
أ.د نضال يونس
صحيفة “الغد” التي احتلت الصدارة بين الصحف الأردنية ، لم تصل إليها بمبررات خاصة عندما اختارتها لجنة مختصة من وزارة العدل لتحديد الصحف الاوسع انتشارا فى الاردن حسب “تعليمات تحديد الصحف الأوسع انتشارا لعام “2019”، وإنما نتيجة لانتظامها وأماكن توزيعها وعدد النسخ التي تطبعها، وحجم مبيعاتها وسهولة وصولها الى القرى والمحافظات الاردنية.
فمنذ صدور العدد الأول عام 2004 ، كانت صحيفة الغد اضافة نوعية للصحف الاردنية الورقية عندما فتحت الأذهان على اهمية رفع سقف الحرية الإعلامية، وعمدت الى ترسيخ مبادئ الاستقلالية والمصداقية والموضوعية في نقل الخبر الصحفي، وإعداد التقارير والتحليلات السياسية والثقافية والاقتصادية بحرفية عالية، وهى من رشحتها هذه الأعمال للنجاح..
وإذا كانت المملكة وهي تحتفل بالذكرى الاولى لمئوية التأسيس قد اختزلت المسافات وشيدت الطرق، وشهدت أكبر حركة بناء في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة والإصلاح السياسي، فان التطور الاعلامي والحرية الصحفية، لا يقل قيمة أواهمية عندما نرى الدولة الاردنية تنهض للدخول فى مصاف الدول المتقدمة علما وفكرا وادارة ، طمعاً في تأسيس بنية قابلة للتطور والاستدامة..
فالتميز الإعلامي والنجاح الصحفي في وقت يعيش العالم فيه حالة من الاصطفاف والانقسام والاضطراب الصحي والتراجع الاقتصادي، وحروب على جبهات متعددة، ليس بالأمر الهين، والإعلام “الحر” الذى ينطلق ليأخذ مكانه الصحيح من خلال جهود ترى في العلاقات الإنسانية طريقاً للتفاهم والتعايش والتعاون، ويمارس دوره كسلطة رابعة تتابع الحدث وتقيمه، وتشيد بمواطن القوة وتنتقد الضعف والترهل بلا خوف او تردد او رياء، ليس بالأمر السهل.
على أبواب المئوية الثانية للدولة الاردنية ما يزال مجتمعنا فتيا، وبحاجة إلى اقتصاد قوي، وتنمية مستدامة فى كافة المجالات، وبلدنا مفتوح يعيش فى قلب الحدث، يتأثر بما يدور من حوله، ويتبادل المصالح ويتفاعل مع شعوب العالم بما يخدم مشاريعه ومصالحه، باستقلالية ودون إملاءات، أو استقطاب لأي طرف خارجي مهما علا مركزه أو قوته، ونظامنا ينزع نحو مزيد من الحريات والتحول الديمقراطي، وصمام الامان في ذلك كله صحافة حرة نزيهة وذات مصداقية عالية ..
صحيفة “الغد” نجحت في مزج السياسة بالاقتصاد، والتنمية المادية مع البشرية، والنقد الجارح مع الاشادة، فكانت بالفعل جريدة اللحظة التى حصدت موقع الصدارة بين الجرائد الاردنية فى سعة انتشارها، فكانت كما يقول الأخطل الصغير..
“سيّان عند ابتناء المجد فى وطنٍ من يحمل السيف أو من يحمل القلما”..