الشَّوَاهِدُ
[wpcc-script type=”a582634cbe3276c02b5d1902-text/javascript”]

الشّواهِدُ بيْضاءُ
تلْبَسُ حُلَّتَها المَنْزِلِيَة دونَ تَكَلُّفِ
في مهْرَجانِ العَزاءِ
وتمْضِي معَ المَوْكِبِ المُبْعِدِ
تُحَرِّرُ عِطْرَ التّوابِيتِ مِنْ وَحْشَةِ الخُلْدِ
تحْرُسُ أسْرارَه من فُضُولِ العَشِيقاتِ
لا شيء ضِدَّ التَّقاليدِ في مسْرَحِ العَرْضِ
فالشّمْعَداناتُ بيْضاءُ
والوَرْدُ فوقَ أكُفِّ المُصَلَّينَ أبيضُ
والأرضُ آخِذَةٌ في البَياضِ لِمَا لا نِهايةَ
والبيتُ ـ إنْ شِئْتَ- أبيضُ
لا شيء أسْوَدُ غيرَ نوايا المُعَزّينَ
مأخُوذةٌ بالبياضِ المُسَجّى
على نعْشِكَ المُبْعَدِ
ولا شيء قَدْ يُفْسِدُ المَوْتَ في ذرْوَةِ العَرْضِ
أكْثَرُ مِنْ عارِضاتِ التَّماثِيلِ في أرْفُفِ الذِّكْرَياتِ
وبعْضُ الشّوَاهدِ لَمْ تَبْلُغِ القِبْرَ بعْدُ ولَمْ تَبْعُدِ
يُوشِكُ الوقتُ أنْ ينْقَضِي
ويَحِلُّ الظّلامُ السَّدِيمِيُّ منْ أخْمُصِ الأرضِ
حتى سٌقُوفِ البُرُوجِ المَشِيِداتِ
في الأنْجُمِ الأبْعَدِ
بطلٌ واحِدٌ يتَهَجَّى قُصاصاتِ أدْوَارِهِ
ويشُدُّ خُيوطَ المقاعدِ فوقَ رُؤُوسِ الشُّهودِ
ليُكْمِلَ مِنْ خارِجِ النَّصِّ مشْهدَهُ العّبَثِيَّ
ويسْدِلَ أستارَ مسْرَحِهِ في بَياضِ المَقاعِدِ
في صَمْتِها المُرْعِدِ
وأنا في ظلامِ الكَوَالِيسِ أُبْصِرُ في خَشَبَةِ الوَقْتِ
ما لا يَراهُ المُلَّقِنُ- مِنْ مقْعَدِي
تماثيلَ حُرْيَّةٍ بِيضَ
تُخْرِجُ – عِنْدَ الضَّرُورَةِ – ألْسِنَة بِيضَ
لِلعالِقِينَ على ناطِحاتِ الحَضاراتِ
لا يصْعَدُونَ إلى حُلمِهِمْ سالِمِينَ
ولا يَسْلَمُونَ منْ الحُلْمِ في المِصْعَدِ
والسّماواتُ والِغَةٌ في البّياضِ
أرى نجمة تَتَّهاوَى من الرَّاَيةِ الكَوْكَبِيَةِ
في رأسِ حاملِها الأجْعَدْ
وهُوَ يُصْلِحُ مِنْ وضْعِ قُبُّعَةِ البَطْلِ الأطْلَسِيّ
ويَسْنِدُ رُكْبَتَهُ في رِقابِ الشُّهودِ
بكُلِّ أرِيحِيَّةٍ ودمٍ باردٍ
كَهُواةِ التَّعارُفِ والباعَةِ الجائِلِينَ-
لِيَمْسَحَ أحْذِيَةَ الجُنْدِ في الَموْعدِ
لكنَّ أحْفادَ دارْوِنَ
لا يحْفَظُونَ الجّمِيلَ كعادةِ أسْلافِهِمْ
طَفَقُوا ـ مُنْذُ حطَّ أوَائِلُهُمْ-
يخْصِفُونَ على جسَدِ الآدَمِيّةِ من رِيشِ تَيجانِنا
لِيُوَارَوْا عنَ اللهِ سَوْءاتِ عصْرِ الفُتُوحاتِ
عصْرِ حُلُولِ قراصِنَةِ التِّيهِ
في رُوحِ تاريخِنا المُقْعَدِ
الخرطوم/ 8 يونيو 2020
• إلى جورج فلويد وهو يتنفس الصعداء يوم تشييعه