‘);
}
طبيعة المعرفة في المذهب الواقعي
ظهر الاتجاه الواقعي في الفلسفة كرد على الاتجاه المثالي، الذي يعتقد بأسبقية الوهي أو الروح على المادة، في حين عرف المذهب الواقعي بكونه ماديًا من حيث الأنطولوجيا، فنظرته إلى الوجود مرتبطة بالعالم المادي الذي يحيط بالإنسان ولا تستند إلى أي مقولات ميتافيزيقية، أو روحية، أو دينية. تأسست نظرية المعرفة في الاتجاه الواقعي من خلال ما يعرف بالأبستمولوجيا، وتطورت على يد عدد من الفلاسفة. [١]
جذور نظرية المعرفة في المذهب الواقعي
إن جذور المعرفة في المذهب الواقعي ترجع إلى الفلسفة اليونانية تحديدًا عند أرسطو، فقد اختلف مع أفلاطون، رغم تأثره في بعض النواحي في مثاليته، ويمكن تلخيص نظرية المعرفة الأرسطية بالنقاط التالية:[١]
يرى أرسطو أن الحواس هي المبدأ والمنطلق الأساسي للمعرفة، إلا أنها تعطينا المعارف مشتتة، ومتفرقة، ومن خلال هذا يمكن ملاحظة أن أرسطو وقف على الحد، فرغم اعتقاده بضرورة تقديم المعارف التجريبية الحسية إلا أنه لم يقف فقط عند هذا، وأكد على أن للعقل دور في تنظيم هذه المعارف، وتنسيقها، والربط فيما بينها للتوصل إلى النتائج النهائية.
- الحواس نافذة الإنسان لمعرفة واقعه
‘);
}
تعد الحواس نافذة الإنسان لمعرفة واقعه. وعرّف أرسطو النفس على أنها كمال أول لجسم يتمتع بالحياة والقوة، ومن خلال هذا يمكن ملاحظة أثر العلوم الطبيعية، في فلسفة أرسطو، لكونه عالم بيولوجيا، وطبيب.
- الإحساس بالقوة
أي أن هنالك استعدادات عند الإنسان للمعرفة، وهذه الفكرة نتيجة لفكرته حول الوجود بالقوة والوجود بالفعل، فالإحساس ينزع مادة الصورة التي تنطبع في القوة الحاسة، والإدراك الحسي يكون من خلال التييز بين القوة والفعل في الحاسة، وتحول الاستعداد الحسي إلى موجود بالفعل.
- موقفه من الحس الباطن
كان لأرسطو موقف معين من الحس الباطن، وعده المرتبة الثانية من الإدراك الحسي، ومن خلالها يمكن الجمع بين المدركات التي يتم تحصيلها من خلال الحواس، وتشتمل على الحس المشترك والتخيل. فالحس المشترك يصاحب إحساس الذات الإنسانية بالشيء، من خلال الوسائط، ويقع في طور أعلى من الحواس الخمس، أما التخيل فهو القوة التي نحكم بها بالنسبة لأرسطو.
- إقراره للعقل
أقر أرسطو بالعقل، ولم يهمشه، ودار جداول كبير بين الفلاسفة اللاحقين حول تأويل رأي أرسطو بالعقل ووظيففته في المعرفة، إلا أن أغلب المؤشرات تدل على أن أرسطو أقر بالعقل كاستعداد، أو وعاء، تجتمع فيه الصور المغقولة، وهو شرط للمعرفة.
تطور نظرية المعرفة في الاتجاه الواقعي في العصر الحديث
يمكن القول أن السبب الرئيسي لتطور نظرية المعرفة في العصر الحديث هو المنجزات العلمية، ومحاولة وضع حد للتيار العقلاني والمثالي، الميتافيزيقي، فجون لوك وهو رائد الفلاسفة التجريبيين والواقعيين أكد في بداية بحثه على أن ما نادت به التيارات العقلانية تحديدًا في فلسفة ديكارت حول وجود أفكار فطرية ليس صائبًا، فالعقل بالنسبة للوك كالصفحة البيضاء، ويولد الإنسان دون أي معارف مسبقة.[٢]
ويؤسس لوك نظريته في طبيعة المعرفة على فرض أن المعرفة المسبقة لو كانت موجودة لما احتاج الإنسان البحث عنها من خلال الحواس، والتجريب، ويقول لوك: ” لكي يحصل الإنسان على المعرفة الصادقة عليه أن يسوق الفكر إلى الطبيعة الثابتة للأشياء وعلاقاتها الدائمة، وليس العكس بأن تأتي بالأشياء إلى فكرنا”.[٢]
وأصل المعاني عند لوك يمكن فهمه من خلال التصنيف العام لها، وتنقسم إلى صنفين: المعاني البسيطة؛ وهي المعاني المكتسبة بالتجربة الظاهرة والباطنة. أما الصنف الآخر فهو المعاني المركبة وهي التي ترجع إلى التفكير في المعاني البسيطة، وتنقسم المعاني البسيطة إلى ثلاثة أقسام، وهي كالآتي:[٢]
- المعاني المحسوسة بالحواس الظاهرة.
ويمكن الاستدلال عليها من خلال صفات الأشيء كالخشونة والبرودة.
- المعاني المدركة من خلال الباطن.
ويرجع أصل هذه العاني إلى الانتباه والذهن والذاكرة والنتباه، والإرادة.
- المعاني المحسوسة، والمدركة في الباطن.
مثل الوحدة والوجود، والألم واللذة، ويركز لوك على أن اللذة والألم مصاحبان لجميع معاني الإنسان الظاهرة والباطنة، أما الوحدة والوجود، فينتجان عن مؤثرات خارجية.
المراجع
- ^أبزكي محمود، نظرية المعرفة، صفحة 13-22. بتصرّف.
- ^أبتيوسف كرم ، تاريخ الفلسفة الحديثة، صفحة 148-149. بتصرّف.