الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية

الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية أمتنا مطالبة بإنهاء خلافاتها لحماية قضاياها الكبرى والمصيرية حذر الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية من تزايد المخاطر المحيطة بالقدس ومقدساتها الإسلامية في الآونة الأخيرة وطالب الأمة الإسلامية باليقظة الشديدة في مواجهة المؤامرة الصهيونية المست

الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية

**أمتنا مطالبة بإنهاء خلافاتها لحماية قضاياها الكبرى والمصيرية ***
حذر الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية من تزايد المخاطر المحيطة بالقدس ومقدساتها الإسلامية في الآونة الأخيرة.
وطالب الأمة الإسلامية باليقظة الشديدة في مواجهة المؤامرة الصهيونية المستمرة لاغتصاب القدس بعد تهويدها وطمس معالمها الإسلامية والعربية.
وقال: إنه لا مجال لاستعادة نهضة الأمة إذا استمرت القدس محتلة. وأدان مفتي القدس الممارسات الوحشية التي تقوم بها قوات الاحتلال، مؤكدا أنها تمارس القتل والقمع والعدوان الوحشي ضد الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق. ودعا المجتمع الدولي إلى أن ينهض لأداء واجبه في التصدي لذلك العدوان ومنعه وحماية الشعب الفلسطيني الذي يدافع بصدره عن حقوقه ومقدساته في مواجهة آلة التخريب الإسرائيلية التي تستخدم أحدث الأسلحة من طائرات ودبابات وراجمات صواريخ وغيرها.
وأضاف أن أمتنا مطالبة بإنهاء مظاهر خلافاتها واستعادة وحدتها وقوتها حتى تتفرغ لحماية قضاياها الكبرى والمصيرية. ودعا الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس _ في حواره مع “العالم الإسلامي” إلى إقامة اقتصاد إسلامي قوي لمواجهة مخاطر التكتلات العالمية، وحتى يتمكن المسلمون من تحقيق اكتفائهم من الغذاء والدواء ولا يعتمدوا على خصومهم.
وحذر من أن خصوم الإسلام في الغرب يصرون على تشويه صورته رغم وضوح حقائقه السمحاء وأهدافه النبيلة وغاياته السامية… وفيما يلي نص الحوار:
** تعاني القدس ومقدساتها بشكل يومي إجراءات إسرائيلية عدوانية تكشف عن إصرار قوات الاحتلال على المضي في مخططاتها لاغتصاب المدينة المقدسة بعد تهويدها والقضاء على عروبتها.. فكيف ترى مخاطر تلك الإجراءات العدوانية على مستقبل القدس ومقدساتها؟ ***
لم يعد يخفى على أحد، ليس في العالم العربي والإسلامي وحده، وإنما في العالم كله ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلية من أعمال عدوانية وتعسفية ضد القدس ومقدساتها الإسلامية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.
إن وسائل الإعلام المختلفة تنقل على مدار 24 ساعة يوميا صورا بشعة من الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني، ليس في القدس وحدها، وإنما في كل مكان على الأرض الفلسطينية.
والمؤسف أن المنظمات والمؤسسات العالمية التي طالما تحدثت عن حقوق الإنسان تدير ظهرها لحقوق الإنسان الفلسطيني.
إن قوات الاحتلال تمارس القتل والقمع والعدوان الوحشي ضد الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق، وكان يجب على المجتمع الدولي أن ينهض لأداء واجبه في التصدي لذلك العدوان ومنعه وحماية الشعب الفلسطيني الذي يدافع بصدره عن حقوقه ومقدساته في مواجهة آلة التخريب الإسرائيلية التي تستخدم احدث الأسلحة من طائرات ودبابات وراجمات صواريخ وغيرها.
ولقد شملت الأعمال العدوانية الإسرائيلية لتهويد القدس والقضاء على عروبتها مصادرة الكثير من الأراضي العربية داخل القدس القديمة وحولها، وزرع العديد من المستوطنات حول المدينة المقدسة من جميع الجهات لمحاصرتها وعزلها عن بقية المدن والمناطق الفلسطينية.
وسلطات الاحتلال الإسرائيلية ماضية في إقامة ما تسميه “القدس الكبرى” من خلال توسيع مساحتها باغتصاب المزيد من الأراضي العربية، الأمر الذي يكشف بجلاء أن خطرا شديدا يحيط بالقدس ومقدساتها، وأن هذا الخطر يتفاقم ويزداد يوما بعد يوم.
مخاطر الحفريات
** كيف ترى واجب الأمة الإسلامية في مواجهة تلك المخاطر المحيطة بالقدس ومقدساتها، خاصة أن الحفريات الإسرائيلية لا تزال مستمرة تحت أساسات المسجد الأقصى، وقد أحدثت خسائر عديدة في أساساته والطرق المؤدية إليه؟***
الحفريات الإسرائيلية المستمرة تحت أساسات المسجد الأقصى المبارك ومن حوله تهدد بانهيار المسجد المبارك أو أجزاء منه في أي وقت.
وقد حدث قبل أيام قليلة انهيار في الطريق المؤدي إلى باب المغاربة نتيجة تلك الحفريات التي تستهدف تقويض بناء المسجد الأقصى وهدمه، وإقامة هيكلهم المزعوم مكانه.
والاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك لا تتوقف عند هذا الحد، فكثيرا ما تقتحم قوات الاحتلال المدججة بالأسلحة ساحة المسجد الأقصى المبارك وتدنسها، وتمنع المصلين من الدخول إلى المسجد للصلاة.
ولعل ما يحدث في كل يوم جمعة من منع سلطات الاحتلال المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك أوضح دليل على عدم احترام الصهاينة معتقدات الآخرين ومقدساتهم الدينية.
والاعتداءات الإسرائيلية لا تتوقف عند هذا الحد، فقد تم تهجير قسرى للكثيرين من السكان العرب إلى خارج القدس بدون أسباب.
ولا يخفى على أحد المحاولات المتكررة من الصهاينة والمتطرفين اليهود لاقتحام ساحة المسجد الأقصى المبارك تارة لإقامة صلواتهم فيها، وتارة لوضع ما يسمونه حجر الأساس لإقامة هيكلهم المزعوم.
وفي كل مرة لا يسلم المصلون من أبناء الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الصهيوينة، فيسقط القتلى والجرحى بالعشرات.
كما أن مخاطر الحفريات لم تتوقف عند أساسات المسجد الأقصى المبارك، بل امتدت لتشمل العقارات الوقفية الأثرية الملاصقة لسور المسجد الأقصى من الجهتين الغربية والشمالية، وقد أحدثت تلك الحفريات تصدعات وشقوقا في تلك العقارات.
مؤامرة مستمرة
** هل ترى أن الأمة الإسلامية التي يزيد عددها حاليا على خمس سكان الأرض مؤهلة _ في ظل الظروف العالمية الحالية التي تتعاظم فيها التحديات من حولها في شتى المجالات_ للوفاء بدورها تجاه القدس؟ ***
أنت تسألني عن واجب الأمة الإسلامية تجاه القدس التي تضم قبلتهم الأولى ومسرى رسولهم صلى الله عليه وسلم.. وهل الأمة الإسلامية لم تدرك بعد واجبها تجاه القدس؟!
لقد ذكرنا في مناسبات عديدة أن القدس أصبحت يتيمة.. وأسيرة.. ويحاصرها التغريب والتهويد في محاولات مستمرة لاقتلاعها من جذورها الإسلامية العربية الممتدة في أعماق التاريخ.
ونحن نقولها صريحة واضحة، أنه لا مجال لاستعادة نهضة الأمة الإسلامية وقوتها وريادتها مادامت القدس محتلة.
ونهيب بأمتنا الإسلامية – حكومات ومؤسسات وشعوبا – أن تدرك حقيقة أن القدس في خطر، وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تلحقها قسرا وكراهية بلغة غير لغتها، بل تجبرها على لغة لم تكن لغتها في يوم من الايام، وتنفذ مؤامرة لطمس معالمها الحضارية الاسلامية، وتفريغها من أصحابها الأصليين.
والمتابع الدقيق لأحوال القدس وما يجري بها من مؤامرات ومخططات عدوانية سيجد أن أعداد العرب والمسلمين في القدس في تناقص مستمر.
فإذا أدركنا حقيقة أن هذا التناقص في أعداد العرب والمسلمين بالقدس يقابله في الوقت نفسه إقامة الآلاف من المساكن والمستوطنات لليهود في المدينة المقدسة لأدركنا حجم الخطر الذي يحيط بها ويتهددها.
إن الإحصاءات الحديثة تؤكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية أقامت في السنوات القليلة الأخيرة اكثر من مائة ألف وحدة سكنية لليهود في القدس، بينما لم يتم إقامة مسكن واحد لعربي أو مسلم.
إن الأمانة العامة تفرض علينا أن نصارح امتنا بما قد لا يخفى على كثيرين من المخلصين من أبنائها، وهو أنه لا سبيل لإنقاذ القدس وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي إلا بتكاتف الأمة الإسلامية، وإنهاء مظاهر خلافاتها، واستعادة وحدتها حتى تتفرغ لحماية قضاياها الكبرى والمصيرية وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس ومقدساتها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
ولا يخفى على منصف أن بقاء الاحتلال الإسرائيلي يعوق تقدم الأمة، ويعرقل جهود استعادة نهضتها.
استعادة الوحدة
** أكدتم أهمية استعادة الأمة الإسلامية لوحدتها وسيادتها وقوتها حتى تتفرغ لمناصرة وحل قضاياها الكبرى والمصيرية.. فمن أين تبدأ الأمة_ في رأيكم_ الطريق لاستعادة وحدتها؟ ***
على أمتنا أن تبدأ العمل لاستعادة وحدتها وقوتها وسيادتها وتعاونها من كل طريق يوصلها إلى هذا الأمل ويحقق لها هذه الغاية.
يجب على المسلمين جميعا أن يبدأوا تعاونا جادا في جميع المجالات، وأن يدركوا أن”الوحدة” تمثل أهم خصائص الأمة الإسلامية، وأعظم مميزاتها.
وقد تحدث القرآن الكريم عن أهمية وحدة الأمة في مواضع عديدة.. فقال عز وجل: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}.
وحذر القرآن الكريم من أسباب الخلاف والفرقة، فقال عز وجل:{وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.. وقال عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}.
فالمسلمون مطالبون بالتنسيق الجيد في المجال السياسي لاتخاذ مواقف موحدة تجاه القضايا الإسلامية المصيرية، وإقامة تكامل اقتصادي إسلامي قوي لمواجهة مخاطر التكتلات الاقتصادية العالمية.
إن العالم يشهد متغيرات اقتصادية متعاظمة من شأنها الإضرار باقتصاديات العالم الإسلامي إذا ظلت ضعيفة مفككة، ومن هنا تبرز أهمية بناء اقتصاد الأمة لتوفير احتياجاتها الأساسية من الغذاء والدواء، وعدم الاحتياج إلى خصومها وأعدائها في شيء من ذلك.
وعلى أمتنا الإسلامية أن تتعاون في سبيل تربية الأجيال المسلمة الجديدة تربية إسلامية صحيحة تحصنها في مواجهة مخاطر التيارات الفكرية المنحرفة التي تستهدف العصف بقيمها والقضاء على هويتها الإسلامية، وتخريب مجتمعاتها، ونهب أوطانها وثرواتها.
وليس هناك أفضل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لتنشئة الأجيال المسلمة الجديدة عليها، ذلك أن ربط الناشئة بالقرآن والسنة من شأنه حماية مستقبل الأمة الإسلامية من المخاطر المحدقة بها، فلا يخفى على عاقل أو منصف أن الشباب المسلم هم أمل الأمة الإسلامية في حاضرها ومستقبلها.
كما ينبغي أن تنهض الأمة الإسلامية إلى بناء إعلام إسلامي قوي قادر على بيان حقائق الإسلام والوصول بها إلى آفاق أرحب واعظم من العالم المعاصر، إضافة إلى دحض شبهات خصوم الإسلام ودعاواهم الزائفة التي يستهدفون بها تشويه صورة الإسلام، وربطه بالإرهاب والعنف ظلما وعدوانا.
إن أمتنا في حاجة ملحة إلى استعادة وحدتها وقوتها في هذه المرحلة الحرجة من حياتها، ولا ينبغي أن يطول البحث عن إجابة للسؤال.. من أين نبدأ؟
وإنما علينا أن نبدأ فورا، وفي كل المجالات، قبل أن تتجاوزنا الأحداث ولا نجد لأنفسنا مكانا أو مكانة في هذا العالم المعاصر الذي امتلأ بالتناقضات في جميع الميادين، وليس بالمتغيرات فقط.

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *