قال الله تعالى: (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ) (إبراهيم:31).
وقال الرسول _صلى الله عليه وسلم_: “ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة” [في الصحيحين]. والمتأمل للنصوص التي جاءت آمرة بالصدقة مرغبة فيها يدرك ما للصدقة من الفضل الذي قد لا يصل إلى مثله غيرها من الأعمال.
وللصدقة فضائل عظيمة فهي تطفئ غضب الله سبحانه وتعالى, وتمحو الخطيئة، ووقاية من النار, وأن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة, والصدقة دواء للأمراض البدنية, وفيها دواء للأمراض القلبية, وصاحب الصدقة يبارك له في ماله, إضافة إلى ما يحصل للمتصدق من انشراح الصدر، وراحة القلب وطمأنينته.
فهل يُعقل لصاحب العقل السليم أن يفرط بكل هذه الفضائل الجمة!, ومما يلاحظ في هذا العصر انتشار العديد من الوسائل التي تساعد على القيام بالصدقة بكل سهولة ويسر وهذه الوسائل أوجدت ما يسمى “بالصدقة الإلكترونية”.
ومفهوم الصدقة الإلكترونية ببساطة هو: استخدام الوسائل الحديثة في التبرع بكل سهولة، وإتاحة المجال لأوسع شريحة من الناس في استخدام هذه القنوات للتبرع.
ومن النماذج المتعارف عليها للصدقة الإلكترونية ما يلي:
1. الصراف الآلي: حيث يمكن استخدام الصراف الآلي للتبرع، وذلك بالتحويل إلى حساب الجمعيات الخيرية من أي بلد وبأي مبلغ كان.
2. الأمر المستديم: هو أمر بنكي يتم من خلاله الاتفاق بين عملاء البنك من جهة والبنك من جهة أخرى، يتم من خلاله استقطاع مبلغ معين بصفة دورية (شهرية – ربع سنوية – نصف سنوية – سنوية) لحساب الجمعيات الخيرية.
3. الهاتف المصرفي: تتيح معظم البنوك خدمة الهاتف المصرفي خدمة لعملائها، حيث يمكنهم من خلاله التبرع لصالح الجمعيات الخيرية وذلك بالتحويل لحساب تلك الجمعيات.
4. أجهزة نقاط البيع: وهي أجهزة توضع في الجمعيات الخيرية يتاح من خلالها التبرع لصالح تلك الجمعيات من خلال استخدام بطاقة الصراف الآلي لأي بنك من البنوك ويمكن استخدام بطاقات الائتمان العالمية للتبرع كذلك.
5. الإنترنت: بدأ استخدام هذه الخدمة يتزايد يوماً بعد يوم خصوصاً مع سهولة استخدام الإنترنت، وأصبح بالإمكان الدفع عبر الإنترنت عن طريق بطاقات الائتمان العالمية. وبمكن من خلالها التبرع لصالح الجمعيات الخيرية.
6. رسائل الجوال: وظهرت فعالية هذه الطريقة بشكل رائع جداً لما تتميز به من سهولة ويسر فيمكنك التبرع لصالح جهة معينه بإرسال رسالة فارغة إلى رقم مخصص من قبل هذه الجهة, فمثلاً يمكنك التبرع لمرضى الفشل الكلوي بإرسال رسالة فارغة إلى الرقم 5060 ويستقطع مبلغ 10 ريال فقط لصالح مرضى الفشل الكلوي!
7. الواب (الجوال): تعد هذه الخدمة من أحدث الخدمات البنكية، حيث يتيح البنك لعملائه إجراء بعض العمليات المصرفية عن طريق الجوال، ومن تلك العمليات التحويل إلى حساب آخر. ويمكن من خلال الطريقة السابقة التبرع لصالح الجمعيات الخيرية.
8. مراكز الحوالات الخارجية: حيث يمكن من خلال هذه المراكز تحويل الأموال لأي مكان في العالم، ولا يُشترط أن يكون هناك حساب للعميل في نفس البنك، ويمكن من خلال هذه الخدمة التبرع لصالح الجمعيات الخيرية.
وما تتميز به هذه الوسائل من : سهولة الاستخدام, وتوفير الوقت والجهد للمتبرع وتخفيف بعض الأعباء عن كاهل العاملين في مجال جمع التبرعات بالجمعيات الخيرية يجعلها فرصة عظيمة لنيل أعظم الثواب بأبسط جهد.
ومن الجهات التي طبقت نظام الصدقة الإلكترونية حملة التبرع لدعم مرضى الفشل الكلوي والذي أطلقته جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، والتي انطلقت بالاتفاق مع شركة الاتصالات السعودية، عن طريق رسائل الجوال SMS حيث بلغت تكلفة الرسالة الواحدة 10ريالات، واستطاعت الجمعية تحقيق دخل ممتاز عن طريقها، وتسجل هذه الخطوة كأول جمعية خيرية في المملكة تستفيد من تقنية الرسائل النصية القصيرة SMS كمصدر دخل إضافي. ومنها أيضاً الجمعية الخيرية لمكافحة السرطان، والتي أطلقت حملة دعم وجمع تبرعات مؤخراً في العديد من مواقع الإنترنت.
ولعل أبرز المشاريع في هذا المجال، هو موقع الصدقة الإلكترونية ويعد الأكبر والأشمل تقريباً في هذا المجال، حيث يعد أول موقع تدريبي خاص لتنمية موارد الجمعيات الخيرية بالمملكة.
قال تعالى: “إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم” [البقرة: 271]. ومثل هذا النوع من الصدقات “صدقة السر” هو زورق من ركبه نجا، وعبادة من اعتادها طهر قلبه وهذب نفسه وعودها الإخلاص، حيث لا يعرفك أحد ولا يعلم بك أحد، غير الله سبحانه، فأنت عندئذ تقدم العبادة له وحده غير عابئ بنظر الناس إليك، وغير منتظر لأجر منهم مهما قل أو كثر. وهي وسيلة لا يستطيعها المنافقون أبدًا، وكذلك لا يستطيعها الكذابون؛ لأن كلاًّ منهما بنى أعماله على رؤية الناس له، وإنما هي أعمال الصالحين فقط. فنسأل الله التوفيق والسداد، والحمد لله رب العالمين.