يولد المرء بإمكانيات هائلة للنمو والتطوّر جسدياً وعاطفياً وروحياً وفكرياً، وهو يحتاج الى السنوات والتقدّم في العمر كي يحقّق النضج المطلوب.

البيئة والشيفرة الوراثية تحدّدان الطريقة التي يتطوّر فيها المرء ويكبر ويشيخ.

وكلّما وسّعنا معرفتنا العلمية بجيناتنا، فهمنا أكثر تأثير نمط حياتنا على تفعيل بعض الجينات وتنويم وظائف أخرى.

وهو ما يحدّد كيفية تقدّمنا بالعمر.

عندما نكون في عزّ شبابنا، يكون احتياطنا الفيسيولوجي في أوجه، وهو يساعدنا في مقاومة الإجهاد البدني والعاطفي.

ومع الوقت، يتضاءل هذا الإحتياط فنستهلكه بوتيرة مختلفة كلّ حسب نمط حياته، فنصبح أكثر عرضة للأمراض الجسدية والنفسية.

ومع التقدّم في العمر، يصبح دمنا أكثر سماكة وأقلّ قدرة على التجدّد، ويضعف جهازنا الهضمي وتتضاءل قدرته على امتصاص الفيتامينات والمعادن، ويتكاسل عمل كبدنا فيتعامل بصعوبة أكبر مع الأطعمة الدسمة والأدوية والسموم.

أما الكلى فتصبح غير قادرة على تخليص الجسم من كلّ سمومه.

ويعاني قلبنا والأوعية الدموية من تجلّطات وانسدادات ومشاكل في كهرباء القلب.

كذلك تفقد الرئتان قدرتهما على ضخّ الأوكسيجين الكافي في الدمّ.

ويعاني الجهاز البولي التناسلي من سلس البول وتتراجع الوظائف الجنسية.

ومع الوقت،  نفقد التكتلات العضلية، وتصبح عظامنا أرقّ، ويستغرق الشفاء من أيّ كسر وقتاً أطول.

كذلك تتغيّر هرموناتنا، وتدخل النساء مرحلة انقطاع الطمث.

ويتأثّر دماغنا وتبدأ مرحلة التدهور المعرفي، حتى الخرف.

وتزحف التجاعيد فوق بشرتنا التي تصبح أقلّ مرونة ومقاومة للعوامل الخارجية، وأقلّ قدرة على الشفاء، وتتراجع كلّ وظائف بشرتنا بما في ذلك منع العدوى والحفاظ على درجة حرارة الجسم.

كذلك تتراجع وظائف السمع والنظر.

وتتراجع مناعتنا أمام العديد من الأمراض.

لكن الخبر الطبّي السارّ الذي يزفّه لنا التطوّر العلمي، هو انه يمكننا أن نفعل شيئاً حيال العديد من هذه التغيّرات العمرية، وذلك من خلال التقييم الصحيح الخاص بالطبّ الوقائي والتكاملي.

إذ يمكن للمرء أن يخضع لدراسةٌ مُفصّلة لتاريخه المرضي واستعداده للمرض، عبر نظام إلكتروني يشتمل على 250 مُتغيّر، ويتبع ذلك تقييمٌ لحالته الصحّية من خلال فحص بدني شامل يجريه طبيبٌ مُتمرّس في هذا المجال، وبناءً على النتائج تصدر التوصيات المُتعلّقة بالخطوات التالية الّتي قد تشمل المزيد من الفحوص وتعديل نمط الحياة بالكامل وتناول بعض الأدوية أو المكمّلات الغذائية.

الشيخوخة الناجحة تعتمد على العوامل الوراثية والنفسية –الإجتماعية.

وكلّما خفّفنا إمكانية إصابتنا بأمراض الشيخوخة، كلّما طالت سنوات حياتنا وتحسّنت نوعيتها.

اقرأ أيضاً: 

أشعة الشمس والتدخين ابرز أسبابها العوامل المؤدية لشيخوخة الجلد

طب الشيخوخة بين التطور والحاجة

ما هي التغذية المناسبة لكبار السن؟

الاكتئآب لدى كبار السن: أعراضه وعلاجه

كسور الورك عند كبار السن