
نادية سعد الدين
عمان- ندّد الفلسطينيون بالزيارة الاستثنائية المرتقبة لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، والتي يعتزم القيام بها خلال زيارة رسمية مقررة للكيان الإسرائيلي، وذلك ضمن جولة واسعة له لعدد من الدول.
وشجبت السلطة الفلسطينية زيارة بومبيو، التي تعد الأولى من نوعها، لمستوطنات الضفة الغربية، واعتبرتها “سابقة خطيرة”، تماثلا مع موقف القوى والفصائل الوطنية التي عبرت عن غضبها للزيارة التي رأت فيها “عدوانا أميركياً على حقوق الشعب الفلسطيني”.
وقالت إن زيارة بومبيو، الذي يعد أول وزير خارجية أميركي يزور المستوطنات الإسرائيلية بعدما تجنب أقرانه السابقون زيارتها في الماضي، تشكل “اعترافا أميركياً بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات غير القانونية وغير الشرعية في نظر القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، بما يعد مخالفة صريحة لهم”.
ويعتزم بومبيو، الذي يقوم بزيارته غير المسبوقة خلال الفترة الانتقالية لتسلم زمام السلطة للإدارة الأميركية الجديد، زيارة مستوطنة “شاعر بنيامين” الإسرائيلية قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى مرتفعات الجولان السوري المحتل، كما ورد في موقع (أكسيوس) الأميركي.
من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، اعتزام بومبيو، زيارة مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، “سابقة خطيرة تخرق القانون الدولي والقرارات الأممية”.
وأضاف أن “زيارة مستوطنة مقامة على أراض لملاك فلسطينيين استولى عليها الاحتلال تمثل شرعنة للاستيطان، وضربا للشرعية الدولية”، مطالبا “العالم أجمع بإدانتها”.
وجدد اشتية موقف القيادة الفلسطينية، “الاستعداد لأي جهد سياسي لإطلاق مسار سياسي جدي وحقيقي، قائم على القانون الدولي والقرارات الأممية”.
وبالمثل؛ وصفت حركة “حماس”، زيارة بومبيو المزمعة إلى مستوطنات في الضفة الغربية “بالعدوان الأميركي على حقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية”.
وقال الناطق باسم الحركة، حازم قاسم إن “الزيارة تعكس إصرار الإدارة الأميركية على تطبيق بنود ما يسمى “صفقة القرن” في ما تبقى لها من أيام في البيت الأبيض”.
واعتبر أن السلوك الأميركي في التعامل مع حقوق الشعب الفلسطيني يعكس منطق ما وصفه “بالبلطجة”، و”التمرد على القرارات الدولية والأعراف الإنسانية بما يخدم اليمين الصهيوني”، مثلما تشكل “قوة دفع لتطبيق مخطط الضّم الاستعماري”.
ونبه إلى أن “المواقف الأميركية والصهيونية تؤكد أن المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية ما زالت تتعاظم، بما يتطلب الإسراع في ترتيب كامل للبيت الفلسطيني”.
بدوره، أكد تيار الإصلاح الديمقراطي، أن زيارة بومبيو، للمستوطنات تشكل “إمعاناً لإدارة الرئيس المُغادر للبيت الأبيض في انتهاك القانون الدولي”.
وقال الناطق باسم التيار، دمتري دلياني، إن “زيارة بومبيو تعبير عن افلاس سياسي لهذه الإدارة، التي فشلت في جميع مناحي السياسة الدولية، وربطت أقوى دولة في العالم، بأجندة حفنة من المستوطنين الخارجين عن القانون والإرادة الدولية”.
وتأتي زيارة بومبيو، التي يلتقي خلالها برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل شهرين من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، الذي عارض المستوطنات في السابق، وتعهّد ببذل مزيد من الجهود الدبلوماسية لإقامة دولة فلسطينية.
وتتسّق زيارة رئيس الدبلوماسية الأميركية مع سياسة إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، الذي أعلن في تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2019 بأن “الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات مخالفة للقانون الدولي”، وذلك بما يخالف القانون الدولي نفسه الذي يعتبرها “غير شرعية ولا قانونية”. فيما كان بومبيو قد صرح مسبقاً أن “المستوطنات الإسرائيلية لا تتعارض مع القانون الدولي، وأن القول بذلك لا يخدم تقدم عملية السلام”، وفق زعمّه، ملغياً الرأي القانوني لوزارة الخارجية الأميركية الذي ينص بأن الاستيطان يتعارض مع القانون الدولي، ومشكلاً انقلاباً على السياسة الأميركية التقليدية في نظرتها للمستوطنات الإسرائيلية منذ العام 1978، بوصفها غير قانونية.
فيما كانت الأمم المتحدة قد شددت، أول أمس، على “عدم مشروعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن موقفها لم يتغير”، على خلفية الزيارة المرتقبة لبومبيو، للمستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.
غير أنه من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية تستغل المرحلة الانتقالية الحالية في الولايات المتحدة لتكريس ضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، في وقت قياسي، مستفيدة من دعم إدارة الرئيس ترامب المطلق للخطوة.
وطبقاً لتقرير صادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأن “الزيارة المنتظرة لبومبيو للمستوطنات في الضفة الغربية، وهضبة الجولان المحتل، تعتبر دعماً وازناً من قبل إدارة ترامب للحكومة الإسرائيلية”.
وحسب التقرير، فإن حكومة الاحتلال تسعى لشرعنة وجود 1700 وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، في محاولة لكسب ود المستوطنين، تزامناً مع قيام وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، بطرح خطة بعيدة المدى لشبكة مواصلات جديدة تربط بين المستوطنات في الضفة الغربيّة المحتلة.
كما “شرع المستوطنون المترطفون بإقامة بؤرة استيطانية جديدة بنصب خيام في منطقة أم خروبة، غرب خربة السويدة بالأغوار الشمالية، في اطار مخططاتهم المتواصلة للاستيلاء على الأغوار”.
فيما وافقت سلطات الاحتلال على إقامة 108 وحدات استيطانية جديدة في ما يعرف بحي “رمات شلومو” الاستيطاني في القدس المحتلة، وتدفع بإجراءات المصادقة على مخططات بناء في مستوطنات في القدس المحتلة، تشمل مستوطنات “هار حوما”، و”غفعات همتوس”، و”عطاروت” الإسرائيلية، وذلك قبل دخول بايدن إلى البيت الأبيض.
وفي الأثناء؛ شهدت أحياء عربية في القدس المحتلة مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، التي واصلت عدوانها ضد الشعب الفلسطيني، وذلك بعد ليلة دامية من المواجهات في حيي الطور والعيسوية، أدت إلى إصابة شابين بالرصاص.
وشنت قوات الاحتلال حملة واسعة من الاقتحامات والمداهمات التي أسفرت عن وقوع الاعتقالات بين صفوف الشبان الفلسطينيين، من القدس المحتلة وبلدة عزون شرق قلقيلية، فيما شهد مدخل مخيم الفوار قرب الخليل، إغلاقا كاملا، حيث منعت قوات الاحتلال السكان من الدخول أو الخروج من المخيم.