العودة إلى المدرسة في زمن فيروس كورونا

إنَّ أكبر تساؤل يطرحه الناس في الوقت الحالي هو عن كيفية عودة أبنائهم إلى مدارسهم بأمان مع استمرار جائحة فيروس كورونا. سنتحدث في هذا المقال عن الإجراءات التي يمكن للمدارس اتخاذها، والامور الأخرى التي يجب وضعها في عين الاعتبار لوقاية الطلاب والمدرسين والعاملين في القطاع التعليمي من هذه الجائحة.

Share your love

تفيد آخر نصائح الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (APP) أنَّ الأطفال يتعلمون بشكلٍ أفضل عندما يكونون في المدرسة؛ ولكن مع ذلك، تتطلب العودة إلى المدرسة اتخاذ خطوات دقيقة للحفاظ على سلامة الطلبة والمدرسين.

إذا نظرنا إلى الأمر بطريقةٍ مثالية، فيمكن أن يعمل مديرو المدارس المحلية وخبراء الصحة العامة والمعلمون وأولياء الأمور سوياً ليقرروا كيف ومتى سيُعاد افتتاح المدارس؛ ولكن يتعين عليهم أولاً أن يأخذوا في الاعتبار مدى تفشي فيروس كورونا في المجتمع، وما إذا كانت المدارس قادرة على جعل التعلم الشخصي آمناً؛ كما ينبغي على المدارس والعائلات الاستعداد أيضاً للانتقال إلى التعليم الافتراضي عبر الإنترنت في حال ازدادت حالات الإصابة بفيروس كورونا في المجتمع.

لماذا ينبغي على الطلبة العودة إلى المدرسة؟

تستند إرشادات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (APP) إلى ما يعرفه أطباء الأطفال وأخصائيو الأمراض المعدية عن فيروس كورونا (كوفيد-19) وتأثيره في الأطفال، حيث تشير الدلائل المتوفرة حتى الآن إلى أنَّ الأطفال والمراهقين أقل عرضة إلى الإصابة بأعراض حادة بسبب العدوى، كما يبدو أنَّهم أقل عرضة عموماً إلى نشر الفيروس أو الإصابة به.

تقدم المدارس أكثر من مجرد تعليم أكاديمي للأطفال والمراهقين؛ إذ يتعلم الأطفال المهارات الاجتماعية والعاطفية إلى جانب مهارات القراءة والكتابة، ويمارسون التمرينات الرياضية، ويحصلون على دعم للصحة العقلية، وعلى أمور أخرى لا يمكن توفيرها عبر التعلم الإلكتروني؛ حيث تعدُّ المدرسة بالنسبة إلى العديد من العائلات البيئة التي يحصل فيها أطفالهم على وجبات صحية، وخدمات هامة أخرى.

ما الإجراءات التي يمكن للمدارس اتخاذها؟

توجد العديد من الخطوات التي يجب على المدارس اتخاذها لمنع انتشار فيروس كورونا، والتي تتضمن:

1. التباعد الجسدي:

يجب أن يكون الهدف هو البقاء على بعد 6 أقدام (حوالي مترين) من الآخرين على الأقل، للمساعدة في منع انتشار الفيروس الذي يسبب المرض؛ ومع ذلك، تُظهِر الأبحاث أنَّ للمباعدة بين المقاعد بمسافة لا تقل عن 3 أقدام، وتجنُّب الاتصال الوثيق فوائد مماثلة للطلاب؛ خاصة إذا كانوا يرتدون الكمامات، ولا تظهر عليهم أعراض المرض.

ينبغي على المعلمين والموظفين الذين من المحتمل أن يكونوا أكثر عرضة إلى خطر الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) البقاء على بُعد 6 أقدام عن بعضهم بعضاً وعن الطلبة، وارتداء الكمامات، والحد من اللقاءات الشخصية مع غيرهم من البالغين.

كما يجب أن تُستخدَم الساحات الخارجية لإعطاء التعليمات أو تناول الوجبات، وأن يُمنَح الطلبة مساحة إضافية كي يتحركوا خلال بعض النشاطات، كالغناء أو ممارسة التمرينات الرياضية.

2. الكمامات ونظافة اليدين:

إنَّ غسل اليدين بالماء والصابون باستمرار أمرٌ هامٌّ بالنسبة إلى الجميع؛ وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على كلِّ البالغين والأطفال -الذين يبلغون من العمر أكثر من سنتين- ارتداء الكمامات في المدرسة، باستثناء حالات نادرة لأولئك الذين يعانون من صعوبات تنفسية أو حساسية تجاه المواد المستخدمة في صنع هذه الكمامات.

تُصنَع الكمامات من مواد تسمح بالتنفس من خلالها؛ فهي تنقِّي رذاذ البصاق أو القطيرات التنفسية من الملوثات والفيروسات التي يمكن أن تنتقل عبرها إلى الآخرين، وتسمح للهواء بالتدفق من خلالها بحرية؛ كما يمكن ارتداؤها بأمان لفترات زمنية طويلة نسبياً.

3. إجراء تغييرات في الصفوف المدرسية:

 بإمكان المدارس القيام بما يأتي للحدِّ من تفاعل الطلبة مع بعضهم بعضاً خارج الصفوف:

  1. أن يتنقل المعلمون بين الصفوف، بدلاً من أن يملأ الطلبة ممرات المدارس خلال فترات الاستراحة.
  2. السماح للطلاب بتناول غدائهم في مقاعدهم أو ضمن مجموعات صغيرة في الخارج، بدلاً من التجمع في غرف الطعام المزدحمة.
  3. ترك أبواب الصفوف مفتوحة للتقليل من لمس الأسطح التي يستخدمها الجميع، مثل مقابض الأبواب.

4. قياس درجة الحرارة وإجراء الاختبارات:

لا تستطيع أن تجري المدارس فحص فيروس كورونا لجميع الطلبة، كما قد لا يكون قياس درجة حرارة الطلبة في المدرسة أمراً ممكناً دائماً؛ لذا ينبغي أن تجد المدارس طرائق لمعرفة الطلبة المصابين بالحمى أو غيرها من أعراض المرض، كما يمكنهم أيضاً تذكير الطلبة والمعلمين والموظفين بضرورة البقاء في المنزل في حال كانت درجة الحرارة لديهم 38 درجة مئوية أو أكثر، أو في حال ظهرت أعراض المرض الأخرى.

5. التنظيف والتعقيم:

 يجب أن تتبع المدارس إرشادات “مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها” (CDC) بخصوص التعقيم المناسب للصفوف والأماكن المشتركة.

6. الحافلات والممرات والأماكن العامة:

بما أنَّ هذه الأماكن غالباً ما تكون مزدحمة للغاية، يمكن للمدارس أن تقوم بما يأتي:

  1. تحديد مواقف معينة لسائقي الحافلات، مع طلب ارتداء الكمامات داخل الحافلة، وتشجيع الطلبة الذين يمكنهم الوصول إلى المدرسة بطرائق أخرى على فعل ذلك.
  2. تحديد الممرات والسلالم عبر وضع أسهم أحادية الاتجاه على الأرض لتقليل الازدحام في القاعات.
  3. تشجيع النشاطات الخارجية، والسماح للطلاب بالخروج إلى الباحات ضمن مجموعات صغيرة.

أمور أخرى ينبغي وضعها في عين الاعتبار:

بالإضافة إلى وضع خطة مناسبة للحفاظ على سلامة الطلبة، هناك عوامل أخرى ينبغي أن تتطرق إليها المجتمعات المدرسية:

1. التعرض إلى الضغط في أثناء تعويض الفاقد التعليمي:

ليس بالضرورة أن يكون الطلبة قد اكتسبوا الكثير عبر التعلم عن بعد، وليس بالضرورة أن يكونوا قد تمكنوا من الوصول إلى أجهزة الحواسيب أو الإنترنت؛ لذا يجب أن تكون المدارس مستعدة لتعديل المناهج الدراسية، وألَّا تتوقع إمكانية تعويض كلِّ الفاقد التعليمي، وتوازن بين المواد الأساسية والثقافة البدنية وخبرات التعلم الأخرى.

2. الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة:

قد يكون تأثير إغلاق المدارس أكثر شدة على الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد يواجه هؤلاء صعوبةً في العودة إلى المدرسة بعد فقدان قدر من تعليمهم، وفقدانهم الخدمات المدرسية مثل: المعالجة الوظيفية والجسدية، ومعالجة النطق واللغة، واستشارات دعم الصحة النفسية.

لذا، ينبغي على المدارس مراجعة احتياجات كلِّ طفل على حدة، وذلك باستخدام برنامج التعلم الفردي (Individual Education Program) قبل عودتهم إلى المدرسة، وتقديم الخدمات حتى لو بشكلٍ افتراضي.

3. التلقيح:

إنَّه لمن الهام عند عودة الطلبة إلى المدرسة أن يكونوا ملتزمين بجدول التلقيح بانتظام؛ إذ سيكون من الهام أن يأخذ كلٌّ من الطلبة والموظفين لقاح الإنفلونزا هذا العام للحدّ من انتشاره في الخريف والشتاء. لذا راجع طبيب الأطفال لتتأكد من أنَّ طفلك جاهز للعودة إلى المدرسة.

4. الامتحانات:

إذا كان طفلك يشارك في نشاطات لا صفِّية مثل الرياضة أو الغناء في فرقة، ينبغي عليك أن تتكلم مع طبيبه لمعرفة ما إذا كان يحتاج إلى الخضوع إلى فحصٍ بدنيٍّ مسبق، كما أنَّ زيارة مراكز رعاية الطفل هامة أيضاً.

5. الصحة السلوكية (الدعم العاطفي):

يجب أن تكون مدرسة طفلك مستعدةً للتعامل مع مجموعةٍ كبيرةٍ من احتياجات الصحة النفسية للطلاب والموظفين، وتقدم دعماً نفسياً لأيِّ طالبٍ يعاني من التوتر الناجم عن الجائحة، وتتعرف على الطلبة الذين تظهر عليهم علامات القلق أو الضيق، وتساعد الطلبة الذين يضمرون أفكاراً أو سلوكات انتحارية في الحصول على الدعم المطلوب.

6. التغذية:

يحصل العديد من الطلبة على وجبات صحية من خلال برامج الوجبات المدرسية؛ ولكن قد يستدعي الأمر حصولَ مزيد من الطلبة على وجبات مجانية أو مخفضة التكاليف مقارنة بالوضع الذي كان قبل انتشار جائحة فيروس كورونا؛ كما وينبغي أن تقدم المدارس برامج وجبات حتى وإن أُغلِقت، أو في حال كان الطالب مريضاً وعليه البقاء في المنزل.

7. الطلبة المعرضون إلى خطر أكبر:

في حين أنَّ السياسات المدرسية المتعلقة بفيروس كورونا (كوفيد-19) يمكن أن تقلل من المخاطر، إلا أنَّها لن تتمكَّن من منعها تماماً؛ وحتى إن اتبعت إجراءات السلامة، فقد يحتاج بعض الطلبة الذين يعانون من حالات مرضية شديدة الخطورة إلى مواصلة التعلم عن بعد، أو باستخدام وسائل أخرى.

تحدث مع طبيب الأطفال وموظفي المدرسة -بما في ذلك ممرضات المدرسة- لتحديد ما إذا كان بإمكان طفلك العودة إلى المدرسة بأمان.

في الختام:

قد لا تبدو العودة إلى المدرسة في أثناء جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) طبيعية لفترةٍ من الزمن على الأقل؛ ولكن يمكن لوجود خطط السلامة والتأكد من أنَّ لدى المدارس الموارد اللازمة أن يساعد في حماية الطلبة والمعلمين والموظفين والعائلات على حدٍّ سواء.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!