‘);
}

الفرق بين صحيح مسلم وصحيح البخاري

افترق صحيح البخاري عن صحيح مسلم من عدة وجوهٍ؛ أولها سبب تأليف كلٍّ منهما، فكان داعي تصنيف الجامع عند الإمام البخاري أنّه كان جالساً مرّةً في مجلس علمٍ، فطرح شيخه إسحاق بن راهويه فكرة جمع الأحاديث الصحيحة في كتابٍ، فوقعت تلك الفكرة في قلب الإمام البخاري، فعزم على تنفيذها، وقيل إنّ سبب عزمه على تدوين الحديث أنّه رأى في منامه أنّه يحمل بيده مروحةً يذبّ بها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأمّا صحيح الإمام مسلم فكان سبب تأليفه أنّ الإمام كان أحد أئمة العلم الحفاظ، فجمع الأحاديث إجابةً لأسئلة الناس، وبدأ الإمام البخاري في تدوين صحيحه سنة مئتين واثنين وثلاثين هجرية، واستمرت جهوده في جمع الأحاديث مدة اثنتين وعشرين سنةً، استطاع خلالها جمع ما يقارب سبعة آلافٍ وخمسمئة وثلاثة وستين حديثاً، ورتبها في سبعة وتسعين كتاباً، أمّا الإمام مسلم فقد بدأ بتدوين الأحاديث سنة مئتين وخمسين هجرية، واستمرت جهوده في جمع الأحاديث مدة خمسة عشر سنة، استطاع خلالها جمع أربعة آلافٍ حديثٍ.[١]

وأمّا الفروقات في منهج الشيخين في تدوين صحيحها؛ فصحيح الإمام مسلم كانت له مقدمة، ذكر فيها بعض الأحاديث التي لم تكن على شرطه، بينما لم يتضمّن صحيح البخاري مقدمةً، كما إنّ الإمام البخاري كان كثيراً ما يقطع الأحاديث في صحيحه بحسب الأبواب، ولذلك قيل أنّ فقه الإمام البخاري في أبوابه، بينما الإمام مسلم كان يضع الحديث كاملاً في مكانٍ واحدٍ دون تقطيعٍ، واشترك البخاري مع مسلم في وضع بعض الأحاديث المعلّقة التي حُذف من سندها راوٍ أو أكثر، حيث بلغت الأحاديث المعلقة عند البخاري ألفاً وثلاثمئةٍ وواحدٍ وأربعين، بينما بلغت عند مسلم أربع عشرة حديثاً فقط، ومن وجوه الاختلاف في منهج الشيخين في قبول الحديث؛ أنّ الإمام البخاري كان أكثر تشدّداً في قبول الحديث من الإمام مسلم، على الرغم من اشتراكهما في شرطي العدالة والضبط في الرواة، وبينما اشترط البخاري في السند المعنعن اللقاء، كان مسلم أكثر تساهلاً حينما اشترط المعاصرة مع إمكانية اللقاء.[١]