الصيام هو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، ويُقصد به الامتناع عن الطعام والشراب من طلوع الشمس وحتى غروبها، حيث يجوز للمسلم بعد غروب الشمس القيام بما حلله الله تعالى له. وعند التأمل في فلسفة الصيام، نجد أنه أسلوب ديني تربوي عظيم، يتم من خلاله تربية النفس وتهذيبها،

والارتقاء بها عن الشهوات، فيصبح الإنسان من خلاله قادراً على اكتساب عادات حميدة والتخلص من عادات سيئة، ولعل هذا الجانب هو من أهم جوانب تأثير الصيام على نفسية المسلم، إذ يكون الصيام بمثابة دافع قوي للمسلم لمقاومة النفس ودفع الهوى.

اقرأ أيضاً: 13 فائدة غذائية للصوم في رمضان

فوائد الصيام

جاء العلم الحديث ليثبت فوائد الصيام التي تطرقت لها السنة النبوية الشريفة، حيث أن للصيام العديد من الفوائد الجسدية مثل زيادة قوة المناعة، والتقليل من فرص الإصابة بالأورام السرطانية، والمساهمة في الوقاية من بعض الأمراض مثل مرض السكري، وأمراض القلب والشرايين، والزهايمر، بالإضافة إلى أهميته في التخلّص من السمنة، كما يتجاوز الصيام الفوائد الجسدية ليصل إلى الفوائد النفسية، والاجتماعية، والروحانية، والتي سنتحدث عنها في هذا المقال.

اقرأ أيضاً: التوازن الغذائي في رمضان

فوائد الصيام النفسية

يعتقد علماء تنمية النفس أن ضبط النفس هو أحد جوانب الذكاء العاطفي، فهو يلعب دوراً مهماً في نجاح حياة الفرد على المدى الطويل، وجاء فرض الصيام من الله تعالى كتمرين لمنع الإنسان من القيام بأكثر الأشياء إرضاءاً له لفترة من الزمن، وبذلك يمكن للفرد من خلاله الحصول على الفوائد التالية:

  • تطوير مهارة ضبط النفس، حيث تتطلب هذه المهارة قوة الإرادة والتصميم، وهما الشيئان الرئيسيان اللذان يحتاجهما الإنسان لمتابعة مهام حياته دون استسلام، والمثابرة على التقدم للوصول إلى أهدافه عندما تُصبح صعبة المنال، بالإضافة إلى المساهمة في تدريب الإنسان على الصبر.
  • تحسين الحالة المزاجية وتعزيز الشعور بالإنجاز، وينتج ذلك من خلال إدراك الإنسان لقدرته القوية على على إنجاز مهمة صعبة، مما يؤدي بالتالي إلى زيادة تقدير الذات.
  • التقليل من التوتر والقلق، حيث أن من التأثيرات المباشرة للصيام على الدماغ هو إنتاج البروتينات التي تحاكي آثار الأدوية المضادة للاكتئاب، وبذلك تُخفّض من مستوى القلق والتوتر، وتزيد من مستوى السعادة والتفاؤل وحب الحياة، ومن الجدير بالذكر لجوء الأطباء النفسيين لاستخدام الصيام كوسيلة لعلاج بعض الاضطرابات النفسية في الوقت الحالي.
  • زيادة النشاط واليقظة، فعند أكل الطعام يشعر الإنسان بالكسل والخمول العقلي، وذلك نتيجة تركيز تدفق الدم إلى الجهاز الهضمي، أما عند الصيام فيحافظ الإنسان على يقظته ونشاطه العقلي.
  • تحسين الانتباه، وينتج ذلك عن زيادة اليقظة، مما يُحسّن من قدرة الفرد على القيام بمهماته اليومية بدءاً من الأنشطة البسيطة مثل الاستيقاظ صباحاً، ومروراً بالمهارات المعقدة مثل القيادة.
  • تحسين الذاكرة، حيث أن زيادة التركيز تزيد بالنهاية من قوّة الذاكرة، وقد يستخدم الصيام كعلاج لضعف الذاكرة، وعدم القدرة على التركيز.
  • تحسين نوعية النوم، حيث تؤثر نوعية النوم على الحالة المزاجية للشخص، بالإضافة إلى تأثيرها على الجوانب الصحية الأخرى.
  • كبح جماح الغضب، حيث لا يقتصر الصوم على الامتناع عن الطعام والشراب فقط، ولكنه يشمل أيضاً الامتناع عن إيذاء الآخرين جسدياً ولفظياً، مما يؤدي في النهاية إلى تعزيز الانضباط الشخصي وتحسين السلوك، وزيادة الشعور بالسلام والهدوء الداخليين.

اقرأ أيضاً: تأثير الصيام في رمضان على العمل

فوائد الصيام الاجتماعية

للصيام فوائد اجتماعية عديدة، ومن الأمثلة عليها ما يلي:

  • المساواة بين الغني والفقير دون تمييز، فيصوم جميع المسلمين أغنياءًا كانوا أم فقراء منذ طلوع الفجر وحتى المغيب.
  • المساهمة في نزع الحقد والكراهية بين البشر، وذلك من خلال شعور الغني بمعاناة الفقير الذي لا يملك قوت يومه، مما يَحُثُّه على إخراج زكاة أمواله للفقراء ومساعدتهم.
  • توحيد الأفراد وحل النزاعات، حيث يجتمع أفراد العائلة على مائدة الإفطار، كما يجتمع الأقارب والمعارف والأصدقاء في العزائم، فتزيل هذه التجمعات كل حقد وبغيضة في أنفس المسلمين، ويزيد من روابط المحبة بينهم، فتكثر الزيارات وتُعاد صلة الأرحام.
  • التوقف عن إيذاء الآخرين، فالصيام جُنّة، وهو ستر للإنسان من الكلام الفاحش والخصومات والنزاعات، كما أنه وسيلة لتعويد الإنسان على خُلُق الحِلم.

فوائد الصيام الروحانية

يعد الصيام مدرسة إيمانية تزكي النفس وتمدها بالطاقة، ومن الأمثلة على فوائد الصيام الروحانية ما يلي:

  • تقوية صلة الصائم بربه، من خلال الإقبال على طاعة الله وإرضاءه والالتزام بفروضه.
  • زيادة التقوى، والامتناع عن الفواحش والخطايا الجسدية، والعقلية، والروحية.
  • تصفية الروح، وجعل الإنسان طيّعاً للخير ومبتعداً عن الشر.
  • الشعور بالاطمئنان والراحة النفسية، وذلك بسبب تقرّب الإنسان من ربه واستشعاره لوجود الله معه، وبأنه راضٍ عنه.

اقرأ أيضاً: العصبية في رمضان…أسبابها وكيفية التغلب عليها