الغضب: خطيئة قد تدفع ثمنها غالياً

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديدُ بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملِكُ نفسه عند الغضب".

Share your love

لا يوجد شخص لم تمرّ عليه لحظات من الغضب الشديد الذي لا يستطيع التحكم فيه، وتختلف حدة الغضب من شخص إلى آخر، ويوجد بعض الناس الذين لا يستطيعون التحكم في الغضب أو السيطرة على أنفسهم أثناء الغضب، فإنهم قد يقومون بالصراخ أو تكسير كل ما يوجد حولهم أو قد يقومون بإيذاء نفسهم أو إيذاء غيرهم. والغضب شعور شائع قد يكون مدمر في حال زيادته عن الحد الطبيعي فتتحول حياة الشخص الغاضب وحياة الأشخاص القريبين منه إلى جحيم.

طبيعة الغضب

الغضب هو “حالة عاطفية تختلف في شدتها من تهيّج خفيف إلى غضب شديد”، ووفقًا لتشارلز سبيلبرجر الحائز على “دكتوراه في علم النفس” ومتخصص في دراسة الغضب. أنّ الغضب مثل العواطف الأخرى يرافقه تغييرات فسيولوجية وبيولوجية.

عندما تغضب، يرتفع معدل ضربات القلب وضغط الدم لديك، كما ترتفع مستويات هرمونات الطاقة والأدرينالين والنورادرينالين، ويمكن أن يكون سبب الغضب كل من التأثيرات والأحداث الخارجية والداخلية للشخص. فقد تكون غاضبًا من شخص معين (مثل زميل في العمل أو مشرف) أو حدث معين (ازدحام مروري أو رحلة تم إلغاؤها) أو قد يكون سبب غضبك هو القلق حيث يمكن لذكريات معينة أن تثير مشاعر الغضب لدى الشخص.

ويعرف أرسطو الغضب على أنّه “دافع يصاحبه الألم لغرض انتقام واضح عن طريق إهانة الشخص لنفسه أو لأصدقائه”. ويقول إنّ ألم الغضب قد تصاحبه متعة مصدرها توقعات الانتقام. وهو نوع ضئيل من المتعة يشابه المتعة التي يحصل عليها الشخص عندما يقول: «إذا قمتَ بتدمير يومي سأدمر يومك» أو “انظر كم أنا كبير باعتقادي”.

يقول أرسطو قد يهين الشخص الآخرين لثلاثة أسباب: الاحتقار، الحقد، الوقاحة، وفي أي حالة من هذه الحالات، تكشف الإهانة مشاعر المهين المتمثلة بإنكار أي أهمية للشخص المهان.

أسباب الغضب

قد تؤدي المشاكل النفسية أو الاجتماعية أو المادية أو الصحية إلى زيادة فرصة إثارة الغضب ومعرفتها تساعد على معرفة كيفية السيطرة على الغضب ومن الأمثلة عليها:

  • المشاكل والضغوط العائلية.
  • ضغط العمل المستمر والعمل لساعات طويلة.
  • الخوف من الفشل.
  • التواجد الدائم داخل بيئة مستفزة.
  • الاعتياد على حل المشكلات عن طريق الغضب منذ الصغر.
  • تلقي النقد المسيء بشكل دائم للشخص وبطريقة مستفزة.

لماذا يجب أن تتحكّم في غضبك؟

تصبح مشاعر الغضب مشكلة عندما تكون زائدة عن الحد الطبيعي أو عندما يتم التعبير عنها بطرق غير صحية. فصعوبة إدارة غضبك يمكن أن تؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل كالسلوك العدواني، مثل: الصراخ على أطفالك أو تهديد زميلك في العمل أو إتلاف الممتلكات أو قول أشياء تندم عليها أو إرسال رسائل بريد إلكتروني متهورة أو مشاكل صحية أو عنف جسدي.

والغضب المفرط قد يؤثر عليك جسدياً وعقلياً واجتماعياً. لذلك تهدف استراتيجيات إدارة الغضب إلى مساعدتك على اكتشاف طرق صحية لتقليل مشاعرك والتعبير عنها. ومشاكل إدارة الغضب ليست دائما بهذه الخطورة، فقد تجد أنك تضيع الكثير من الوقت في التفكير في الأحداث التي تزعجك.

إنّ إدارة الغضب لا تعني الغضب أبداً، بل تتضمن تعلم كيفية التعرف على غضبك والتعامل معه والتعبير عنه بطرق صحية ومثمرة، وهي مهارة يمكن للجميع تعلمها.

التعامل مع الغضب

لدى كل فرد رد فعل جسدي على الغضب، كن على دراية بما يقوله جسمك واتخذ خطوات لتهدئة نفسك.

علامات الغضب

ينبض قلبك بشكل أسرع وتتنفس بسرعة أكبر، وقد تلاحظ أيضاً علامات أخرى، مثل التوتر في كتفيك أو تشبث بقبضات اليد. فإذا لاحظت هذه العلامات، وكان لديك تجارب سابقة فقدت فيها السيطرة على نفسك حاول أن تخرج نفسك من الموقف بشكل فوري.

