المسرحي‭ ‬العراقي‭ ‬بيات‭ ‬مرعي‭: ‬ أبحثُ‭ ‬دائِماً‭ ‬عن‭ ‬شيفراتٍ‭ ‬تُسحرُ‭ ‬المُتلقي‭ ‬

العراق‭ ‬ـ‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬العربي‮»‬ ‭ ‬: ‬ تواجه‭ ‬محترفو‭ ‬المسرح‭ ‬العربي‭ ‬تحديات‭ ‬واضحة‭ ‬تضع‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬أمام‭ ‬مأزق‭ ‬تشير‭ ‬علاماته‭ ‬إلى‭ ‬انحسار‭ ‬دوره‭ ‬وفاعليته‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الثقافية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬مايزال‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الكافية‭ ‬التي‭ ‬تدفعه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يبقي‭ ‬المسرح‭ ‬رهانه‭ ‬الجمالي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬من‭ ‬أسئلة‭ ‬تتعلق‭ ‬بوجوده‭ ‬في‭ […]

المسرحي‭ ‬العراقي‭ ‬بيات‭ ‬مرعي‭: ‬ أبحثُ‭ ‬دائِماً‭ ‬عن‭ ‬شيفراتٍ‭ ‬تُسحرُ‭ ‬المُتلقي‭ ‬

[wpcc-script type=”5895d8fbe34317747e9075bf-text/javascript”]

العراق‭ ‬ـ‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬العربي‮»‬ ‭ ‬: ‬ تواجه‭ ‬محترفو‭ ‬المسرح‭ ‬العربي‭ ‬تحديات‭ ‬واضحة‭ ‬تضع‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬أمام‭ ‬مأزق‭ ‬تشير‭ ‬علاماته‭ ‬إلى‭ ‬انحسار‭ ‬دوره‭ ‬وفاعليته‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الثقافية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬مايزال‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الكافية‭ ‬التي‭ ‬تدفعه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يبقي‭ ‬المسرح‭ ‬رهانه‭ ‬الجمالي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬من‭ ‬أسئلة‭ ‬تتعلق‭ ‬بوجوده‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬نظرا‭ ‬لما‭ ‬يتفرد‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬تقنيات‭ ‬خاصة‭ ‬تمنحه‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬وحميمية‭ ‬مع‭ ‬المتلقي،‭ ‬بالتالي‭ ‬تضعه‭ ‬في‭ ‬مكانة‭ ‬متميزة‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الفنون‭ ‬الأخرى،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬تقنيات‭ ‬ووسائط‭ ‬حديثة،‭ ‬والفنان‭ ‬المسرحي‭ ‬بيات‭ ‬مرعي‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬منصة‭ ‬للانفتاح‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬جمالية‭ ‬وإنسانية‭ ‬بأساليب‭ ‬وأدوات‭ ‬تسعى‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬كسر‭ ‬التوقع‭ ‬داخل‭ ‬التجربة‭ ‬ذاتها،‭ ‬وكذلك‭ ‬لدى‭ ‬المتلقي،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬مفتاح‭ ‬حوارنا‭ ‬معه‭. 

‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬شكله‭ ‬أو‭ ‬مضمونه‭ ‬يبقى‭ ‬الإنسان‭ ‬قضيتي‭ ‬التي‭ ‬ابحث‭ ‬عنها

■‭ ‬أنت‭ ‬تكتب‭ ‬نصوصا‭ ‬مسرحية‭ ‬وتمارس‭ ‬عملية‭ ‬الإخراج‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬فنيا،‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬مشروع‭ ‬محدد؟‭ ‬أم‭ ‬أنك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬لديك‭ ‬افتراضات‭ ‬خاصة‭ ‬بالتجربة‭ ‬ذاتها؟‭ ‬

□‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬المسرح‭ ‬متعتي‭ ‬ورسالتي،‭ ‬كتابةً‭ ‬وعرضاً،‭ ‬فالكتابة‭ ‬عالم‭ ‬ساحر‭ ‬لا‭ ‬تنفك‭ ‬رموز‭ ‬وأسرار‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬أحلق‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬تتحول‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬دونتها‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬مسرحي،‭ ‬إنها‭ ‬رحلة‭ ‬إلى‭ ‬معبد‭ ‬تصوفي‭ ‬وخلوتي‭ ‬التي‭ ‬أستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الغور‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أتخيله‭ ‬وأحلم‭ ‬به‭. ‬لذا‭ ‬أشعر‭ ‬هناك‭ ‬بأنني‭ ‬أجالس‭ ‬قريني،‭ ‬أحدثه‭ ‬ويحدثني‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬رسمته‭ ‬في‭ ‬خيالي‭ ‬ومخيلتي،‭ ‬والذي‭ ‬أبحث‭ ‬فيه‭ ‬،عن‭ ‬هموم‭ ‬الإنسان‭ ‬ومظلوميته،‭ ‬أين‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬إيجادها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الواقعي،‭ ‬عن‭ ‬افتراضات‭ ‬وبديهيات‭ ‬وبدائل‭ ‬لهذا‭ ‬العالم‭ ‬المشتبك‭ ‬بشتى‭ ‬ألوان‭ ‬الهموم‭ ‬والاضطرابات،‭ ‬لذا‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬شكله‭ ‬أو‭ ‬مضمونه‭ ‬يبقى‭ ‬الإنسان‭ ‬قضيتي‭ ‬التي‭ ‬ابحث‭ ‬عنها‭.‬علما‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬تجربة‭ ‬رؤيتها‭ ‬وخصوصيتها،‭ ‬لكنها‭ ‬تبقى‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬سبقتها،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬الإنسان‭ ‬وتحرره‭.‬

■‭ ‬العناصر‭ ‬الفنية‭ ‬والتقنية‭ ‬التي‭ ‬ينهض‭ ‬عليها‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي‭ ‬متنوعة،‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬العناصر‭ ‬تراهن،‭ ‬الممثل‭ ‬أم‭ ‬النص‭ ‬أم‭ ‬الشكل‭ ‬الفني؟‭ ‬

□‭ ‬سؤال‭ ‬مهم‭ ‬جداً،‭ ‬أنا‭ ‬إنسان‭ ‬أنتمي‭ ‬لهذا‭ ‬العصر،‭ ‬لكنني‭ ‬أتطلع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬يتكون‭ ‬بعد،‭ ‬شكلا‭ ‬ومضمونا‭. ‬لذا‭ ‬أجد‭ ‬صعوبة‭ ‬بالغة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬عتبة‭ ‬لأقف‭ ‬عليها‭ ‬شرط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عتبة‭ ‬لم‭ ‬يقف‭ ‬عليها‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬الآخر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلني‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬بحث‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬اللعبة،‭ ‬لا‭ ‬أخفي‭ ‬سراً‭ ‬وهذا‭ ‬رأيي‭ ‬الخاص،‭ ‬أن‭ ‬الممثل‭ ‬في‭ ‬أعمالي‭ ‬ليس‭ ‬امتيازا‭ ‬مطلقاً،‭ ‬والظل‭ ‬عندي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬شأنا‭ ‬عن‭ ‬أصله،‭ ‬وكذلك‭ ‬النص‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬منصة‭ ‬انطلاق‭ ‬إلى‭ ‬بحر‭ ‬هائج،‭ ‬أما‭ ‬الشكل‭ ‬فهنا‭ ‬العقدة‭ ‬التي‭ ‬أحاول‭ ‬تفكيكها‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬متنها‭ ‬عن‭ ‬الدهشة‭ ‬والصدمة‭ ‬والانبهار‭.‬

■‭ ‬المسرح‭ ‬ظاهرة‭ ‬ثقافية،‭ ‬ويأتي‭ ‬ضمن‭ ‬أدوات‭ ‬التواصل‭ ‬والتراسل‭ ‬الإنساني،‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬العراقية؟

□‭ ‬مازال‭ ‬المسرح‭ ‬العراقي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كونه‭ ‬ظاهرة‭ ‬ثقافية‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬طور‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬التطوّر،‭ ‬إلى‭ ‬قفزة‭ ‬نوعية‭ ‬أخرى،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬له‭ ‬بين‭ ‬مسارح‭ ‬الأمم‭ ‬المتقدمة،‭ ‬إن‭ ‬المسارح‭ ‬التي‭ ‬تتبوأ‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬مسارح‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى،‭ ‬هي‭ ‬مسارح‭ ‬ذات‭ ‬ملامح‭ ‬وسمات‭ ‬وتقاليد‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭. ‬على‭ ‬المسرحي‭ ‬عندنا‭ ‬أن‭ ‬يناضل‭ ‬بلا‭ ‬هوادة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بلورة‭ ‬وصياغة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخصوصية‭ ‬المتمثلة‭ ‬بالمعاصرة‭ ‬في‭ ‬الطرح‭ ‬والهموم‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والحِرفية‭ ‬في‭ ‬الخلق‭ ‬والتجسيد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬مجتمعنا‭ ‬يخوض‭ ‬مخاضاً‭ ‬سياسياً‭ ‬جذرياً‭ ‬وشاملاً،‭ ‬فإن‭ ‬تطور‭ ‬المسرح‭ ‬أمر‭ ‬حتمي،‭ ‬لأنّ‭ ‬رياح‭ ‬التغيير‭ ‬تشمل‭ ‬المسرح‭ ‬أيضاً‭.‬

■‭ ‬هل‭ ‬يكفي‭ ‬وجود‭ ‬مكان‭ ‬خال‭ ‬أو‭ ‬فضاء‭ ‬مفتوح‭ ‬لتقديم‭ ‬عرض‭ ‬مسرحي؟

□‭ ‬يقول‭ ‬بيتر‭ ‬بروك‭ ‬‮«‬إن‭ ‬المكان‭ ‬المثالي‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬تواصلاٌ‭ ‬حقيقياٌ،‭ ‬مازال‭ ‬لم‭ ‬يُعثر‭ ‬عليه‮»‬‭. ‬إن‭ ‬البحث‭ ‬والاندفاع‭ ‬نحو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬ومقت‭ ‬التكرار،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ثابت‭ ‬غير‭ ‬متحرك،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مؤكد،‭ ‬وإن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬للامتحان‭ ‬والتطبيق‭ ‬لكي‭ ‬يعاد‭ ‬اكتشافه‭ ‬من‭ ‬جديد‭. ‬وعدم‭ ‬التقيد‭ ‬بأي‭ ‬اتجاه‭ ‬أو‭ ‬مذهب‭ ‬مسرحي‭.‬ه‭ ‬ذا‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬النتيجة‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتناول‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬خال‭ ‬فنسميه‭ ‬مسرحا‭ ‬عاريا‭. ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يقتضيه‭ ‬الفعل‭ ‬المسرحي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يمشي‭ ‬شخص‭ ‬عبر‭ ‬تلك‭ ‬الفسحة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يراقبه‭ ‬شخص‭ ‬آخر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رأي‭ ‬بيتر‭ ‬بروك‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬كافيا‭ ‬اليوم،‭ ‬لقد‭ ‬تقادم‭ ‬عليه‭ ‬الزمن،‭ ‬لأننا‭ ‬نحتاج‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكتمل‭ ‬الفعل‭ ‬المسرحي‭ ‬ويتفجر،‭ ‬إلى‭ ‬شخص‭ ‬ثالث‭ ‬يراقب‭ ‬عملية‭ ‬المرور‭ ‬والمراقبة‭ ‬التي‭ ‬يشترك‭ ‬فيها‭ ‬الشخص‭ ‬الأول‭ ‬والثاني،‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بفعل‭ ‬المراقبة‭. ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬أجد‭ ‬أن‭ ‬التركيز‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬المكان‭ ‬وإنما‭ ‬ما‭ ‬يتقدم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬وتطويع‭ ‬المكان‭ ‬للشكل‭ ‬الجديد‭ ‬وضمن‭ ‬جوهر‭ ‬مصاغ‭ ‬بدقة‭ ‬لاحتواء‭ ‬رسالة‭ ‬العمل‭ ‬وشكله‭ ‬المطواع‭ ‬للتغير‭.‬

■‭ ‬مكانة‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬عموم‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬كفعل‭ ‬وممارسة‭ ‬ثقافية‭ ‬وفنية‭ ‬بدأت‭ ‬تنحسر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ما‭ ‬الأسباب؟

□‭ ‬هنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬النـزوع‭ ‬إلى‭ ‬تأصيل‭ ‬المسرح‭ ‬العراقي‭ ‬وفي‭ ‬عموم‭ ‬المنطقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استلهام‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬المادة‭ ‬التراثية‭. ‬لغناهما‭ ‬المعرفي‭ ‬ولاحتوائهما‭ ‬على‭ ‬طاقة‭ ‬درامية‭ ‬هائلة‭. ‬كذلك‭ ‬كسر‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬لأجلها‭ ‬تحدد‭ ‬خطوات‭ ‬التقدم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مراوغة‭ ‬الرقيب‭ ‬ومؤسسته،‭ ‬بما‭ ‬تمتلكه‭ ‬المادة‭ ‬المستلهمة‭ ‬من‭ ‬مرونة‭ ‬في‭ ‬التأويل‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬تغليف‭ ‬المعنى‭ ‬الباطني‭ ‬المكتوم‭ ‬بالمعنى‭ ‬الظاهري‭ ‬المعلوم،‭ ‬كذلك‭ ‬التجول‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إرضاء‭ ‬الجانب‭ ‬النفسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬للجمهور‭ ‬لانطوائها‭ ‬على‭ ‬شحن‭ ‬ترغيبية‭ ‬وتشويقية‭ ‬وانحيازية‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التفاعل‭ ‬ربما‭ ‬نستطيع‭ ‬فتح‭ ‬أبواب‭ ‬عتبات‭ ‬ثقافية‭ ‬جديدة،‭ ‬ربما‭ ‬غير‭ ‬نمطية‭ ‬استاتيكية‭. ‬

ليس‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حواراً‭ ‬ونقاشاً‭ ‬بين‭ ‬الممثل‭ ‬والجمهور‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التأثير‭ ‬فيهم

■‭ ‬المراهنة‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬يقدمه‭ ‬المسرح‭ ‬مقابل‭ ‬التطور‭ ‬الهائل‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة،‭ ‬هل‭ ‬مازالت‭ ‬قائمة‭ ‬وممكنة؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬استحداثه‭ ‬أو‭ ‬التركيز‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات؟

□‭ ‬ربما‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬أعقد‭ ‬ما‭ ‬يواجهه‭ ‬العمل‭ ‬المسرحي‭ ‬اليوم‭. ‬وهنا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬شيفرات‭ ‬وأليات‭ ‬تسحر‭ ‬المتلقي‭ ‬المسرحي‭ ‬بالقدر‭ ‬المتحقق‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الوسائل،‭ ‬والأهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬أن‭ ‬الوسائل‭ ‬الحديثة‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬مشاهدة‭ ‬تقليدية‭ ‬للمتلقي،‭ ‬فهل‭ ‬يستطيع‭ ‬المسرح‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬مشاهدة‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬أيضا‭.. ‬هنا‭ ‬تبدو‭ ‬الإشكالية‭.. ‬وأنا‭ ‬اؤكد‭ ‬أن‭ ‬المسرح‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة،‭ ‬وجعلها‭ ‬ضمن‭ ‬مقتربات‭ ‬العمل‭ ‬المسرحي‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬انفتاح‭ ‬العمل‭ ‬المسرحي‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬جديدة‭ ‬تخضع‭ ‬لمفهوم‭ ‬التمرد‭ ‬أو‭ ‬كسر‭ ‬المألوف‭ ‬لأجل‭ ‬تقديم‭ ‬مشاهدة‭ ‬جديدة‭ ‬للمتلقي‭. ‬وأخيرا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطويع‭ ‬وسائط‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة‭ ‬بشكل‭ ‬جمالي‭ ‬مدروس‭ ‬بعناية‭ ‬فائقة‭. 

■‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تتيحه‭ ‬لنا‭ ‬عملية‭ ‬التلقي‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي‭ ‬من‭ ‬متعة‭ ‬ومعارف‭ ‬وممكنات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬الفنون‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬السينما‭ ‬أو‭ ‬التلفزيون‭ ‬وبقية‭ ‬الحقول‭ ‬الفنية؟

□‭ ‬المسرح‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬المتلقي،‭ ‬لذا‭ ‬نجد‭ ‬المسرح‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬ظهوره‭ ‬جعل‭ ‬المشاهد‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬تفاعله،‭ ‬وتنامى‭ ‬ذلك‭ ‬التفاعل‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬الحديث،‭ ‬حيث‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬التفاعلية‭ ‬بين‭ ‬المرسل‭ ‬الممثل‭ ‬والمرسل‭ ‬إليه‭ ‬المتلقي،‭ ‬فليس‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حواراً‭ ‬ونقاشاً‭ ‬بين‭ ‬الممثل‭ ‬والجمهور،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التأثير‭ ‬فيهم‭. ‬المسرح‭ ‬عملية‭ ‬خلق‭ ‬وتواصل‭ ‬مباشر،‭ ‬أما‭ ‬السينما‭ ‬والتلفزيون‭ ‬فلا‭ ‬يحظى‭ ‬المتلقي‭ ‬منهما‭ ‬بذلك‭ ‬التماس‭. ‬

٭‭ ‬من‭ ‬إصداراته‭ ‬الأدبية‭: ‬‮«‬الخيول‭ ‬الجريفونية‮»‬‭ ‬مجموعة‭ ‬قصصية،‭ ‬‮«‬ما‭ ‬أتلفته‭ ‬الرفوف‮»‬‭ ‬مجموعة‭ ‬قصصية،‭ ‬‮«‬طعنة‭ ‬برد‮»‬‭ ‬رواية،‭ ‬‮«‬هذيانات‮»‬‭ ‬ويضم‭ ‬مجموعة‭ ‬مسرحيات‭ ‬منها‭ ‬‮«‬الجان‭ ‬والمجنون‮»‬،‭ ‬‮«‬خيط‭ ‬من‭ ‬تراب‮»‬،‭ ‬‮«‬الضباب‭ ‬يقظ‮»‬،‭ ‬‮«‬هذيانات‭ ‬معطف‮»‬،‭ ‬‮«‬حلم‭ ‬الفناجس‮»‬،‭ ‬‮«‬القضية‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬تُرجم‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسرحيات‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬لغات‭ ‬وتم‭ ‬تقديم‭ ‬أغلبها‭ ‬ولأكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬على‭ ‬مسارح‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬العراق،‭ ‬وفازت‭ ‬مسرحيتا‭ ‬‮«‬الجان‭ ‬والمجنون‮»‬‭ ‬و«هذيانات‭ ‬معطف‮»‬‭ ‬بجائزة‭ ‬أفضل‭ ‬عرض‭ ‬متكامل‭ ‬للعامين‭ ‬2012‭ ‬و2013‭. ‬كما‭ ‬فازت‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬الرقم‭ ‬السري‮»‬‭ ‬بالجائزة‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬الشاعر‭ ‬أحمد‭ ‬باكثير‭.‬

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *