عبدالمجيد الإدريسي
يسود لدى شباب المغرب منطق أن الأحزاب السياسية لن تغير شيئا حتى وإن شكلت الحكومة، وذلك إنطلاقا من تجارب سابقة لتجارب أحزاب سابقة كانت على رأس الحكومة والتي قدمت للمواطنين من ضمنهم هؤلاء الشباب مجموعة من الوعود تخص قطاعات مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية أو التشغيل غير أن تلك الوعود ظلت حبر على ورق ولم يتم الأخذ بها أو تطبيقها، بل بمجرد وصول هؤلاء السياسيين إلى كراسي المسؤولية حتى إنقلبوا على مطالب الشباب والمواطنين عامة ولم يتم تطبيق أية وعود أو مشاريع التي كان يتم الحديث عنها في الحملات الانتخابية.
ويعتبر شباب المغرب أن الأحزاب السياسية بالمغرب والتي يفوق عددها 30 حزب لا تملك مشروع سياسي واضح وليست لها مبادئ ويمكن الوثوق بها، بل إنها فقط أحزاب تتحرك عند إقتراب الانتخابات من أجل الظفر بمقاعد في مراكز السلطة وهو ما يمكن أعضاءها من الاستفادة الشخصية وتحقيق مصالحهم الشخصية فقط، بحيث يرى الشباب أن هؤلاء المنتخبين لا يرفعون إلا من عدد من ممتلكاتهم الشخصية في حين لا يتم إعطاء أية أولوية لمصالح الساكنة والتي تعاني من أزمة البطالة أو غياب مؤسسة تعليمية أو مركز صحي أو طريق مهترئة، وبذلك يظل المواطنون يعيشون نفس المعاناة لسنوات بحيث يتكرر مع إقتراب أي انتخابات نفس المشهد دون تغيير على أرض الواقع مما أفقد المواطنين عامة والشباب خاصة الثقة في الأحزاب السياسية ودفعهم إلى النفور من الأحزاب.
زيادة على ذلك، فإن الخطاب المنحط لدى بعض المنتخبين وتبادل السب والشتم والشجار في مجالس بعض الجماعات وكذا مستواهم التعليمي الضعيف وهو ما تبينهم طريقة كلامهم في بعض مداخلاتهم أو نوم بعضهم في المجالس المنتخبة، هي مشاهد ومظاهر زادت من سخط الشباب المغربي على السياسة ودفعتهم إلى الإبتعاد عنها بشكل قطعي، خاصة عندما يجدون أن هؤلاء المنتخبين ضعيفي المستوى يصلون إلى نفس مناصب المسؤولية بإستعمال المال أو أشياء أخرى رغم محاولات الشباب الإطاحة بهم عن طريق الانتخابات.
ويرى الشباب أيضا أن الأحزاب لا تقوم بدورها على أكمل وجه على مستوى تأطير الشباب وتكوينهم من أجل الإندماج في الحياة السياسية، بل نجد عكس ذلك حيث أن بعض الأحزاب تحاول قطع الطريق على الشباب وتتركهم مهمشين فقط ولا تريدهم أن يصلوا مناصب المسؤولية بل تفضل أباطرة الانتخابات عليهم.
وفي ذات السياق، فإن أساتذة وباحثين ومختصين في المجال السياسي، يرون أن مشكلة الشباب المغربي ليست في السياسة والإندماج فيها، بل المشكل الأكبر يتعلق بالساسة الذين يسيطرون على الانتخابات ولا يتركون للشباب فرصة الوصول إلى مراكز المسؤولية، وبذلك يتجه الشباب إلى المتابعة والمراقبة للأحزاب السياسية والإنتخابات والمساهمة في إنتقاد الوضع دون الدخول إليه، فيما تعتبر فئة أخرى من الشباب أن التغيير ليس عبر الانتخابات أو الإندماج في الأحزاب السياسية بل سيكون عبر الإحتجاج والضغط في الشارع من أجل إحداث تغيير وتحقيق مطالبهم، وهو ما يفسر النسبة القليلة لتسجيل الشباب في لائحة الناخبين وكذا في التصويت في الانتخابات معتبرين أن الانتخابات لن تحدث تغييرا واضحا وستبقي الوضع على ما هو عليه كما أن السياسيين يقدمون الوعود فقط دون تحقيقها على أرض الواقع.
وفي ظل هذا الوضع، فإنه من بين الحلول لإندماج الشباب في السياسة يجب التقليص من نسبة البطالة وتوفير مناصب الشغل مما يمكنهم من توفير ضروريات الحياة، والتفكير في الدخول إلى مجالات أخرى كالمجال السياسي، وكذا الحد من مظاهر الشعبوية والوعود الكاذبة للمنتخبين والسب والشتم في المجال المنتخبة إضافة إلى توفير الجو المناسب لدخول الشباب للمجال السياسي وتحفيزهم على المشاركة في العمل السياسي عبر تقوية أدوارهم داخل الأحزاب وليس ” أصنام ” دورهم ملئ الكراسي والقيام ببعض الأدوار الثانوية، فضلا عن تكوينهم تكوينا سياسيا وتأطيرهم من أجل الإندماج في الأحزاب السياسية.
كاتب مغربي
Source: Raialyoum.com