أجرى الدراسة -حسب ديلي ساينس- الدكتور ماثيو ليهورو وزملاؤه بقسم العلوم البيولوجية والكيميائية بكلية كوين ماري بجامعة لندن، ونشرت نتائجها بدورية “الإيكولوجيا السلوكية والبيولوجيا الاجتماعية”.
والحقيقة أن البشر يعلمون القليل جدا عن الصراصير التي هي عمليا أقرب جيرانهم. وغالبا ما يفترض البشر أن الصراصير تبحث عن الطعام والماء بشكل فردي.
لكن هذه الدراسة تظهر كيف أن مجموعات الحشرات، كما يبدو، تتخذ اختياراتها جماعيا عن أفضل مصدر لطعامها، مما يفسر حالة شائعة لوجود الصراصير جماعيا بأعداد كبيرة تتغذى في المطبخ في وقت متأخر من الليل.
ولبيان النتائج المحتملة لهذه الدراسة، يقول الدكتور ليهورو إن الصراصير تكلف الاقتصاد البريطاني ملايين الجنيهات سنويا، طعاما مهدورا ومنتجات قابلة للتلف.
تحديد الفرمون
لذلك، “فإن فهما أفضل لطريقة الصراصير في البحث عن مصادر أو مخازن طعامنا تتيح لنا تطوير تدابير أفضل لمكافحة الحشرات، إذ إن التدابير الراهنة كثيرا ما تكون غير فعالة، وتنطوي على استخدام مبيدات حشرية يمكن أن تكون لها آثار صحية جانبية ضارة”.
وقد أجرى الباحثون تجربة على الصراصير، فأطلقوا الجائعة منها إلى ساحة بها كومتان من الطعام، تستطيع الاختيار بينهما.
رغم اقتناع الباحثين بأن الصراصير ترسل إشارات لنظرائها باستخدام “فرمون” البحث عن الطعام فإنهم لم يحددوا هذا الفرمون بعد
فلاحظ ليهورو وزملاؤه أن الصراصير، بدلا من أن تختار إحدى كومتي الطعام عشوائيا، وتنقسم إلى مجموعتين -كما هو متوقع لو كانت تتصرف بشكل مستقل أو تختار طعامها فرديا-، فإن معظم الصراصير تغذت على قطعة واحدة من الطعام حتى نفدت بالكامل.
ولدى متابعة الحشرات فرادى، تبين أيضا أنه كلما زاد عدد الصراصير التي تتغذى على قطعة واحدة، طال الوقت الذي يمضيه كل منها في التغذية. وكما هو تأثير كرة الثلج البسيط، تتجمع معظم الصراصير على مصدر واحد.
يفترض العلماء أنه بمجرد تحديد ماهية فرمون الصراصير (مركب كيميائي تفرزه ويؤثر في سلوكها وتواصلها فيما بينها) يمكن توفيره اصطناعيا واستخدامه لتحسين مكافحة الحشرات، بحيث تصبح عجائن المبيدات الحشرية أكثر فاعلية، أو يستخدم الفرمون لتصميم مصيدة صراصير بدون المبيدات الحشرية.
نماذج سلوكية
يضيف ليهورو أن هذه الملاحظات بجانب نتائج محاكاة نموذج رياضي تشير إلى أن الصراصير تتواصل من خلال اتصال وثيق فيما بينها لدى وصولها بالفعل لمصدر الطعام. وهذا بخلاف رقصة النحل أو مسارات النمل الكيميائية، وهي رسائل أكثر تركيبا، تقود الأتباع لمسافات طويلة.
ورغم اقتناع الباحثين بأن الصراصير ترسل إشارات لنظرائها باستخدام “فرمون” البحث عن الطعام فإنهم لم يحددوا هذا الفرمون بعد.
وتضم المركبات المرشحة كيميائيات في لعاب الصراصير أو هيدروكربونات سطوحها الخارجية التي تغطيها.
يقول ليهورو إن هذه الدراسة لا تقدم فقط أول دليل على أن الحشرات تبحث عن الطعام بشكل جماعي، بل تعطي تفسيرا بسيطا لذلك، وهو ما يمكن أن ينطبق على نطاق واسع على الحيوانات والبشر.
ويؤكد الباحث أهمية بذل مزيد من الاهتمام بالصراصير والمجتمعات البسيطة لأنها تزود الباحثين بنماذج سلوكية جيدة لعلاقات التعاون والخصائص الناشئة للحياة الاجتماعية، بل تسمح باستقراء مجتمعات أكثر تطورا.
المصدر: الموسوعه العربية