المغربي‭ ‬خالد‭ ‬الريسوني‭: ‬زمننا‭ ‬ليس‭ ‬شعريا‭ ‬ونعيش‭ ‬خارج‭ ‬التاريخ‭ ‬

يعتبر‭ ‬خالد‭ ‬الريسوني‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الشعراء‭ ‬والمترجمين‭ ‬المغاربة،‭ ‬فهو‭ ‬عضو‭ ‬اتحاد‭ ‬كتاب‭ ‬المغرب،‭ ‬وعضو‭ ‬مؤسس‭ ‬لجمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬لوركا‭ ‬في‭ ‬تطوان،‭ ‬وعضو‭ ‬في‭ ‬الهيئة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لبيت‭ ‬الشعر‭ ‬سابقا‭. ‬ترجم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدواوين‭ ‬والقصائد‭ ‬الشعرية‭ ‬لكبار‭ ‬الشعراء‭ ‬الإسبان‭ ‬واللاتينوأمريكيين‭. ‬كما‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الندوات‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بقضايا‭ ‬الهسبانية‭ ‬والترجمة‭ ‬الأدبية،‭ ‬وفي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهرجانات‭ ‬الشعرية‭ ‬في‭ […]

المغربي‭ ‬خالد‭ ‬الريسوني‭: ‬زمننا‭ ‬ليس‭ ‬شعريا‭ ‬ونعيش‭ ‬خارج‭ ‬التاريخ‭ ‬

[wpcc-script type=”e7fdf38e3e48d94b5011702d-text/javascript”]

يعتبر‭ ‬خالد‭ ‬الريسوني‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الشعراء‭ ‬والمترجمين‭ ‬المغاربة،‭ ‬فهو‭ ‬عضو‭ ‬اتحاد‭ ‬كتاب‭ ‬المغرب،‭ ‬وعضو‭ ‬مؤسس‭ ‬لجمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬لوركا‭ ‬في‭ ‬تطوان،‭ ‬وعضو‭ ‬في‭ ‬الهيئة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لبيت‭ ‬الشعر‭ ‬سابقا‭. ‬ترجم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدواوين‭ ‬والقصائد‭ ‬الشعرية‭ ‬لكبار‭ ‬الشعراء‭ ‬الإسبان‭ ‬واللاتينوأمريكيين‭. ‬كما‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الندوات‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بقضايا‭ ‬الهسبانية‭ ‬والترجمة‭ ‬الأدبية،‭ ‬وفي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهرجانات‭ ‬الشعرية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬وخارجه،‭ ‬وفاز‭ ‬سنة‭ ‬2006‭ ‬بجائزة‭ ‬رفائيل‭ ‬ألبيرتي‭ ‬للشعر‭ ‬التي‭ ‬تمنحها‭ ‬مستشارية‭ ‬الثقافة‭ ‬والعلوم‭ ‬لسفارة‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬وبجائزة‭ ‬‮«‬ابن‭ ‬عربي‮»‬‭ ‬الدولية‭ ‬للأدب‭ ‬العربي‭ ‬سنة‭ ‬2017‭ ‬عن‭ ‬ديوانه‭ ‬‮«‬كتاب‭ ‬الأسرار‮»‬‭ ‬المكتوب‭ ‬بالعربية‭ ‬والإسبانية‭. ‬من‭ ‬ترجماته‭ ‬‮«‬عن‭ ‬الملائكة‮»‬‭ ‬رفائيل‭ ‬ألبيرتي‭ (‬2005‭)‬،‭ ‬‮«‬يوميات‭ ‬متواطئة‮»‬‭ ‬لويس‭ ‬غارثيا‭ ‬مونطيرو‭ (‬2005‭)‬،‭ ‬‮«‬لالوثانا‭ ‬الأندلسية‮»‬‭ ‬فرانسيسكو‭ ‬ديليكادو‭ (‬2009‭)‬،‭ ‬‮«‬اليوم‭ ‬ضباب‮»‬‭ ‬خوسيه‭ ‬رامون‭ ‬ريبول‭ (‬2009‭)‬،‭ ‬‮«‬الأعمال‭ ‬الشعرية‭ ‬المختارة‮»‬‭ ‬غارسيا‭ ‬لوركا‭ (‬2010‭)‬،‭ ‬‮«‬حقول‭ ‬قشتالة‮»‬‭ ‬أنطونيو‭ ‬ماشادو،‭ ‬‮«‬بإيجاز‮»‬‭ ‬ليوبولدو‭ ‬دي‭ ‬لويس،‭ ‬و‮«‬يستحق‭ ‬العناء‮»‬‭ ‬لخوان‭ ‬خيلمان‭ (‬2017‭).‬

■‭  ‬متى‭ ‬بدأ‭ ‬اهتمامك‭ ‬بالأدب‭ ‬الإسباني،‭ ‬خصوصا‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية؟

□‭ ‬‭ ‬أولا‭ ‬أنا‭ ‬أنتمي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬هويتي‭ ‬الثقافية‭ ‬لإحدى‭ ‬مدن‭ ‬شمال‭ ‬المغرب،‭ ‬وتحديدا‭ ‬لعاصمة‭ ‬منطقة‭ ‬الحماية‭ ‬الإسبانية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬مدينة‭ ‬تطوان‭ ‬ذاتِ‭ ‬التاريخ‭ ‬الأندلسي‭ ‬العميق‭ ‬الجذور،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬طبيعيا‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسبانية‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬هويتي،‭ ‬إن‭ ‬أبناء‭ ‬جيلي‭ ‬كانوا‭ ‬يحسُّون‭ ‬دوما‭ ‬بعد‭ ‬جلاء‭ ‬الاستعمار‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬المغرب،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تكريسا‭ ‬رسميا‭ ‬لتبعية‭ ‬ما‭ ‬للثقافة‭ ‬الفرنسية‭ ‬وللفرانكوفونية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يستلزم‭ ‬بشكلٍ‭ ‬ما‭ ‬مقاومة‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬تجنبُ‭ ‬الاقتلاع‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬جهات‭ ‬ما‭ ‬لصالح‭ ‬ثقافة‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬توجه‭ ‬سياسي‭ ‬بعينه،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الرسمي‭ ‬لا‭ ‬يحتاجُ‭ ‬إلى‭ ‬عناء‭ ‬كبير‭ ‬للاستدلال‭ ‬على‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬مشهدنا‭ ‬السياسي‭ ‬والثقافي‭ ‬والتربوي،‭ ‬أبناء‭ ‬جيلي‭ ‬درسوا‭ ‬في‭ ‬تعليم‭ ‬مزدوج‭ ‬عربي‭ ‬فرنسي،‭ ‬ومعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ثقافتنا‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬سارت‭ ‬بُعَيْدَ‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬تبعية‭ ‬واضحة‭ ‬للتوجه‭ ‬الفرنسي‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬النفوذ‭ ‬الاستعماري‭ ‬الإسباني،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬سعى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مثقفي‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الدنيا‭ ‬للعلاقة‭ ‬مع‭ ‬اللغة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬تعتبر‭ ‬أحيانا‭ ‬بدائية،‭ ‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬خطواتي‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬تعلم‭ ‬الإسبانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التقاط‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬أواخر‭ ‬السبعينيات‭ ‬وخلال‭ ‬عقد‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬ثم‭ ‬قمت‭ ‬بجهد‭ ‬استثنائي‭ ‬لدراسة‭ ‬الإسبانية‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬ثيربانتيس‭ ‬وفي‭ ‬شعبة‭ ‬الدراسات‭ ‬الهسبانية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬عبدالملك‭ ‬السعدي‭ ‬في‭ ‬تطوان،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬سيفيرو‭ ‬أوشوا‭ ‬في‭ ‬طنجة،‭ ‬لكن‭ ‬محاولة‭ ‬المقاومة‭ ‬الواعية‭ ‬للاجتثاث‭ ‬الثقافي‭ ‬لجيلي،‭ ‬تجد‭ ‬بعض‭ ‬علاماتها‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬جمعيات‭ ‬ثقافية‭ ‬مميزة‭ ‬مثل‭ ‬جمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬لوركا‭ ‬في‭ ‬تطوان‭. ‬وبالنسبة‭ ‬لمساهماتي‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬الترجمة‭ ‬الأدبية،‭ ‬والشعرية‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬أواخر‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬وكانت‭ ‬متنوعة‭ ‬المصادر‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬لقد‭ ‬ترجمت‭ ‬عن‭ ‬الفرنسية‭ ‬والروسية‭ ‬مثلما‭ ‬ترجمت‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬ونشرت‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الملاحق‭ ‬الثقافية‭ ‬والمجلات‭ ‬المشرقية‭ ‬منها‭ ‬والمغربية،‭ ‬لكنني‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬اخترت‭ ‬أن‭ ‬أترجم‭ ‬عن‭ ‬الإسبانية‭ ‬وإليها،‭ ‬وأن‭ ‬أعمق‭ ‬تجربتي‭ ‬فيها‭ ‬بالدراسة‭ ‬والتمرس‭ ‬ومراكمة‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروع‭ ‬واضح‭ ‬المعالم‭ ‬والسمات‭.‬

■‭ ‬هل‭ ‬تساهم‭ ‬الترجمة‭ ‬في‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب؟

□‭ ‬‭ ‬الترجمة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬عبور‭ ‬لنصوص‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عبور‭ ‬لثقافة‭ ‬بكل‭ ‬دلالاتها‭ ‬العميقة،‭ ‬إن‭ ‬قراءاتنا‭ ‬تجعلنا‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تصير‭ ‬نقطة‭ ‬تقاطع‭ ‬مشتركة،‭ ‬ولذلك‭ ‬فالترجمة‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬لكنها‭ ‬أيضا‭ ‬تنقل‭ ‬لنا‭ ‬عادة‭ ‬صورا‭ ‬إنسانية‭ ‬متسامية‭ ‬لمبدعين‭ ‬يمثلون‭ ‬حساسية‭ ‬راقية،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نعدم‭ ‬أعمالا‭ ‬في‭ ‬ميراث‭ ‬أمة‭ ‬ما،‭ ‬تقدِّمُ‭ ‬صورا‭ ‬مشوِّهة‭ ‬وعدائية،‭ ‬لكن‭ ‬المترجم‭ ‬بحسه‭ ‬المرهف‭ ‬لا‭ ‬يلتفت‭ ‬لهذه‭ ‬الأعمال‭ ‬المُنَمطة‭ ‬واللاإنسانية،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬الترجمة‭ ‬باعتبارها‭ ‬تلقٍّ‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬خاضعة‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬متعة‭ ‬أدبية،‭ ‬فأنا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬السبعينيات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬قد‭ ‬أحتفي‭ ‬بقصائد‭ ‬رفائيل‭ ‬ألبيرتي‭ ‬المكافح‭ ‬والمناضل‭ ‬التقدمي‭ ‬المنفي،‭ ‬لكنني‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬أو‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الألفية‭ ‬الثانية‭ ‬قد‭ ‬أحتفي‭ ‬بصورة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬قصائد‭ ‬هذا‭ ‬الشاعر،‭ ‬ربما‭ ‬السيريالي‭ ‬أو‭ ‬الإنساني‭ ‬المبدع‭.‬

■‭ ‬يعتبر‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬المترجمين‭ ‬المشارقة‭ ‬مازالوا‭ ‬رواد‭ ‬الترجمة‭ ‬عن‭ ‬الإسبانية،‭ ‬ما‭ ‬رأيك؟

□‭ ‬‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المشرق‭ ‬والمغرب‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬حديث‭ ‬مفتعل‭ ‬وصار‭ ‬قديماَ،‭ ‬فالمشرق‭ ‬متعدد‭ ‬والمغرب‭ ‬متعدد،‭ ‬لكن‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وحدة‭ ‬في‭ ‬تعدد،‭ ‬رابطه‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬والتاريخ‭ ‬المشترك‭ ‬والإحساس‭ ‬الإنساني‭ ‬بوحدة‭ ‬المصير،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التاريخ‭ ‬والآتي‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬برمته‭ ‬متخلف‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بمفهوم‭ ‬الريادة،‭ ‬فما‭ ‬نترجمه‭ ‬لا‭ ‬يفي‭ ‬بشرط‭ ‬النهوض،‭ ‬إننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬خارج‭ ‬التاريخ،‭ ‬لا‭ ‬يواكبُ‭ ‬ما‭ ‬تنتجه‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬أفكار،‭ ‬وليست‭ ‬لدينا‭ ‬أي‭ ‬مشاريع‭ ‬ثقافية‭ ‬لمواكبة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬الإنساني،‭ ‬نحن‭ ‬نلهث‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأرباح‭ ‬المادية،‭ ‬ودولنا‭ ‬بقايا‭ ‬أشتات‭ ‬تنفضها‭ ‬الرياح،‭ ‬لا‭ ‬تفي‭ ‬بما‭ ‬يعلقه‭ ‬الإنسانُ‭ ‬العربي‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬مطامح،‭ ‬قبائل‭ ‬متناحرة‭ ‬حول‭ ‬الهباء،‭ ‬ولذلك‭ ‬فالترجمة‭ ‬بين‭ ‬المشرق‭ ‬والمغرب‭ ‬سراب‭ ‬تناحر‭ ‬آخر‭ ‬خفي،‭ ‬الترجمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬مشاريع‭ ‬فردية‭ ‬لأشخاص‭ ‬يحملون‭ ‬على‭ ‬كاهلهم‭ ‬سؤال‭ ‬الذات‭ ‬والأمة‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬القبائل‭.‬

■‭ ‬ماذا‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المترجمين‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬ترجمة‭ ‬الشعر‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬النثر،‭ ‬ويؤكدون‭ ‬أنه‭ ‬قراءة‭ ‬جديدة‭ ‬للقصيدة؟‭ ‬

□‭ ‬‭ ‬هل‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬يستند‭ ‬إليه‭ ‬القائلون‭ ‬بسهولة‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك؟‭ ‬لكل‭ ‬نص‭ ‬متاهاته‭ ‬والتباساته‭ ‬وتعقيداته‭ ‬وانزلاقاته‭ ‬وانفلاته،‭ ‬الشعر‭ ‬يقترن‭ ‬عادة‭ ‬بغموضه،‭ ‬باستعاراته‭ ‬وبإيجازه،‭ ‬ما‭ ‬يترك‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحا‭ ‬لزلات‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نعثر‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬السرديات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتــــيح‭ ‬تعــــدد‭ ‬المعاني‭ ‬وانفتاح‭ ‬النص‭ ‬على‭ ‬المحتمل‭ ‬وجمالية‭ ‬الاستعارات‭ ‬وإيجــاز‭ ‬العبارة،‭ ‬إن‭ ‬قراءة‭ ‬القصيدة‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬مطبات‭ ‬كثيرة‭ ‬وأراض‭ ‬مفخخة،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الترجمة‭ ‬عملا‭ ‬لا‭ ‬يستوي‭ ‬بدون‭ ‬الدراسة‭ ‬العميقة‭ ‬لشعرية‭ ‬الشاعر‭ ‬المترجم،‭ ‬وفهم‭ ‬صحيح‭ ‬لمساره‭ ‬الإبداعي،‭ ‬كم‭ ‬ترجمة‭ ‬تفتح‭ ‬على‭ ‬صاحبها‭ ‬أبواب‭ ‬الجحيم‭ ‬لما‭ ‬يكتب‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬المتحررة‭ ‬من‭ ‬الحمولة‭ ‬الثقافية،‭ ‬التي‭ ‬ينفتح‭ ‬عليها‭ ‬المسار‭ ‬السير‭ ‬ذاتي‭ ‬والثقافي‭ ‬والسياسي‭ ‬والفلسفي‭ ‬والفكري‭ ‬للشاعر،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬اختيار‭ ‬شاعر‭ ‬بعينه‭ ‬لترجمته‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬اعتباطيا،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬تقاطعات‭ ‬أساسية‭ ‬تحدد‭ ‬اختياراتنا‭ ‬لهذا‭ ‬الشاعر‭ ‬وليس‭ ‬ذاك‭. ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬أقرب‭ ‬لانعكاس‭ ‬الذات‭ ‬في‭ ‬مرايا‭ ‬الآخرين‭ ‬أو‭ ‬لذوات‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬مرآة‭ ‬الذات‭.‬

■‭ ‬قمت‭ ‬بترجمة‭ ‬عدة‭ ‬مؤلفات،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬واجهتك،‭ ‬خصوصا‭ ‬خلال‭ ‬ترجمة‭ ‬‮«‬كتاب‭ ‬الحب‭ ‬الطيب‮»‬‭ ‬لخوان‭ ‬رويث؟

□‭ ‬صعوبات‭ ‬ترجمة‭ ‬الكتابات‭ ‬المؤسسة‭ ‬والقديمة‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسبانية‭ ‬عديدة،‭ ‬لأننا‭ ‬نواجه‭ ‬لغة‭ ‬قشتالية‭ ‬منقرضة‭ ‬أحيانا،‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬لتحقيق‭ ‬الفهم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالدراسات‭ ‬المواكبة‭ ‬لهذه‭ ‬الأعمال‭ ‬والتحليلات‭ ‬النصية‭ ‬للاقتراب‭ ‬من‭ ‬الأمثال‭ ‬والعبارات‭ ‬المسكوكة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالقواميس‭ ‬الإسبانية‭ ‬الخاصة،‭ ‬أو‭ ‬استشارة‭ ‬المتخصصين،‭ ‬إن‭ ‬ترجمة‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬الحب‭ ‬الطيب‮»‬‭ ‬لخوان‭ ‬رويث‭ ‬كاهن‭ ‬إيتا‭ ‬و«لا‭ ‬لوثانا‭ ‬الأندلسية‮»‬‭ ‬لفرانسيسكو‭ ‬ديليكادو‭ ‬و«لا‭ ‬ثيليستينا‮»‬‭ ‬لفرناندو‭ ‬دي‭ ‬روخاس‭ ‬استنفدت‭ ‬مني‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬وأرهقتني‭ ‬كثيرا،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أتوخى‭ ‬تقديم‭ ‬عمل‭ ‬مميز‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬ربما‭ ‬صادف‭ ‬مني‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬المغامرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬لا‭ ‬يستهويني‭ ‬كثيرا،‭ ‬وهو‭ ‬ترجمة‭ ‬الأدب‭ ‬السردي‭ ‬الإسباني‭ ‬القديم،‭ ‬لكنني‭ ‬اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬معاودة‭ ‬الكرة‭ ‬ثانية،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬تطلب‭ ‬مني‭ ‬جهدا‭ ‬في‭ ‬تكييف‭ ‬لغتي‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬المترجم،‭ ‬أي‭ ‬إلباسها‭ ‬سمات‭ ‬اللغة‭ ‬القديمة‭ ‬وهذا‭ ‬مرهق‭ ‬حقا‭.‬

■‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬التقنيات‭ ‬والأساليب‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬لترجمة‭ ‬‮«‬حقول‭ ‬قشتالة‮»‬‭ ‬لأنطونيو‭ ‬ماشادو؟‭ ‬

□‭ ‬هناك‭ ‬شعراء‭ ‬يسكنون‭ ‬متخيلنا‭ ‬الشعري،‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بأنطونيو‭ ‬ماشادو‭ ‬وخوان‭ ‬رامون‭ ‬خيمينيث‭ ‬وفيديريكو‭ ‬غارسيا‭ ‬لوركا‭ ‬ورفائيل‭ ‬ألبيرتي‭ ‬وبيثينطي‭ ‬ألكسندري‭ ‬وميغيل‭ ‬هيرنانديث،‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬أشعر‭ ‬بدين‭ ‬كبير‭ ‬تجاههم،‭ ‬وهو‭ ‬دينٌ‭ ‬كنت‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬مصمما‭ ‬على‭ ‬رده،‭ ‬لقد‭ ‬تمكنت‭ ‬لحدود‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بعملٍ‭ ‬ترجمي‭ ‬بسيط‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬الأسماء‭ ‬الشامخة‭ ‬والبقية‭ ‬ستأتي‭. ‬بالنسبة‭ ‬لترجمة‭ ‬ماشادو‭ ‬استحضرت‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭ ‬المميزة‭ ‬لشعر‭ ‬أنطونيو‭ ‬ماشادو‭ ‬وسيرته،‭ ‬وخصوصية‭ ‬عبوره‭ ‬من‭ ‬صوريا‭ ‬وتجربته‭ ‬المأساوية‭ ‬في‭ ‬العشق،‭ ‬لقد‭ ‬حاولتُ‭ ‬في‭ ‬ترجمتي‭ ‬لعملي‭ ‬ماشادو‭ ‬أن‭ ‬أستحضر‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬قرأته‭ ‬وترجمته‭ ‬في‭ ‬سيرة‭ ‬خوان‭ ‬دي‭ ‬مايرينا‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬ترجمته،‭ ‬لكن‭ ‬أهم‭ ‬خاصية‭ ‬تمسكت‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬الترجمة‭ ‬هي‭ ‬البساطة‭ ‬والشفافية‭ ‬التي‭ ‬تقترن‭ ‬بالعمق‭ ‬الفكري‭ ‬لهذا‭ ‬الشاعر‭ ‬المعلم‭.‬

■‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬من‭ ‬تختار‭ ‬العمل‭ ‬للقيام‭ ‬بترجمته؟‭ ‬أم‭ ‬دار‭ ‬النشر‭ ‬أم‭ ‬صاحب‭ ‬المؤلف‭ ‬يقترحه‭ ‬عليك؟

