العــلم والخشـية

العــلم والخشـية إذا تم علم الإنسان لم ير لنفسه عملا وإنما يرى إنعام الموفق لذلك العمل ويجب على العاقل ألا يرى لنفسه عملا أو يعجب به‏‏ وذلك بأشياء‏‏ منها أنه وفق لذلك العمل ‏‏ حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ‏‏‏‏ ومنها أنه إذا قيس بالنعم لم يف بمعشار عشرها‏‏ ومنها أنه إذ لوحظت عظمة المخدوم احتقر..

العــلم والخشـية

إذا تم علم الإنسان لم ير لنفسه عملاً ، وإنما يرى إنعام الموفق لذلك العمل ، ويجب على العاقل ألا يرى لنفسه عملاً أو يعجب به‏.‏ وذلك بأشياء‏:‏
منها أنه وفق لذلك العمل ‏”‏ حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ‏”‏‏.‏
ومنها أنه إذا قيس بالنعم لم يف بمعشار عشرها‏.‏
ومنها أنه إذ لوحظت عظمة المخدوم احتقر كل علم وتعبد‏.‏

هذا إذا سلم من شائبة وخلص من غفلة ، فأما والغفلات تحيط به فينبغي أن يغلب الحذر من رده ويخاف العتاب على التقصير فيه فيشتغل عن النظر إليه‏.‏

وتأمل على الفطناء أحوالهم في ذلك فالملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون قالوا‏:‏ ما عبدناك حق عبادتك‏.‏ والخليل عليه السلام يقول‏:‏ “‏ والذي أطمع أن يغفر لي ‏”‏ وما أدل بتصبره على النار وتسليمه الولد إلى الذبح‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ما منكم من ينجيه عمله قالوا ولا أنت قال‏:‏ ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته‏.‏ وأبو بكر رضي الله عنه يقول‏:‏ وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله‏.‏ وعمر رضي الله عنه يقول‏:‏ لو أن لي طلاع الأرض لافتديت بها من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر‏.‏ وابن مسعود يقول‏:‏ ليتني إذا مت لا أبعث‏.‏ وعائشة رضي الله عنها تقول‏:‏ ليتني كنت نسياً منسياً‏.‏ وهذا شأن جميع العقلاء فرضي الله عن الجميع‏.‏

وقد روي عن قوم من صلحاء بني إسرائيل ما يدل على قلة الأفهام لما شرحته لأنهم نظروا إلى أعمالهم فأدلوا بها‏.‏ فمنه حديث العابد الذي تعبد خمسمائة سنة في جزيرة وأخرج له كل ليلة رمانة وسأل الله تعالى أن يميته في سجوده‏.‏ فإذا حشر قيل له ادخل الجنة برحمتي قال‏:‏ بل بعملي فيرون جميع عمله بنعمة واحدة فلا يفي فيقول‏:‏ يا رب برحمتك‏.‏

وكذلك أهل الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة فإن أحدهم توسل بعمل كان ينبغي أن يستحيي من ذكره وهو أنه عزم على الزنا ثم خاف العقوبة فتركه‏.‏
فليت شعري بماذا يدل من خاف أن يعاقب على شيء فتركه تخوف العقوبة‏.‏ إنما لو كان مباحاً فتركه كان فيه ما فيه‏.‏ ولو فهم لشغله خجل الهمة عن الإدلال كما قال يوسف عليه السلام‏:‏ ‏”‏ وما أُبَرِّىءُ نفسي ‏”‏‏.‏

والآخر ترك صبيانه يتضاغون إلى الفجر ليسقي أبويه اللبن‏.‏ وفي هذا البر أذى للأطفال ولكن الفهم عزيز‏.‏ وكأنهم لما أحسنوا – فيما ظنوا – قال لسان الحال‏:‏ أعطوهم ما طلبوا فإنهم يطلبون أجرة ما عملوا‏.‏
ولولا عزة الفهم ما تكبر متكبر على جنسه ، ولكان كل كامل خائفاً محتقراً لعمله ، حذراً من التقصير في شكر ما أنعم عليه‏.‏

وفهم هذا المشروح ينكس رأس الكبر‏.‏ ويوجب مساكنه الذل‏.‏ فتأمله فإنه أصل عظيم‏ .

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *