‘);
}

زيارة المسجد النبوي وآدابها

تعدّ زيارة مسجد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة من المستحبّات التي أجمع عليها علماء الأمة، وهي عبادةٌ، وقربةٌ للمسلم في أي وقتٍ، وقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ مسجده من المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرِِحال، حيث قال: (لا تُشدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرامِ، ومسجدِ الرسولِ صلّى اللهُ عليه وسلّم، والمسجدِ الأقصى)،[١] فإذا تمكّن المسلم من زيارة هذا المسجد الشريف فيجدر به أن يستشعر نعمة الله -تعالى- عليه، ويستحضر شرف المدينة التي جاء إليها، وهي المدينة التي عاش فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي دار هجرته، وفيها قبره، كما أنّها مهبط الوحي الذي كان يَنزل إلى رسول الله بالقرآن، وهي خير بقاع الأرض بعد مكة المكرمة، وبالتالي فينبغي للمسلم أن يستثمر وقته كلّه في تلك المدينة بالطاعات، وعليه أن يحرص حرصاً شديداً على أداء الصلوات في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ليحصل على الأجر الكبير المترتب على ذلك.[٢]

ويُسنّ للمسلم إذا وصل المسجد النبوي أن يدخل إليه برجله اليمنى، ثمّ يصلّي فيه تحية المسجد، والأفضل أن يصليها في الروضة الشريفةِ، إلّا إن كان ذلك سيؤدي به إلى مزاحمة الناس، أو إيذائهم، فإذا أنهى صلاته مرّ على قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فتأدّب عنده، وخفض صوته، وسلّم عليه بقول: (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته)، ويُكثر من الصلاة عليه أيضاً، ثمّ يمرّ على قبر صاحبيه، أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فيسلّم عليهما أيضاً، ولا يجوز لمن يزور المسجد النبوي أن يتمسّح بحجارته، أو يُقبّلها، أو يطوف حولها، فلم يرد ذلك عن أحد من السلف، وإنّما هو بدعةً منكرةً، وكذلك لا يسنّ له أن يسأل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- شيئاً من حاجاته؛ لأنّ ذلك لا يكون إلّا لله تعالى، وطلب العون ونحوه من الأموات شركٌ بالله عزّ وجلّ، ويجدر بالزائر لمسجد رسول الله -عليه السلام- أن يخفض صوته، ولا يجهر به؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- أمر المؤمنين بخفض صوتهم في حضرة رسوله عليه السلام.[٢]