول، وفق مفهوم العلاقات الدولية، وبالأدق وفق النظرية الواقعية الجديدة، على نية الدولة في تحقيق رغبتها في التوسع، وحين الحديث عن تلك الرغبة، فلابد من قراءة سلوك الدولة ومشروعها ورغباتها المعلنة، حتى يستطيع الباحث تقييمها.
وهنا: نضع بعض النقاط المهمة التي تساعد في ذلك، وهي كالآتي:
-تقوم النظرية الأمنية الإسرائيلية، على التفوق، وبالتالي فإن أحد أهم متطلباتها هو التوسع الإقليمي، أو القول إن التفوق يتحقق عبر التوسع.
-إن الرغبة الأيديولوجية لدى إسرائيل، تقوم على أنها يجب أن تتم بين (الأزرقين) من علمها، وهما النيل والفرات، حيث أنها لم ترسم حدودها السيادية حتى الآن، وهو مؤشر مهم لرغبتها التوسعية.
-عندما تحدث الرئيس الإسرائيلي الراحل، شمعون بيرس في كتابه الشرق الأوسط الكبير عام (1996)، عن خطة التنمية الاقتصادية في المنطقة، فإنه ركز بشكل كبير على ضرورة توسع إسرائيل عبر بوابة السلام والتنمية والازدهار، فهي من منطلقه تدخل ضمن سياق التوسع الناعم في المنطقة.
-خشية إسرائيل من مخاطر التفوق التركي والإيراني في المنطقة، وهو الأمر الذي يتطلب التواجد في المناطق الرخوة والآمنة حالياً، ليكون في المناطق القريبة من تلك الدولتين، إذ يتغلب بذلك على أحد إشكالاته التي بناها تحت بند- الحرب خارج أرض إسرائيل- وهي أحد المبادئ السبعة لنظرية الأمن الإسرائيلي، مستثمراً بذلك حالة العداء بين دول الخليج (تحديداً السعودية والإمارات)- تجاه أنقرة وطهران، على قاعدة الحماية العسكرية لها من إيران، والقلق من توسع النفوذ التركي، وهذه بوابة مهمة للتحرك في هذا الاتجاه.
-تعمل كلاً من أمريكا وإسرائيل معاً للمحافظة على السيطرة على الشرق الأوسط، من جميع الاتجاهات، إذ تعتبر الموانئ والمرافئ أحد أهم تلك الوسائل، حيث أن الحرب التي تقودها الإمارات في مسألة الموانئ ما هي إلا بترتيب إسرائيلي لضمان تلك السيطرة.
-يمكن القول أن إسرائيل ووفق التقييم الجيوبوليتيكي، أنها بمثابة ثكنة عسكرية متقدمة لأمريكا في المنطقة، وإذا ما اقترنت بالتبعية، فإنها لابد أن تتوسع بناءً على السلوك التوسعي الأمريكي في العالم.
-وهنا: فإن المرور من خلال الإمارات السبع، بدءً من الفجيرة وصولاً إلي “جبل على”، فهي إشارة إلى أن هناك تطبيع ما بعده تطبيع، وسلام حتى النخاع ما بعده سلام، مع سبع إمارات صامتة، أمام هيمنة محمد بن زايد، وخططه الخُزعبلاتية.
الخلاصة:
لا تتحرك إسرائيل مع أي دولة إلا تحقيقاً لمصالحها، وحين نتحدث عن تحركها مع العرب، فإنه لا يُحمل على النوايا الحسنة البتة، حيث أن “الاستكبار” هو المسيطر على سياساتها؛ وإذا اعتقد بعض العرب أن تحوّلهم للحديث بالعبرية، قد يخلصهم من عقدة البعبع الإيراني في المنطقة حسب نظرتهم، أو ما يمكن قوله: الكذبة التي صدقها أصحابها كي تُمرر على الرأي العام العربي، من خلال العداء لإيران أولاً، فهم واهمون، والأيام وحدها التي ستكشف ذلك.