الكيمياء الخضراء

الكيمياء الخضراء قد تجعل الدولار اكثر اخضراراً

يقدر أن الولايات المتحدة تنتج سنوياً ما يزيد عن عشرة ملايين طن من المواد والمخلفات الكيميائية الضارة التي بدورها تتطلب عمليات معالجة أو إعادة تدوير للتخلص منها . وهنا يظهر العبء الاقتصادي الفادح و تتجسم المشكلة في صورتها الغير مقبولة والتي يمكن إيجازها بان قطاع الصناعة في الولايات المتحدة ملزم بإنفاق 100-150 بليون دولار ليطبق ويحقق القوانين واللوائح المتعلقة بالمحفظة على البيئة. وبحسبة بسيطة ستجد أن بعض الشركات العملاقة في مجال الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية قد تنفق سنوياً ما من البليون دولار على الأمور المتعلقة بالمحافظة علي البيئه وهو مالا تنفقه على البحث والتطور . هذا ما جعل بعض الراصدين يعلق بخبث ان الكيميائيين العاملين في قطاع الصناعة يقضون وقتاً أطول في عملية تنظيف المخلفات الصناعية اكثر مما يصرفونه من الوقت في إنتاج المنتجات المطلوبة فضلا عن تطويرها وتحسينها . وبهذا يتبين ويتجسد ان جديد الكيمياء الخضراء هو معالجة مشكلة التلوث البيئي باستاصال المشاكل من جذورها، فبدلا من معالجة التلوث والتحكم به و تقليصه بعد وقوع الحدث نجد ان الكيمياء الخضراء تركز على منع وإيقاف تكون الملوثات والمواد الضارة من الأساس مما يؤدي بالضرورة الى انعدام الحاجة لمعالجة وإزالة هذه الملوثات . من جانب آخر نجد ان الكيمياء الخضراء مربحة اقتصادياً من خلال تطبيقها لمبدا اقتصاد الذرة Atom Economy عن طريق ضمان ان اغلب المواد المتفاعلة في مستواها الجزئي والذري تصمم بحيث نضمن ان ناتج التفاعل المطلوب يرتفع الى نسبة 80-90% بدلاً من الطرق التقليدية التى الا تعطي الا 40% على سبيل المثال وهذا بلا شك سوف يزيد من الانتاجية ويقلل المخلفات. من هذا وذالك نعلم ان الكيمياء الخضراء في حال تو ظيفها بكفائة سوف توفر مئات البلايين من الدولارات وهوما سوف يسهم في قوة الاقتصاد للدول الصناعيه المتقدمة، ولذا فلا عجب ان العمله الورقية الخضراء ( الدولار ) سوف تزداد اخضراراً ونضارة. ومن حسن الطالع ان الأداء الاقتصادي للدول الفقيرة والدول النامية سوف يتحسن ويتوّرق ويخضّر هو الآخر، حيث يوجد تلازم وتوافق بين مفهوم التنمية المستدامة sustainable development والكيمياء المستدامة أو الخضراء حيث أن الكيمياء الخضراء في بعض جوانبها تحقق الرخاء الاقتصادي والبيئي على السواء . هذه الاستدامه المأمولة يمكن ان تتحقق على سبيل المثال عن طريق الاعتماد اكثر على مصادر الطاقة المتجددة واستخدام المصادر المتجددة للحصول على المواد الخام الاوليه الداخلة في الصناعات الكيميائية .
و بالرغم من كل هذا الإسهام الخلاق للكيمياء الخضراء في جعل البيئة من حولنا اكثر نقاءً و بهاءً و اخضرارا، يبقى السؤال قائماً هل عملية التجميل الخضراء هذه للعجوز الكيميائية المتصابية قادرة على مسح تجاعيد وأخاديد الزمن الغائرة من محيا الفاتنة و الغانية الكيماوية . بمعنى هل شراء الأصباغ و المكياج الأخضر من حوانيت العطارة الحديثة يمكن أن تصلح ما أفسده الدهر من سمعة الكيمياء المشاعة لوسائل الإعلام التي لا ترقب فينا أصحاب المعاطف البيضاء إلاً ولا ذمة . ولكن حذاري فللصبر حدود عند الكيميائيين كما عند غيرهم فإن لم تغمد الأقلام الثقيلة ضد الكيمياء ومحترفيها فسوف يغضبون غضبة مضرية لشرفهم الرفيع المدنس وسيمتشقون الحسام الصارم تصديقاً لقول الأول
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدمُ
 
و لا تنسوا أن في جعبة الكيميائيين أسلحة فتاكة أقلها شأننا الكيماوي المزدوج و غاز الأعصاب!!! و العاقل من أتعض بغيره و السلام.

المصدر: مجلة المياه

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *