المدرسة «الرشدية» في إربد الأردنية: صرح تعليمي لإرث تاريخي
[wpcc-script type=”662f8ec055137caa4bd102cb-text/javascript”]

إربد ـ الأناضول: على تل إربد شمال الأردن، تقف المدرسة «الرشدية» شامخة بأحجارها القديمة، مجاورة لسرايا الحاكم العثماني، تروي عمق الحضارة وأصالتها، وحرص أهل المدينة على العلم والمعرفة.
تأسست المدرسة عام 1899 وبناها مجلس المعارف لولاية دمشق، بعد مراسلات أهالي مدينة إربد مع المسؤولين في الإدارة العثمانية.
في مكتبة المدرسة، يجد زائرها نقشاً عثمانياً لثلاثة أبيات شعرية، مؤرخة بسنة 1319 هجرية، تقول ترجمته: «من حبه للخير للعلم وبهمته العالية، أصبح بإمكاننا الاجتماع والدراسة في هذه المكتبة».
قائمة حتى اليوم
المدرسة القائمة حتى يومنا هذا، وتحمل اسم العالم اللبناني «حسن كامل الصباح» كانت تتألف من ستة صفوف، وكان دخولها تمهيداً للطلبة الراغبين بإكمال تعليمهم للوصول إلى مدرسة عنبر السلطانية بدمشق.
وأوضح جنكيز إر أوغلو، مدير المركز الثقافي التركي في عمان، إن «هناك من يسمي تلك المدارس التي بنيت في زمن الدولة العثمانية بعدد من الدول العربية على أنها الرشيدية».
واستدرك: «الصحيح هو الرشدية، نسبة إلى الطالب الرشيد، وهي المرحلة التعليمية المتوسطة».
وأشار إلى أن «جميعها بدأ بناؤها في عهد السلطان عبد المجيد، ما بعد عام 1850 لكنها انتشرت في أماكن واسعة بالشرق الأوسط بعهد السلطان عبد الحميد الثاني».
ونفى إر أوغلو، ما وصفه بـ»ادعاءات بعض المؤرخين العرب، بأن الدولة العثمانية كانت تحارب التعليم وخاصة في بلاد الشام، ووجود هذه المدارس ينفي تلك المزاعم».
أما مدير المدرسة، زكريا الجوارنة، فقد بين أن «مسميات المدرسة اختلفت حسب المرحلة التي مرت بها».
وتابع: «استمرت تعرف بالرشدية من عام 1900 وحتى عام 1925 ثم التجهيزية وهو اسم تركي حتى صدور دستور الأردن الأول عام 1928 وبقيت بهذا الاسم لعام 1942».
ويضيف: «عام 1942 وحتى عام 1958 تحولت المدرسة إلى إربد الثانوية للبنات، ثم حسن كامل الصباح الثانوية للبنين من عام 1958 وحتى يومنا هذا».
ولفت: «كانت المدرسة منذ تأسيسها تتكون من ستة صفوف، ثم أخذت في الاتساع، إلى أن وصلت عام 1927 لصف تمهيدي وستة أساسية وأربعة تجهيزية».
من أبرز المعالم التربوية
وأكد مدير تربية إربد، صالح العمري: «إن المدرسة الرشدية هي من أبرز المعالم التربوية الأردنية، ليس فقط في إربد وإنما في عموم البلاد».
وأضاف أن الرحالة أوليفانت زار إربد عام 1878وقال إن بواكير الاهتمام بالتعليم تم من خلال بناء غرف للتعليم في المنطقة (في إشارة إلى المدرسة الرشدية).
وتابع: «المدرسة خرجت أفواجاً كثيرة من الطلبة، ممن أصبحوا فيما بعد أبرز رجال الأردن».
وأهم تلك الأسماء، حسب العمري: وزير التربية والتعليم السابق تيسير النعيمي، والوزراء السابقون عبد الرحيم العكور، ووليد المصري، وقاسم أبو عين.
ومن أعضاء مجلس النواب السابقين (الغرفة الأولى للبرلمان) تخرج منها كل من محمود مهيدات، وحسني الشياب، وأحمد الكوفحي، إضافة إلى العديد من الشخصيات الأخرى.
عبد الغفور القرعان، متحدث وزارة التربية والتعليم، شدد على «أن الوزارة حريصة على استمرار وجود المدرسة؛ إذ تعد صرحاً تعليماً مميزاً».
وزاد: «هي المدرسة الرشدية الثانية في الأردن، إضافة إلى أخرى موجودة في مدينة الكرك جنوب البلاد».
ومضى: «قررت الوزارة هذا العام إخلاء المدرسة لأغراض الصيانة والترميم، وقد تم طرح عطاء لذلك، وستتم مباشرة ذلك قريباً؛ ليعود الطلاب إليها مجدداً».
ونوه إلى أن «المدرسة قائمة للمرحلة الثانوية، وتضم ثمانية صفوف، أربعة منها للصف الأول الثانوي الأدبي، وأربعة أخرى للصف الثاني».
وتوجد في الأردن 15 مدرسة تعد هي الأقدم تاريخياً في البلاد، وتتوزع على مختلف المحافظات، يتراوح تاريخ إنشائها ما بين 1899 و1923 إلا المدرستين الرشدية في إربد والكرك هما الأقدم، إضافة إلى مدرسة وادي السرر في العاصمة عمان.
وكان الأردن تابعاً للدولة العثمانية من عام 1516 إلى 1918 وتم تقسيمه إلى عدة مقاطعات، كانت تتبع حينها لولاية دمشق.


