الفنون في أصيلة.. إبداعات بكل الألوان

يشهد موسم أصيلة الثقافي، على جري عادته كل سنة، معارض تشكيلية وورشات فنية مفتوحة في مختلف مجالات الفن التشكيلي من صباغة وحفر ورسم، إلخ. إذ يحتضن مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولي في أصيلة معرضين فنيين، يحتفي أولهما بالذكرى الأربعين للمشاركة الافريقية في مشاغل أصيلة، ويعرض الثاني أعمالا فنية أنجزت خلال شهر إبريل/نيسان الماضي ضمن ما […]

الفنون في أصيلة.. إبداعات بكل الألوان

[wpcc-script type=”6b7781b398a259b282183e7f-text/javascript”]

يشهد موسم أصيلة الثقافي، على جري عادته كل سنة، معارض تشكيلية وورشات فنية مفتوحة في مختلف مجالات الفن التشكيلي من صباغة وحفر ورسم، إلخ. إذ يحتضن مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولي في أصيلة معرضين فنيين، يحتفي أولهما بالذكرى الأربعين للمشاركة الافريقية في مشاغل أصيلة، ويعرض الثاني أعمالا فنية أنجزت خلال شهر إبريل/نيسان الماضي ضمن ما سمي بـ»ربيعات الفنون». في حين، يستعرض معرض ثالث، في فضاء مفتوح في المدينة القديمة، إبداعات بعض التشكيليين الشباب من أبناء مدينة أصيلة.
وبالموازاة مع الأنشطة الفكرية والأدبية المنظمة في إطار جامعة المعتمد بن عباد الصيفية، يحتضن قصر الثقافة ثلاثة مشاغل فنية يؤطرها فنانون معروفون، ويشارك فيها تشكيليون قادمون من مختلف أنحاء العالم. تبدو الورشات الثلاث مثل خلية نحل.. فيها مشغل الصباغة ومشغل الحفر وثالث لتدريب الأطفال على الرسم.. داخلها ينهمك الفنانون على إعداد أعمال مختلفة، مثل اختلاف أعمارهم وأعراقهم. وثمة مشغل رابع، يقع خارج جدران المشاغل، وهو يتعلق بالصباغة على الجدران. انطلقت أشغاله وانتهت قبل البدء في فعاليات موسم أصيلة. وداخل ورشة مجاورة، يتحلق عشرات الأطفال حول طاولات، يداعبون الريشة ويلتمسون طريق الألوان، بمساعدة التشكيلية كوثر الشريكي ومساعدتها سارة أحلالوم، الطالبة في المعهد الوطني للفنون الجميلة في تطوان. بين الفينة والأخرى، تطالعان رسوما جديدة مزينة بالألوان المختلفة، ومحملة بالأحلام الواعدة. بعد سنوات قليلة، سيتخرج في هذه الورشة تشكيليون جدد، مثلما تخرج فيها البعض ممن هم معروفون على ساحة التشكيل في أصيلة. وعند نهاية الموسم، ستعرض بعض الأعمال المتميزة التي أنجزها الأطفال المشاركون ضمن معرض خاص.


يروم المعرض الأول، الموسوم بـ»الفنون الافريقية في أصيلة من 1980 إلى 2018»، إبراز مشاركة التشكيليين الأفارقة في موسم أصيلة الثقافية على امتداد نحو أربعين سنة؛ أي من سنة 1980 إلى غاية 2018، كما يبرز عنوانه الفرعي. كما يأتي هذا المعرض عربون وفاء للمشاركات الافريقية المختلفة في هذا الموسم الثقافي، ليس فقط على مستوى الفن التشكيلي، وإنما كذلك في جوانبه المتعلقة بالفكر والأدب والموسيقى، إذ يضم هذا المعرض، الذي تغلب عليه هجنة لونية متميزة تعكس طابع الحياة الافريقية، أعمالا لتشكيليين من المغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان ونيجيريا والسنغال وطوغو وبنين وبوركينا فاسو وجنوب افريقيا وكوت ديفوار وإثيوبيا. أما الفنانون أصحاب اللوحات المعروضة، فمنهم الأسماء التالية: جورج بهجور، علي سالم، محمد مغربي، سليمان كايتو، محمد عمر الخليل، رشيد الفريشي، قويدر التريكي، أحمد نوار، زينب سالم، محمد علام، رضى زبلي، نور الدين بودير، فوزية الهشري، عبد الرحمن عيدود، عبد الإله بويوض، سايني غادياغا، ماج زليلة، جاين ودايي يانوغو، نيكيمي سليمان، أمادو ديانغ، كارولين غاي،وغيرهم.
في حين، يعتبر المعرض الثاني، المعنون بـ»ربيعيات الفنون» فهو نتاج ورشة فنية التأمت فيها مجموعة من الأسماء المغربية والأجنبية، خلال فصل الربيع، لإنجاز مشروع فني متنوع. ويتضمن هذا المعرض تعبيرات ولمسات مختلفة تروم غايتها الأساس، كما قال التشكيلي أحمد بن إسماعيل في الكلمة التعريفية لهذا المعرض، «الحداثة والإبداع» والاهتمام «بما وصل إليه الفن التشكيلي عالميا والتمسك بالبصمة الخاصة». إذ تتميز الأعمال المعروضة كلها بلمسات تجريدية خاصة، مع استبعاد للتشخيص، وتوظيف الكاليغرافيا في بعض اللوحات وتقنيات القطع واللصق أحيانا، واعتماد مواد غير صباغية أحيانا أخرى. يشار إلى أن هذا المعرض يتضمن أعمال الفنانات والفنانين سهيل بن عزوز ولبنى الأمين وبدرية الحساني ومليكة أكزناي ومحمد عنزاوي وأحمد بن إسماعيل ونرجس الجباري وسناء السرغيني عيدة، ومارتادي دي بابلوس وعبد القادر المليحي ونور الدين ضيف الله ونور الدين شاطر وشعة الخراز ونجوى الهيثمي.

أعماله المعروضة موسومة بالعناوين التالية: «براءة تحت القسوة»، «لنحمِ أطفالنا»، «ملامح البراءة»، وهي تحيل على الطفولة بكل ما تحيل عليه من وعود وأحلام واستمرارية للوجود، ومن هشاشة وضعف كذلك.

من جانب ثالث، يمثل «معرض الفنانين الزيلاشيين الشباب» مبادرة فنية تروم التعريف بإبداعات مغمورة تتلمس طريقها نحو الاحترافية والتداول والنجومية. وهي تتمثل أساسا في إبداعات كل من مريم بن فارس ورانية الدرقاوي وسوسن المليحي وعبد العزيز أشرقي وطارق فايطح وبدر مصباحي. فعلى سبيل المثال، يبدو هذا الأخير متأثرا بالفنان العالمي الروسي فاسيلي كاندينسكي، حيث تكشف عناوين لوحاته طبيعة اهتماماته الفنية وقضاياها. أعماله المعروضة موسومة بالعناوين التالية: «براءة تحت القسوة»، «لنحمِ أطفالنا»، «ملامح البراءة»، وهي تحيل على الطفولة بكل ما تحيل عليه من وعود وأحلام واستمرارية للوجود، ومن هشاشة وضعف كذلك. ولمصباحي كذلك أعمال أخرى لا تحمل أي عنوان، حيث تقدم رؤية تجريدية لمدينته أصيلة. وفي مجملها تعكس اشتغالا على المعمار، مع استغلال خطوط التلاشي من أجل إثباتها. غاية مصباحي فيها إعطاء قيمة لمفهوم التلاشي وللموضع المعالج. كما تعبر عن قضايا اجتماعية وتحمل رسائل بيداغوجية بحكم مهنته التي أثرت في مساره وتجربته. غالبها منجز على القماش بالصباغة الزيتية، مع وجود بعض الميل إلى التشخيص، بالإضافة إلى توظيف طاغ للون الأزرق، توازيه طبقات لونية متنوعة. وتقوم تقنيتها على اللصق واستغلال عناصر طبيعية وأشكال هندسية تتناسب مع الألوان.
أما الاسم الثاني المشارك في هذا المعرض، فيتعلق بالمصممة والتشكيلية مريم بن فارس. لم تتلق هذه الشابة الزيلاشية التي رأت النور سنة 1992 أي تعليم في مجال الفن التشكيلي، ولا تعلمته في ورشات أصيلة. هي مصممة أزياء. تشربت أصول فن التصميم وشغفت به في البيت حيث فتحت عينيها على امرأتين ماهرتين في الصناعة التقليدية هما والدتها وجدتها. لكن ما كانت تقوم به بدافع الشغف والإعجاب في البيت، تحول بعد حصولها على البكالوريا إلى مادة علمية في مدرسة في مدينة طنجة. من هناك انطلق مشوارها في هذا المجال، الذي وصل إلى محطة المعرض الجاري في موسم أصيلة الثقافي.
تعبر تشكيلة الأزياء، التي تشارك بها لأول مرة في موسم أصيلة الثقافي، عن إبداعية تشكيلية تحمل روحا فنية وجمالية فريدة، وهي تتكون من ثلاثة فساتين مختلفة الأشكال والألوان، محمولة على سُنُد جسدية عبارة عن مجسمات بشرية بلاستيكية. يبدو الأول المصمم من قماش أبيض مثل لوحة كاليغرافية، حيث يحيل على كلمات مفتاح من قبيل «نور»، «سعادة»، «طبيعة»، وهي كلمات تعبر عن البهجة والحياة. ويحيل التصميم الثاني على لباس افريقي محلي مصنوع من الدوم، فيما العمل الثالث عبارة عن فستان مصمم على هيئة لوحة تجريدية كثيرة الألوان. وتتكون ألوان هذه الأعمال الثلاثة من الأحمر والأزرق والأصفر، وهي الألوان الأساسية في فن الرسم، حيث يحيل استعمالها، الذي يشبه قوس قزح، على حرية المرأة، وهو الموضوع الطاغي على مشغولات مريم بن فارس. تعانق هذه الأخيرة مبادئ الفن المعاصر، حيث تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الأشكال التقليدية، بل كسر الممارسة الفنية الكلاسيكية. وتستوحي مواضيعها في الغالب من قصص النساء، وترمي إلى تحريرها من القيود المفروضة عليها.
من جانب آخر، يقدم الفنان الفوتوغرافي عبد العزيز أشرقي، في أعماله التي يتضمنها هذا المعرض، صورا تركز على كل ما هو تقليدي في المجتمع المغربي (الحايك والجلباب مثلا)، ويقتنص لحظات إنسانية معبرة، مثل بسمة طفل أو تجمع نسائي أو رد فعل عفوي، وحالات إنسانية تختزل الحزن والألم والأمل واليأس، فضلا عن بورتريهات لرموز أصيلة يوثق بها التاريخ الاجتماعي للمدينة. وتتخذ أعمال طارق فيطح صبغة تجريدية خالصة، توظف أشكالها، المنجزة على حوامل مختلفة، تقنيات متنوعة وأدوات متعددة (خشب، حديد، نباتات مثل الدوم)، فضلا عن تنصيباته اللافتة للنظر. أما سوسن المليحي، فتشتغل على آثار المادة، وتسعى إلى تحقيق نتائج مختلفة من خلال توظيف الورق واستغلال الزجاج. وتوضح أعمال رانية الدرقاوي ميلا خاصا إلى توظيف ألوان طاغية، مثل الأزرق والأبيض والأصفر والبرتقالي، وإلى إنجاز تنويعات فنية من المربعات والمثلثات والدوائر، مع استغلال العلامة. وما يميز عملها أكثر هو خروجها عن الإطار التقليدي للوحة واستعمال حوامل مختلفة.

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *