المغربية سعيدة دلبوحة تصوغ الجمال من الزخرفة والخط
[wpcc-script type=”54df7710d12103d3ff854da2-text/javascript”]

تشتغل المزخرفة والخطاطة سعيدة دلبوحة بين وعاء من الأشكال والألوان المعاصرة المدعمة بالتقنيات الحديثة، وفق ما قادتها إليه تجربتها في هذا المجال الخصب. فأضحت تعبر بمفردات زخرفية وأشكال خطية تمتح من لغتها الفنية كل المعالم الجمالية المتصلة بالزخرفة المغربية وأشكال الخط المغربي. فتقدم نماذج قويمة من صنع مجالها الرائق الذي تتأكد فيه مختلف التوظيفات التي تشي بثقافتها المحلية، وتتأكد فيه أيضا التقنيات المتنوعة التي تتلاءم مع المسعى الزخرفي المغربي، ومع التنوع الخطي وانسجامه مع أعمال المبدعة، ما يسهم بشكل واضح في تشكيل مسارها الفني الناجح. إن تجسيدها لمختلف الجماليات المحلية، وتخصيص عملية البناء بألوان مبهجة، وبأشكال رائقة، وتكثيف الفضاء بمسالك جمالية ترميزية؛ كل ذلك يصب في خدمة التراث الحضاري الذي منه تستقي مادتها الفنية.
ولا شك في أن التقنيات المستعملة في مساحات متفاوتة تسهم في التنوع الفني، والتنوع في التعبير، وتسهم كذلك في بسط التصورات الفنية وصياغتها بالقدر الذي يبعث أنواع من الجماليات التي تخص الخط والزخرفة، وتتبدى أساسا في التفاعل الثنائي مع أنماط من الجمال، إذ يستند كل منهما إلى مجال تعبيري، لتظل بذلك هذه التجربة رهينة وعي المبدعة بالمادة الفنية في صيغتها الثنائية، التي تتسم بالقوة التعبيرية، لتنصهر في سياقات فنية معاصرة تحمل في طيها تقنيات جديدة تبدي من خلالها تعبيراتها المختلفة عن تصوراتها وأفكارها بتشكيلات خطية وزخرفية دقيقة، تروم عددا من القيم المرتكزة في الموروث الحضاري المغربي الذي تتنوع فيه الأساليب والمواد التراثية الزاخرة. وتلامس بها المبدعة مادتها الفنية، من خلال نهج أسلوب زخرفي وحروفي في إطار تجربة تضطلع بتقاطعات جمالية، بعمق تخصصي وتقني، تسعى من خلاله للتعبير العميق عما يكتنف المجال من أبعاد فنية لا تحدها حدود، ولا يسعها مكان ولا زمان، وبذلك تضمن لها الاستمرارية من خلال نهج التزويق والخط المغربي بأسلوبها الخاص، الذي تفعل فيه التقنيات العالية دورا رئيسيا، لتصل إلى تشكيل مادة فنية متكاملة.

إن أعمالها حتما تتسم بالصياغة الفريدة على مستوى التنغيم اللوني، وتحريك الكتل الزخرفية، عبر مساحات شاسعة بحرية وتلقائية، وبتقنيات عالية ودقة متناهية، تلامس بها روح المعاصرة وحداثة الأسلوب، بل تجعل مادتها الفنية الثنائية تتفاعل مع الوجدان والروح، بتجسيد قوي للقيم الجمالية التي تتبدى وفق رؤاها الفنية المبنية أساسا على علاقات تفاعلية مع التراث الحضاري المغربي. إنه منجز يخضع للتأليف بين مختلف العناصر المكونة لأعمالها من كتل وكثافة لونية وأشكال زخرفية وحروف، قياسا بأهميتها في تحديد المكونات الأسلوبية ذات القيمة الفنية التي تكتنز العديد من الدلالات البصرية، التي تحتمل التأويلات الجمالية، وبين الفراغ الذي يتخذ مساحة فنية في الفضاء. وعن طريق ذلك تنتج الحركة بأشكال توافقية تدعم أسلوبها المقترن ببعض المقومات الدقيقة على المستوى الزخرفي والخطي، ما يفصح عن درجة من الوعي الفني للتعبير بهذه المقاربة. وبذلك تبني المبدعة أعمالها الإبداعية وفق مستحدثات تقنية ووفق تصورات فنية، ووفق تخطيط جمالي تمزج من خلاله الشكل والحرف واللون في مساحات متفاوتة وخامات متنوعة، وهي بذلك تُبرز مقدرتها الأدائية العالية لتوصل منجزها الفني إلى حيز حداثي رائق.