قد يساعدك على ذلك:

  • قبل أن تبدأ في العمل لتهدئة نفسك، فكر إذا كان غضبك في محله. فإذا كنت تشاهد حقوق شخص ما تنتهك، فقد يكون غضبك مفيداً ويمنحك الشجاعة التي تحتاجها لاتخاذ موقف أو إجراء تغيير. أما إذا كان غضبك يهدد بالتسبب في انتقادك، فقد يكون غضبك عدواً. في هذه الحالة عليك العمل على تغيير مشاعرك عن طريق تهدئة نفسك.
  • معرفة السبب الأساسي للغضب يساعدك في محاولة الوصول إلى استراتيجيات للتعامل معه.
  • غيّر وضعيتك واخرج للمشي قليلاً.
  • قم بالابتعاد عن أي مكان أو عن أي شخص يشعرك بالغضب أو يزيد منه حتى لا تفقد أعصابك وتقوم بفعل شيء تندم عليه بعد ذلك.
  • تنفّس ببطء: بأن تتنفس بشكل أطول من المعتاد، واسترخ أثناء ذلك.
  • قم بالعد إلى 10: حيث أنّ العد إلى 10 قد يمنحك وقتاً لتبرد وتهدئ، ويمكنك التفكير بشكل أكثر وضوح ومقاومة المشاعر التي تحرك غضبك.

أضرار الغضب على الصحة

يمكن أن ينعكس الغضب بشكل كبير على صحتك فقد يحدث معك ما يلي:

1- أمراض القلب:

القلب هو أكثر عضو يتأثر بالغضب، فبسببه يمكن أن تزداد سرعة ضربات القلب لتتجاوز الحد الطبيعي.

2- اضطرابات النوم:

أثناء الغضب، تحدث اضطرابات في بعض الهرمونات بالجسم، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل في النوم، وفي حالة عدم أخذ الجسم القسط الكافي من الراحة سوف يكون أكثر عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض.

3- ارتفاع ضغط الدم:

الإصابة بارتفاع في ضغط الدم يمكن أن يحدث نتيجة الغضب، فعندما يتعرض الشخص لحالة غضب أو توتر، يقوم القلب بضخ مزيد من كميات الدم، وبالتالي يشكل هذا الكم حمل زائد وغير معتاد على الأوعية الدموية، ونتيجة لهذا، قد تزداد فرص الإصابة بأمراض القلب الناجمة عن ارتفاع ضغط الدم.

4- مشاكل في الجهاز التنفسي:

الأشخاص المصابين بأمراض في الجهاز التنفسي مثل الربو لا يستطيعون التنفس بسهولة في حالة الشعور بالغضب. هذا الأمر من شأنه أن ينعكس سلباً على حالتهم الصحية ويضعهم في خطر الإصابة بنوبات الربو.

5- صداع الرأس:

الغضب يزيد من نبضات الأوعية الدموية في الرأس مما يؤدي للإصابة بالصداع الحاد. كما أنّ الغضب يؤدي إلى انقباض بعض عضلات الرأس والرقبة.

6- السكتة الدماغية:

تحدث السكتة الدماغية عندما تتمزق الأوعية الدموية في الدماغ، مما يعيق إمدادات الدم إلى جزء من الدماغ، وهذا يمكن أن يحدث في حالات قليلة من الغضب الشديد.

7- تأثيرات سلبية على الجلد:

حينما تشعر بالتوتر والغضب، يقوم الجسم بإفراز الكورتيزول، بالإضافة إلى هرمونات أخرى تزيد من إنتاج الدهون التي تظهر على الجلد على هيئة حبوب، وتسهّل تسلل المواد المسببة للحساسية إلى الجلد مثل الالتهابات الجلدية والصدفية.

كما أنّ الغضب الزائد يؤدي إلى تقليل كمية هرمون الذي يساهم في تكوين الكولاجين الهام للبشرة، وبهذا تزداد فرص ظهور التجاعيد مبكراً.

التحكّم بالغضب على المدى الطويل

بمجرد إدراكك أنك تشعر بالغضب وتمكنك من تهدئة نفسك، عندها يمكنك البدء في البحث عن طرق للتحكم في غضبك بشكل عام واليك مجموعة من الطرق المساعدة:

1- فكّر قبل التحدث

أثناء نوبة الغضب، من السهل قول شيء ما قد تندم عليه لاحقًا. انتظر لحظات قليلة لتجميع أفكارك قبل البوح بأي شيء واجعل المشاركين الآخرين في الموقف نفسه يقوموا بالأمر ذاته.

2- تدرّب على ردك

امنع حدوث نوبة الغضب عن طريق التمرن على ما ستقوله أو تحديد الطريقة التي ستتعامل فيها مع المشكلة في المستقبل. تمنحك فترة التمرين هذه وقتًا ل لعب دورك في العديد من الحلول الممكنة.

3- ممارسة الرياضة

يمكن للنشاط البدني المساعدة في تقليل الضغط العصبي الذي قد يسبب لك الشعور بالغضب. إذا شعرت بأن غضبك يزداد حدة، فمارس المشي السريع أو الجري، أو اقض بعض الوقت في ممارسة أنشطة بدنية ممتعة أخرى.

4- الاهتمام بنفسك وتخصيص فترة استراحة

أعطِ نفسك استراحات قصيرة خلال أوقات اليوم التي تبدو مرهقة وطويلة، وخصص وقتًا للاسترخاء بانتظام، وتأكد من حصولك على قسط كافي من النوم. ابتعد عن المخدرات والكحول فقد تجعل مشاكل الغضب أسوأ، وقد تساعدك الدقائق القليلة الهادئة على الشعور بالتحسن وتحضّرك للتعامل مع القادم دون الشعور بالانزعاج أو الغضب

5- حدّد الحلول الممكنة

بدلاً من التركيز على ما يجعلك غاضباً، اعمل على حل المشكلة التي تواجهها. هل غرفة طفلك الفوضوية تثير غضبك؟ اغلق الباب. هل يتأخر أحد من أفراد أسرتك عن العشاء كل ليلة؟ حدد مواعيد متأخرة للوجبات ليلاً، أو تقبل تناول الطعام بمفردك في بعض الأوقات خلال الأسبوع. ذكر نفسك أن الغضب لن يحل شيئًا وربما فقط يزيد الأمر سوءاً.

6-استخدم العبارات التي تحتوي على “أنا”

تجنّب النقد أو إلقاء اللوم الأمر وهو أمر لا يفعل شيء سوى زيادة التوتر، واستخدم العبارات التي تحتوي على “أنا” لوصف المشكلة. تحلّى بالاحترام وكن محدداً في حديثك ومباشراً. على سبيل المثال، قل “أشعر بالاستياء لأنك تركت المائدة دون عرض المساعدة فيما يخص الأطباق” بدلاً من “أنت لا تفعل أي من الأعمال المنزلية مطلقاً.”

7- لا تحمل الضغينة وسامح

إنّ إيجاد الشجاعة لتسامح شخص أخطأ بحقك يتطلب الكثير من المهارة العاطفية. فإذا سمحت للغضب والمشاعر السلبية الأخرى أن تطرد المشاعر الإيجابية، فقد تشعر بالظلم والمرارة. لكن إذا كنت قادرًا على مسامحة شخص أغضبك، فقد يتعلم كلاكما من الموقف ويُعزّز ذلك العلاقة بينكما. أما إذا لم تتمكن من الوصول إلى هذا الحد، فيمكنك على الأقل التظاهر بأنك تسامحه، وسوف تشعر بالغضب قد تلاشى.

8- اضحك واستخدم حسّ الفكاهة

أخذ الأمور ببساطة يُخفّف التوتر. استخدم الفكاهة لمساعدتك في مواجهة ما يثير غضبك ومن أي موقف يثير توترك، ونفس عن غضبك من خلال البحث عن طرق للضحك كاللعب مع أطفالك.

9- ممارسة مهارات الاسترخاء

عندما تشتعل غضباً، استخدم مهارات الاسترخاء. مارس تمارين التنفس العميق، ويمكن أن يخفض مستويات التوتر لديك و يشجعك على الاسترخاء أيضاً ممارسة الجري والمشي والسباحة واليوغا والتأمل وهي فقط عدد قليل من الأنشطة التي يمكن أن تقلل من التوتر.

10- استمع للموسيقا

دع الموسيقى تُحلّق بك بعيداً عن مشاعرك السلبية، ضع سماعات الأذن واجلس في أي مكان تحبّه ثم استمتع بموسيقاك المفضلة وتخلّص من غضبك.

11- كُن خلاقاً ومبدعاً

يمكن للكتابة أو عزف الموسيقى أو الرقص أو الرسم أن تخلصك من التوتر وأن تقلل من مشاعر الغضب لديك.

12- تحدّث عن مشاعرك

مناقشة مشاعرك مع أحد من عائلتك أو صديق قريب منك من الممكن أن يكون مفيداً وقد يساعدك على الحصول على وجهة نظر مختلفة للموقف.

وأخيراً إن تعلّم السيطرة على الغضب يشكل تحدّياً بالنسبة إلى جميع الأشخاص في بعض الأحيان. لذلك من الأفضل طلب المساعدة إذا كان غضبك يبدو خارج نطاق السيطرة، والذي قد يجعلك تفعل أشياء تندم عليها أو تؤذي من تحب.

صحتك لا تقدر بثمن، فلا تسترخصها بالقلق والخوف والغضب، واعلم أنك المسيطر. ولا تقل: لا أستطيع، فإن قلتها تحقق ما كنت تخشاه.

وتذكر” أول الغضب جنون، وآخره ندم”.

 

المصادر: 1 2 3

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!