المعلم الناجح

Share your love

وكما يقول حسني عايش أن أهمية المعلم في البلدان المتخلفة ومنها العربية تفوق أهميته في البلدان المتقدمة لأن الأسرة ( المدرسة الأولى) متخلفة الأبوين على حد قوله مما يجعلها لا تستطيع مساعدة أطفالها تربوياً أي تغطية عيوب المدرسة يضاف إلى ذلك غياب المنظمات التربوية الضاغطة لصالح الطفل والمعلم والتطوير التربوي السديد في تلك البلدان والمردود السلبي للمدرسة الثانية أو الموازية أو الإعلامية على التعلم والتعليم وبخاصة في مجال القيم ( عايش ، 1995).

من هنا تبدو أهمية المعلم في مجتمعنا وأن التغيير إن لم يكن المعلم قائداً له فإنه لن يكون هناك تغير وأن المعلم هو بيت القصيد في العملية التربوية فهو يقوم بتنفيذ مشروع “تكوين الطفل” أو بناؤه لحساب المالك الذي هو المجتمع أو الأمة ( عايش ، 1995).

فإذا لم يكن هذا التكوين تكويناً مجتمعاً روعيت فيه كل الأبعاد المكونة لشخصية الطفل فإنه حتماً ستكون المخرجات فاشلة بكل معنى الفشل.

فالمعلم الماهر لا يعلم تلاميذه بقدر ما يوجه تعلمهم لأنه إذا اقتصر دوره على نقل المعرفة بحيث يكون ” ناقلاً لها ” فان المعرفة الجديدة كما يقول دواني التي يكتسبها التلاميذ خارج جدران المدرسة تعد اكبر حجماً من تلك التي يكتسبونها في داخل المدرسة وقد تكون اكثر حيوية وملاءمة لاهتمامات التلاميذ الحياتية ( دواني ، 1986).

والتخلي عن التوجيه والإرشاد للتلاميذ والاعتماد على التلقين دفع “بدران” أن يعد ذلك قضية سياسية إذ يقول أن ثمة معارف توضع في مناهج ومقررات دراسية حسب والمراحل وضعها متخصصون ثم اصطفاؤهم واختيارهم بمعرفة القائمين على هذه المؤسسة التعليمية فالمعرفة المقدمة للطلاب لتشكيل وعيهم معرفة محملة بمضامين أيديولوجية لهؤلاء الذين وضعوها وهي تعد بشكل انتقائي ومنحاز من قبل واضعيها والمستفيدين منها كما أن المعلم يعد في نفس السياق بتقنيات وطرق تجعله يكون معلماً تلقينياً لا معلماً محركاً وباعثاً للوعي ومتفاعلاً ومبتكراً والجهاز البيروقراطي يقيد المعلم ويحد من طموحه في الإعارة التي تستلزم الحصول على تقارير كفاءة ممتازة من قبل موجهين يقيسون فاعلية المعلم بمدى انصياعه وطاعته للأوامر وهناك اتساق بين المعرفة المقدمة وبين إعداد وأداء المعلم (بدران).

فالمعلم حينما يوجه طلبته فهو لا يقدم لهم صيغ معرفة جاهزة إنما يجعلهم يعتمدون على ذواتهم ويزودهم باستراتيجيات التعامل مع المواقف المختلفة مما ينمي الإبداع لديهم والابتكار ولكن إذا بقي في دائرة كونه معلماً فانه لن تكون نتائج ذلك إلا قهراً وكبتاً ونفي للذات واستسلام للآخر.

ولكن المشكلة تكمن في أن عملية الإرشاد والتوجيه في تعليم الطفل تكون معدومة أصلاً في الحلقة الأولى من حلقات التربية الأمر الذي دفع سعيد علي إلى أن يقول أن أهداف التنشئة الاجتماعية في المجتمع العربي بكل أسف شديد تنحو إلى تطبيع الطفل على مسايرة معايير الراشدين والانصياع لتوقعات الكبار فهذه التنشئة في (سلوا) وهي القرية المصرية التي درسها حامد عمار في رسالته الدكتوراه هي أن تخلق لدى الطفل الطاعة والأدب والطفل المؤدب هو الذي يطيع والدية ولا يلعب إطلاقاً وتكون التنشئة الاجتماعية سلطة من هم أكبر من الطفل وتطلب منه أن يطيعهم.

كما تنتقل هذه الممارسات إلى الحلقة الثانية وهي المدرسة فإن هناك من المدرسين من لا يطيق من الطالب مناقشة لما يطرحه من آراء وأفكار ينقلها من الكتب المدرسية ويعمد كثيراً إلى ممارسة أساليب الاستبداد والقهر وهناك من يفعلون عكس ذلك مما يؤكد في نفوس التلاميذ “ثقافة الصمت” (سعيد علي ، 1999).

وعليه فإن القسر في فرض المادة التعليمية على افتراض أن التلاميذ عجين يمكن تشكيلهم كيفما تريد امريات بعيداً عن الحقيقة إذ يقول ” قرينه ” لقد اعتقد علماؤكم وفلاسفتكم ومربيكم انه من الممكن الإمساك بالكائنات الإنسانية كما يمسكون المادة الخام فيعجنونهم في مختبراتهم ويمزجونهم ليصنعوا حيوان آخر كما يصنعون أي خليط عادي ولقد تابعت الصناعة وهي رمز الاقتصاد الجديد تابعت العملية على المستوى المادي، أما هم فكانوا مكلفين بالعملية على المستوى الفكري الأخلاقي اعتقد هؤلاء – واستطاعوا أن يقنعوكم بذلك واعلموا انه من الممكن انتزاع البشر لكن بواسطة البراهين المنطقية والحجج الذكية… ( ليليان خوري، 1993).

فمن هنا فإن انتزاع البشر كما يقول قرينه أنه لا يمكن إلا بالبراهين المنطقية والحجج الذكية التي يمكن أن تتحقق من خلال توجيههم عن طريقها وليس من خلال حب المعرفة في عقولهم وهذا يتطلب من المعلم أن يكون : ( دواني ، 1986).

– أن يكون وسيطاً وليس ناقلاً للمعرفة.

– أن يكون منظماً وميسراً لتعلم المفاهيم.

– أن يكون مثقفاً ومنتمياً.

– أن يكون مربياً وليس معلماً فقط. ( عمر الشيخ ، 1999).

ويمكن تحقيق ذلك من خلال : ( يوسف عبدالمعطي ، 1999).

– أن ننصت إليهم اكثر مما نأمرهم.

– ان نصبر في ترحيب لتساؤلاتهم وألا نقدم لهم الأجوبة الجاهزة بل ندلهم على مصادرها.

– وأن نؤمن في يقين أن نعلمهم الاحترام يبدأ بان نحترمهم.

– أن نقدم لهم القدوة.

– أن نعترف لهم إذا أخطأنا ليدركوا أن الكمال لله وحده.

– ان نشاورهم ليشعروا أن لرأيهم قيمة ولوجودهم أثرا.

– أن نثري بيئتنا بأوعية الثقافة الرفيعة المقروءة المسموعة والمرئية.

– أن ننتهز كل الفرص لإثراء خبراتهم بالنافع المفيد.

– أن تزرع في عقولهم وقلوبهم بان الأمل قائم ولكن الجهد مطلوب.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!