الشرود الذهني وأثره في الاهتمام

غالبية الناس تقضي أغلب وقتها شاردةً في أمور بعيدة كل البعد عن اللحظة الراهنة، لكنَّنا نادراً ما ندرك حقيقة أنَّ أذهاننا كانت شاردة؛ حيث أشارت الدراسات السابقة إلى أنَّ شرود الذهن له آثار سلبية في مزاجنا وحتى في صحتنا الجسدية. فما هو الشرود الذهني وأثره في الاهتمام. هذا محور نقاشنا في هذه المقالة فتابعوا معنا.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الباحثة حورية جزائري (Hooria Jazaieri)، والتي تُحدِّثنا فيه عن بحثها في أثر الشرود الذهني في الاهتمام.

أشركنا 51 شخصاً بالغاً، وأرسلنا رسائل إليهم مرتين يومياً لمدة تسعة أسابيع في أثناء تسجيلهم في دورة تدريب عن ثقافة التعاطف، وكانت هناك بعض الأمور التي تهمنا: أولاً أردنا معرفة مقدار الشرود في أذهان الناس ونوع الأشياء التي يفكرون فيها من موضوعات ممتعة أو محايدة أو غير سارة؛ ونظراً لأنَّ المشاركين كانوا مسجلين في دورة التأمل والتعاطف، أردنا أن نعرف – في يوم معين – ما إذا كانوا قد أكملوا نشاطات جدية مرتبطة بالتأمل والتعاطف وما إذا كانوا قدَّموا التفاتة لطيفة أو مفيدة لأنفسهم أو لشخص آخر.

قد تشمل سلوكات الاهتمام تجاه أنفسهم طلب المساعدة، أو الاعتناء بأجسادهم، من خلال النوم، أو اتباع نظام غذائي، أو ممارسة الرياضة، وممارسة نشاطات مهدِّئة، مثل: الطهي، والبستنة، والاستحمام، والتدليك، وقد تتضمن سلوكات الاهتمام بالآخرين السماح لشخص ما بالعبور أمامهم عند الخروج، أو الابتسام في وجه شخص غريب، أو التقاط قطعة من القمامة في الشارع، أو الإصغاء باهتمام إلى صديق.

أظهرت النتائج التي توصَّلنا إليها أنَّ الذهن الشارد يمكن أن يكون أقل مبالاة، وعلى وجه التحديد، إنَّ شرود الذهن في أفكار غير سارَّة أو محايدة، بدلاً من الموضوعات الممتعة؛ يُظهر سلوكاً أقل اهتماماً بالذات والآخرين، وفي الوقت نفسه، يُظهِر شرود الذهن في أفكار ممتعة المزيد من سلوك الاهتمام بالذات والآخرين.

بالنظر إلى الأبحاث السابقة التي تشير إلى أنَّ شرود الذهن يجعلنا غير سعيدين؛ وذلك لأنَّه من الممكن أن يؤدي تخيُّل الأحداث السلبية إلى توليد مشاعر سلبية تقلل تركيزنا وتؤدي بنا إلى تفويت فرص للاهتمام، وبالمقابل، عندما نفكر في أحداث إيجابية، قد نشعر بمشاعر إيجابية تعزز انتباهنا وتسمح لنا بالمشاركة الكاملة والاهتمام في اللحظة الحالية.

ولحسن الحظ، يشير بحثنا إلى أنَّ التدرُّب على التعاطف قد يمكِّننا من تغيير الأنماط المعتادة لشرود الذهن، فقبل المشاركة في برنامج التعاطف، كانت أذهان المشاركين تتشتت حوالي 59.1% من الوقت، وهي نسبة أعلى من الدراسات السابقة، والتي كانت بنسبة 46.9%، ومع ذلك، في نهاية البرنامج الذي استمر تسعة أسابيع، انخفض شرود الذهن انخفاضاً عاماً بنسبة 54.5%، بما في ذلك زيادة طفيفة في شرود الذهن في الأفكار الممتعة.

والأهم من ذلك، عندما أبلغ المشاركون عن ممارسة التأمل، فقد أبلغوا أيضاً عن حدوث شرود ذهني أقل في الأفكار غير السارة والمزيد في الأفكار الممتعة، ومن ثمَّ فقد يكون لممارسة التأمل بانتظام تأثير مزدوج يتمثل في زيادة وتقليل الأنواع المختلفة من شرود الذهن.

إذا وجدت عقلك غالباً ما ينجرُّ إلى الموضوعات السلبية، ففكر في تجربة بعض التمرينات وممارسة التأمل التي تُعد جزءاً من برنامج التدريب على تنمية التعاطف:

  • الاستقرار والتركيز الذهني: عندما تلاحظ أنَّ انتباهك قد شرد،أعده بلطف عن طريق التنفس المنتظم.
  • التعاطف مع من تحب: فكِّر في أحد أفراد أسرتك وتمنَّى له التوفيق، وفكر في وقت كان فيه هذا الشخص يعاني من صعوبات وتمنَّى له التوفيق.
  • التعاطف مع الذات: فكِّر في صورة عن نفسك وتمنَّى لنفسك التوفيق، وفكر في وقت كنت تعاني فيه من بعض الصعوبات وتمنَّى لنفسك التوفيق.
  • تقبُّل الإنسانية جمعاء: تخيل في ذهنك ثلاثة أشخاص مختلفين في حياتك: شخص قريب منك، وشخص تكنُّ له مشاعر محايدة، وشخص واجهت بعض الصعوبات معه، وفكر كيف يتمنَّى كل هؤلاء الأشخاص أن يكونوا سعيدين ويعيشوا بلا معاناة؛ فكل هؤلاء الناس بذلك سواسية.
  • التعاطف مع الآخرين: وسِّع نطاق وعيك ليشمل الأشخاص الذين يعيشون في منطقتك،أو مدينتك،أو بلدك،أو قارتك،وما إلى ذلك، وفكر في مدى رغبتك في أن تكون سعيداً، وكيف أنَّهم جميعاً يرغبون في الأشياء نفسها، وهكذا،فنحن جميعاً مرتبطون بعضنا ببعض.
  • التعاطف النشط: عندما تتنفس، تخيَّل نفسك تخلِّص الآخرين من الألم والمعاناة وعند الزفير،تخيَّل نفسك ترسل السعادة والحظ السعيد لهم.

شاهد بالفيديو: 7 طرق تساعد على تصفية الذهن

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/iRpVju56LdI?rel=0&hd=0″]

تضيف دراستنا إلى الدراسات المتنامية التي تشير إلى أنَّ عقولنا تشرد في أغلب الأوقات، وبينما يلقى شرود الذهن الكثير من الانتقادات، فربما لا يكون سيئاً كلياً، وما يبدو واضحاً على الرغم من ذلك أنَّه يمكننا تدريب عقولنا على تغيير حجم الشرود في أذهاننا واتجاهاته، وقد يكون هذا جزءاً ضرورياً كي نصبح أكثر تعاطفاً ورعاية لأنفسنا وللآخرين.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!