عبد السلام المساتي
لم ولن ينسى المغاربة كل ما اقترفه حزب العدالة والتنمية في حقهم خلال العشر السنوات الماضية، لن ينسوا كيف تم خداعهم من قبل قيادات الحزب عبر الشعارات الأخلاقية والحملات الطاهرة في دمج قذر بين الدين والسياسة، ليتضح في الأخير أن هذه القيادات لم تكن تؤمن في عمقها بتلك الشعارات ولا بتلك الأخلاقيات بقدر ما كانت تسعى إلى مغادرة البيئة الفقيرة التي نشأت فيها، أقصد أن هدفها الأسمى والوحيد كان، وربما ما يزال، هو الترقي الإجتماعي. لذلك فقد كان من البديهي أن يبدأ تدريجيا التخلص من كل تلك القيم والمبادئ التي استقطب عبرها الحزب ملايين المغاربة، أغلبهم شباب كانوا يؤمنون بفساد السلطة واعتقدوا أن حزب الإسلاميين بخطابه الواعد هو المخلص من هذا الفساد، قبل أن نصدم جميعا بولوج هذا الحزب لدائرة السلطة وتحوله لمجرد آلية تنفذ قراراتها.
قد يكون الحزب مؤمنا بقدرته على الإصلاح التدريجي من الداخل إلا ان إيمانه هذا أغرق المغاربة في بؤس اجتماعي هو الأسوء منذ عقود، فأغلب الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة السابقة والحالية أدخلت المغاربة في متاهة اجتماعية واقتصادية سيئة، إذ تم ضرب القدرة الشرائية للمواطنين بشكل ضاعف عدد المحسوبين على الطبقة الفقيرة في مقابل تراجع دائرة المنتمين للطبقة المتوسطة. الأمر الذي زادت حدته خلال العامين الأخيرين بسبب وباء فيروس كورونا الذي أبان عن ارتجالية الحكومة وعن كونها لم تكن مستعدة لمواجهة هكذا أزمات، وهو ما يفسره تخبط السيد العثماني، رئيس الحكومة، في قررات عشوائية تتغير بين ليلة وضحاها بشكل أفقد المواطن المغربي قدرته على التحمل. لذلك نقول بنوع من التأكيد أن العشوائية التي تعاملت بها الحكومة مع جائحة كورونا ستكون السبب المباشر في خسارة حزب العدالة والتنمية للإنتخابات التشريعية المقبلة.
الآن وبعد ولايتين متتاليتين، ولاية الشعبوي بن كيران وولاية الصامت العثماني، فقد الحزب كل بريقه ووصل إلى إنتخابات 2021 مغضوبا عليه من قبل قواعده أولا، ومن قبل المتعاطفين ثانيا، وطبعا من قبل كل المغاربة ثالثا وهو الأمر الذي تأكد عبر الإنتخابات النقابية، وأيضا عبر إنتخابات الغرف المهنية التي شكلت صدمة متوقعة للحزب الذي تقهقر إلى الهاوية بشكل مرعب باحتلاله الرتبة العاشرة ب 49 مقعدا في مقابل 196 عام 2015.
بات واضحا الآن أن حزب العدالة والتنمية سيخسر الإنتخابات التشريعية القادمة وأنه لن يكون بمقدوره رئاسة الحكومة خلال الخمس السنوات القادمة، لكن هل سيكون بمقدوره العودة لكراسي المعارضة أم أن قيادته التي استلذت طعم الحقائب الوزارية سترفض العودة إلى نقطة الصفر ومحاولة البناء من جديد؟ هل سيتحول حزب الاسلاميين إلى نسخة مطابقة للاتحاد الإشتراكي قبل سنوات بمشاركته الباهتة في الحكومة وبحقائب وزارية شكلية؟ هل سينقسم الحزب على نفسه بين من يقرر المشاركة وبين من يقرر عدم المشاركة ليحدث الإنشقاق الذي انتظره كثيرين أم أن البنية التكوينية للحزب أقوى من أن يحدث هذا الإنشقاق؟
لننتظر ونرى..
Source: Raialyoum.com