العجلة خلاف البطء ، وهي مأخوذة من مادة ( ع ج ل ) التي تدل على الإسراع .
والعجلة طلب الشيء أو فعله قبل أوانه ووقته اللائق به ، وهي من مقتضيات الشهوة ، بل هي من طبع الإنسان : ( وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً )size=3> (الإسراء:11) ، أي طبعه العجلة ، فيعجل بسؤال الشر كما يعجل بسؤال الخير .
وقد قيل : العجلة من الشيطان ؛ لأن عندها يروج شرَّه على الإنسان من حيث لا يشعر بخلاف من تمهل وتروى عند الإقدام على عمل يريده .
ذم العجلةsize=3>
ولأن العجلة من مقتضيات الشهوة فقد ذُمت في القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى : ( وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ )size=3> ( يونس: 11 ) ، وقوله تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ * أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ)size=3> ( يونس:50 ، 51 ) ، وغيرهما من الآيات التي تبين قبح العجلة ، بل إن الله تعالى نهى نبيه – صلى الله عليه وسلم – عن العجلة بالقرآن : ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ )size=3> ( طـه:114 )، وقوله تعالى أيضـًا : ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )size=3> ( القيامة:16 ) .
والمرء إذا كان مستجيبـًا لطبعه منساقـًا وراء شهوات نفسه فكان عجولاً ، فإنه لا يكاد يعذر بخير ، بل ربما أدت عجلته إلى هلكته وسوء خاتمته كحالة هذا الرجل الذي قال عنه سهل بن سعد – رضي الله عنه – : إن رجلاً من أعظم المسلمين غناءً عن المسلمين في غزوة غزاها مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فنظر النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : ((من أحبَّ أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ))size=3> ، فاتبعه رجلٌ من القوم وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين حتى جُرح فاستعجل الموت فجعل ذُبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه ، فأقبل الرجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – مُسرعـًا فقال : أشهد أنك رسول الله ، فقال : وما ذاك ؟ قال : قلتَ لفلانٍ من أحبَّ أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه ، وكان من أعظمِنَا غنَاءً عن المسلمين ، فعرفتُ أنه لا يموت على ذلك ، فلما جُرح استعجل الموت فقتل نفسه ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – عند ذلك : (( إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار ، وإنما الأعمال بالخواتيم)). size=3>(رواه البخاري ومسلم) .
من صورالعجلة في الدعاءsize=3>
وعن أنس – رضي الله عنه – أنه قال : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عاد رجلاً من المسلمين قد خَفَتَ فَصَارَ مِثل الفرخِ ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((هل كنتَ تدعوه بشيءٍ أو تسألُهُ إيَّاه ؟ ))size=3> قال : نعم ، كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجّلُه لي في الدنيا ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (( سبحان الله لا تُطيقُهُ أو لا تستطيعه ، أفلا قلت : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ))size=3> ، وقال : فدعَا الله له فشفاه “. (رواه مسلم) .
وعن فضالة بن عبيد – رضي الله عنه – أنه قال : سَمِعَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلاً يدعو في صلاته لَمْ يُمجِّدِ الله ولم يُصَلِّ على النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((عَجِلْتَ أيُّها المُصلي ))size=3> ثم علَّمهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وسمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلاً يُصلي مجَّد الله وحمده وصلى على النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((ادعُ تُجَبْ ، وسَلْ تُعْطَ)).size=3> (رواه النسائي واللفظ له ، وقال الألباني في صحيح النسائي : حسن ، ورواه أبو داود ورواه الترمذي وقال : صحيح ) .
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل . يقول : دعوتُ فلم يُستجب لي)).size=3> (رواه البخاري واللفظ له ، ورواه مسلم) .
من الخير العجلة في أمر الآخرةsize=3>
وعن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((التُّؤَدةُ في كل شيء إلا في عمل الآخرة )). size=3>(رواه أبو داود وقال الألباني في صحيح أبي داود صحيح) .
وعن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : جلسَ إحدى عشرةَ امرأة ، فتعاهدْن وتعاقدْن أن لا يكتُمنَ مِن أخبار أزواجهِنَّ شيئـًا . قالت الأولى : زوجي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، على رأسِ جَبَلٍ وَعْرٍ ، لا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى ، ولا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلَ . قالت الثانية : زوجي لا أَبُثُّ خَبَرَهُ ، إنِّي أَخَافُ أن لا أذَرَهُ ، إن أذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَه وبُجَرَهُ. قالت الثالثة : زوجي الْعَشَنَّقُ ، إن أنْطِقْ أُطَلَّقْ ، وإن أسْكُتْ أُعَلَّقْ ..”.(رواه البخاري ومسلم) .