□‭ ‬أزاوج‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يقترح‭ ‬عليّ‭ ‬وما‭ ‬أختاره،‭ ‬لكن‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬اقترحت‭ ‬عليّ‭ ‬لحدود‭ ‬الآن‭ ‬قليلة‭ ‬جدا،‭ ‬وغالبا‭ ‬كانت‭ ‬تمضي‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬اختياراتي،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الشعر،‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬المسألة‭ ‬تختلف‭ ‬قليلا،‭ ‬فقد‭ ‬اقترح‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أترجم‭ ‬مسرحيات‭ ‬إسبانية‭ ‬خضعت‭ ‬لاختيارات‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬المسرح‭ ‬الإسباني،‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بخوسيمون‭ ‬ليون‭ ‬الذي‭ ‬ترجمت‭ ‬له‭ ‬القميص‭ ‬لديل‭ ‬أولمو‭ ‬وفصيلة‭ ‬باتجاه‭ ‬الموت‭ ‬لألفونصو‭ ‬ساستري‭ ‬ومسرحيات‭ ‬أخرى‭. ‬

■‭ ‬كيف‭ ‬تقيم‭ ‬علاقة‭ ‬المترجم‭ ‬العربي‭ ‬مع‭ ‬الناشر؟‭ ‬

□‭ ‬علاقة‭ ‬المترجم‭ ‬العربي‭ ‬مع‭ ‬الناشر‭ ‬علاقة‭ ‬ملتبسة،‭ ‬لأن‭ ‬الناشر‭ ‬العربي‭ ‬يلهث‭ ‬غالبا‭ ‬خلف‭ ‬الربح‭ ‬المادي‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬بدون‭ ‬مقابل،‭ ‬ولذلك‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬التبخيس‭ ‬بكل‭ ‬معانيه،‭ ‬حاليا‭ ‬أنا‭ ‬ليس‭ ‬لديّ‭ ‬ناشر‭ ‬ببساطة‭ ‬لأن‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬ناشر،‭ ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬النشر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تترجم‭ ‬الرواية،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬زمننا‭ ‬غير‭ ‬شعري‭.‬

■‭ ‬كيف‭ ‬تقيم‭ ‬سوق‭ ‬الترجمة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬وهل‭ ‬نحن‭ ‬نترجم‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية؟

□‭  ‬سوق‭ ‬الترجمة‭ ‬رائجة‭ ‬بصدد‭ ‬الرواية‭ ‬كجنس‭ ‬أدبي،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أهم‭ ‬شعرائنا‭ ‬بدأوا‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬السرد‭ ‬وإلى‭ ‬الرواية‭ ‬تحديدا،‭ ‬وأهم‭ ‬الجوائز‭ ‬العربية‭ ‬الآن،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تكافئ‭ ‬الإبداع‭ ‬الأدبي‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بالرواية،‭ ‬أما‭ ‬الشعر‭ ‬فصار‭ ‬جنسا‭ ‬أدبيا‭ ‬إما‭ ‬لتكريس‭ ‬نمط‭ ‬تقليدي‭ ‬مكرر‭ ‬ومتهالك،‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يميزه‭ ‬الخطابية‭ ‬وتكرار‭ ‬الصور‭ ‬والإيقاعات‭ ‬المتداولة‭ ‬أو‭ ‬التباهي‭ ‬بلقبٍ‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬له،‭ ‬أما‭ ‬المترجم‭ ‬فيعاني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحالات‭ ‬وضعا‭ ‬تبخيسيا‭ ‬فظيعا‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يستفيد‭ ‬مما‭ ‬تحققه‭ ‬السوق‭ ‬من‭ ‬أرباح‭ ‬مادية‭ ‬يجنيها‭ ‬القائم‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وهو‭ ‬الناشر،‭ ‬هل‭ ‬نترجم‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية؟‭ ‬أبدا‭ ‬نحن‭ ‬نترجم‭ ‬ما‭ ‬تضمن‭ ‬السوق‭ ‬رواجه‭ ‬ونؤدي‭ ‬للمترجم‭ ‬الفتات‭ ‬والفضلات،‭ ‬المترجم‭ ‬الأدبي‭ ‬إلى‭ ‬العربية‭ ‬يبيع‭ ‬خدمته‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بأبخس‭ ‬الأثمان‭.‬

٭‭  ‬كاتب‭ ‬مغربي

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *