«الصباح»: «الدراري كيجيو برزقهم» وسخط ورضا الوالدين معتقدات تغذي التخلف!!

إذا كان بعض المتخصصين والمتتبعين قد رصدوا بعض المقولات الشعبية الدارجة على الألسنة، وبينوا مخالفتها الصريحة للدين والعقل، من قبيل "ربي كيعطي الفول غي لي ماعندو ضراس" و"محْدْ ليتيمة تبكي وربي يزيدها".. فإن "متخصصي" الجريدة المثيرة للجدل "الصباح" كانت لهم وجهة نظر مغايرة تماما فيما يخص هذا الموضوع.

«الصباح»: «الدراري كيجيو برزقهم» وسخط ورضا الوالدين معتقدات تغذي التخلف!!

«الصباح»: «الدراري كيجيو برزقهم» وسخط ورضا الوالدين معتقدات تغذي التخلف!!

هوية بريس – نبيل غزال

إذا كان بعض المتخصصين والمتتبعين قد رصدوا بعض المقولات الشعبية الدارجة على الألسنة، وبينوا مخالفتها الصريحة للدين والعقل، من قبيل “ربي كيعطي الفول غي لي ماعندو ضراس” و”محْدْ ليتيمة تبكي وربي يزيدها”.. فإن “متخصصي” الجريدة المثيرة للجدل “الصباح” كانت لهم وجهة نظر مغايرة تماما فيما يخص هذا الموضوع.

حيث خصصت اليومية المذكورة صفحة كاملة في عدد اليوم الأربعاء 18 يناير 2017 لما أسمته “معتقدات مغربية تغذي التخلف”، وعدت ضمن ما يغذي هذا التخلف مقولات شعبية من قبيل: “الدراري كيجيو برزقهم” و”السخط والرضا” و”نار جهنم”..

“الدراري كيجيو برزقهم”

“الصباح” استعانت لتمرير طرحها بالمحلل النفسي “جواد مبوكي” الذي تحدث عن التأثيرات النفسية لهذه المقولات المغربية التي تحولت إلى معتقدات، حيث حكم مبوكي بداية على المغاربة بأنهم ينظرون إلى الأطفال على أنهم استثمار أو لعبة يناصيب “تجعل المغاربة في نهاية المطاف مواليد صدفة لا تخطيط“، واعتبر المحلل المكناسي أن مقولة “الطفل كيجي برزقو” معتقد خاطئ ونتاج اعوجاج في فهم الدين، ودعا المغاربة إلى الكف عن النظر إلى الطفل أنه “حل لمشاكلنا أو علاج لوضعياتنا”.

وهذا ما يثير الدهشة والاستغراب فعلا، على اعتبار أن المغاربة حينما يقولون ذلك فإنما يقصدون به قول الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ)، أي أن رزق الولد تكفل به الله تعالى، وهذا شيء ملموس حتى واقعا، بل هو من صلب الإيمان بالله باعتباره الخالق الرازق المدبر، وهذه عقيدة لا يجادل فيها مسلم.

ورغم ذلك فالمغربي حين يريد الإنجاب يأخذ بالأسباب ويبحث عن مصادر الرزق ثم يتوكل بعد ذلك على الله سبحانه، لكن مشكلة “الصباح” ومحللها أنهم ينظرون إلى الإنجاب والأولاد والرزق من جانب مادي محض فقط، انطلاقا من مرجعية علمانية.

“السخط والرضا” الديكتاتورية الدينية

لم يقف الأمر لدى “الصباح” عند الحديث عن رزق الولد، بل تعداه ليشمل “سخط ورضا” الوالدين الذين اعتبرهما محللها ديكتاتورية دينية، “يعترض بها الوالدان على رغبة الأبناء في الاستقلال عن الأسرة”، فرغم إشارة “خبير” الصباح إلى مكانة رضى الوالدين إلا أنه بالنسبة له “لا يستقيم أن نطالب بالحقوق والديمقراطية في وقت مازالت فيه الديكتاتورية المتمكنة سائدة داخل بيوتنا“.

ولا يخفى ما في المبالغة في رضى الوالدين من الأجر والفضل، وقد ورَد ذلك في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل في جميع الشرائع والأديان السابقة، وهذا النوع من الخطاب الذي تسوقه “الصباح” من شأنه أن يهدد استقرار الأسر، والعلاقة بين الوالدين والأبناء.

نفاق الحلال والحرام

التمييز بين الحلال والحرام، اعتبرته اليومية المثيرة للجدل، “نفاق الحلال والحرام”!!! وأكد محللها أن “البحث الشخصي والفردي، المرتكز على حرية الفكر والوجدان، وحده ينتهي بالفرد إلى التوصل إلى حالة التشبع بقيم الدين ويصبح جزء منه ويحصل امتلاكه“، ذلك أن العلماء والفقهاء -عند معدي الورقة مثار النقاش- يمثلون بالنسبة لهم خطرا كبيرا، لأنهم لا يقدمون سوى قراءة شخصية للنصوص الشرعية.

وهذه شبهة بليدة وبائدة، لأن من يتحدث بهذا الكلام لا يقدم أيضا سوى قراءة لمفاهيم سمعها أو قرأها من قبل، أما العلماء والفقهاء فهم أناس عاديون تخصصوا في العلوم الشرعية، وبناء عليه صارت لهم الأهلية للحديث بلغة الشرع، والأمر في الإسلام يختلف عنه في النصرانية التي تحرم على غير الإكليروس النظر في النصوص الدينية، بل الأمر مسموح به لكل من توفرت فيه الأهلية.

قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، و”أولي الأمر منه“، هم أهل الفقه في الدين (العلماء والفقهاء).

فقهاء يكبحون التقدم

“الصباح” كانت صريحة أكثر من اللازم ووفية لخطها التحريري (العلماني المتطرف)، إذ خصصت في صفحتها المذكورة عمودا كشف بكل وضوح الغرض من وراء هذا الهجوم والعدوان على علماء المسلمين وقيم المجتمع وأخلاقه السامية.

حيث نقلت عن “خبيرها” أن “الاعتقاد المترسخ الذي يعتبر الدين علما هو السبب وراء كثير من مظاهر الجهل والتخلف والتطرف التي تعيشها مجتمعات كثيرة بينها المغرب“، مشددا على أنه “عندما يفهم الناس الوظيفة والمعنى الحقيقيين للدين ستنتهي السيطرة عليه من قبل الفقهاء، مما سيسمح باختفاء كثير من المظاهر السلبية في شوارعنا ويستأنف قطار التقدم سيره العادي بدون عرقلة“.

فعلوم الدين كلها بالنسبة لهم ليست علما، بل هي سبب تفشي مظاهر  الجهل والتخلف والتطرف أيضا، والحل الوحيد للخروج من ذلك هو تبني الدين الطبيعي، كما نص عليه الفلاسفة، وهو الذي يكون فيه الإنسان مستقلا بعقله في علاقته مع الله تعالى، ولا يحتاج في ذلك إلى إيمان بالوحي والنبوة والكتب المقدسة.

[email protected]

Source: howiyapress.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *