المغني الجزائري الفرنسي سليمان في ألبومه الجديد: حوار موسيقي طويل بين رجل وامرأة

■ منذ فوزه المستحق عام 2016 بلقب أجمل صوت في برنامج «ذا فويس ـ فرنسا» يحقق المغني الجزائري الفرنسي سليمان النجاح تلو الآخر، في خوضه للسباق الأصعب وسط المحترفين لا الهواة، ويثبت قدرته على المنافسة والتميز في عالم الغناء الفرنسي، فقد أصدر مؤخراً ألبومه الثالث «فيرسوس» متفوقاً على أحلام البدايات بنجاح مشرق يمنحنا الشعور بالسعادة […]

المغني الجزائري الفرنسي سليمان في ألبومه الجديد: حوار موسيقي طويل بين رجل وامرأة

[wpcc-script type=”bfb5a0eb5684dc38df8bbb2d-text/javascript”]

■ منذ فوزه المستحق عام 2016 بلقب أجمل صوت في برنامج «ذا فويس ـ فرنسا» يحقق المغني الجزائري الفرنسي سليمان النجاح تلو الآخر، في خوضه للسباق الأصعب وسط المحترفين لا الهواة، ويثبت قدرته على المنافسة والتميز في عالم الغناء الفرنسي، فقد أصدر مؤخراً ألبومه الثالث «فيرسوس» متفوقاً على أحلام البدايات بنجاح مشرق يمنحنا الشعور بالسعادة والكثير من الموسيقى الجيدة والغناء الجميل، بعد ألبومين حظيا بالكثير من النجاح الجماهيري والتقدير النقدي، وحصلا على أكثر من أسطوانة ذهبية وبلاتينية، ويعيدنا حضور المغنية الفرنسية «فيتا» في هذا الألبوم الجديد إلى بداية سليمان الفنية في برنامج «ذا فويس» فهي صاحبة أغنية «آفلور دو توا» التي قام بأدائها للمرة الأولى، وكانت بمثابة الاختبار الذي ستقرر نتيجته، رفض صوته أو قبوله وانضمامه إلى البرنامج، ولما لم يكن أمامه الكثير من الوقت ليقنع الجميع بموهبته، فقد قام باختصار الأغنية وتكثيفها والتركيز على بعض مقاطعها التي غناها بأسلوب مذهل، ويمكن القول إنه لم يقنع المحكمين الأربعة بصوته وحسب في هذه اللحظات السريعة، بل إنه فاز باللقب بالفعل بأدائه لهذه الأغنية وقدرته على تقديم دلائل موهبته بشكل مكثف مختصر لا يحتمل الشك، والحق أن هذه الأغنية التي قام باختيارها آنذاك ليست على درجة كبيرة من التميز، بل هي عادية إلى حد ما على مستوى الموسيقى والكلمات، كتبتها مغنية سبقته بسنوات إلى عالم الغناء، ونرى أنه رغم قدراته الصوتية الكبيرة، لم يقم باختيار أغنية صعبة لفنان قديم على سبيل المثال تتيح له التباهي واستعراض مواطن القوة في صوته، واختار هذه الأغنية البسيطة ليغيرها تماماً ويصنع منها نسخته الخاصة الجميلة المتميزة، وليثبت موهبته لا في الغناء وحسب وإنما في القدرة على صناعة الأغنية، وهو ما يتقنه سليمان بالفعل فهو من صناع الأغنية الفرنسية في الوقت الحالي، يكتب ويلحن الأغنيات لنفسه ولغيره من المغنين.
في ذلك اليوم وبشحنة هائلة من المشاعر عبّر سليمان عن حال العاشق المتورط في حب لا يستطيع الفكاك من أسره مهما حاول، وربما يستمتع رغم الألم بذلك الأسر، ومن ذلك الصوت الرجولي الرخيم بتردده ورنينه وضخامة لفظه انبعث الكثير من الدفء والحرارة بلا ميوعة أو حزن مصطنع، ومع كل التفاتة موافقة من أحد المحكمين كان يزداد تأثره، وظلت تلك الدمعة التي لم يسمح لها أبداً بالسقوط تلمع في عينيه حتى النهاية، وكم بدا لطيفاً متواضعاً مهذباً بابتسامته الجميلة وهو يربت بيده على صدره تعبيراً عن شكره للجمهور وبعض المحكمين الذين وقفوا مصفقين تقديراً لموهبته.

فضل سليمان ألا يكون وحيداً في ألبومه الجديد وأن تشاركه الغناء بشكل أساسي المغنية الفرنسية فيتا بالإضافة إلى مشاركات بعض المغنين الآخرين من أشهرهم الجزائرية الفرنسية أمل بنت بشير والكتالوني الفرنسي كينجي

كحوار موسيقي طويل بين رجل وامرأة أتى الألبوم الجديد معتمداً على فكرة المقابلة بين كل منهما، ومنذ البداية تخبرنا الكلمات بأنهما ليسا عاشقين، فهو يناديها «أختي» وهي تناديه «أخي»، ونفهم من ذلك أن الحوار سينطلق بحرية تامة نحو إنسانية عميقة بعيداً عن تعقيدات العلاقات العاطفية بين الذكر والأنثى، حيث سيعبر كل منهما عن مشاعره وأفكاره ومعاناته كإنسان في هذه الحياة، وإلى أي مدى يحدد جنس المرء ونوعه نصيبه من الشقاء والألم، وكيف يحكم أيضاً ويغلب على رؤيته للعالم، فما هي الرؤية الأنثوية للعالم والحياة، وما هي الرؤية الذكورية للأمور نفسها، كما سيتم طرح الأسئلة عن ماهية الرجل وماهية المرأة، وماذا علينا أن نفعل في هذه الحياة، كيف يمكن أن نكون بخير أو كيف لنا أن نحاول أن نكون بخير، وماذا يفعل كل من الرجل والمرأة من أجل خوض رحلة الحياة وما هي وسائله وأساليبه في التأقلم مع ما لا يمكن التأقلم معه، ويطول الحوار حول ضعفنا وآلامنا وافتقادنا للكمال والمثالية، وكذلك حول اختلاف الأماكن التي أتينا منها في الماضي، واختلاف مساراتنا في الحاضر والمستقبل، وكيف يمكن لنا أن نتقبل اختلافاتنا الهائلة وأن نغفر لبعضنا البعض عدم كمالنا، ونتسامح مع انهياراتنا وانكساراتنا، وأن نتذكر طوال الوقت بأننا لسنا في الجنة.
فضل سليمان ألا يكون وحيداً في ألبومه الجديد وأن تشاركه الغناء بشكل أساسي المغنية الفرنسية فيتا بالإضافة إلى مشاركات بعض المغنين الآخرين من أشهرهم الجزائرية الفرنسية أمل بنت بشير والكتالوني الفرنسي كينجي والكثيرين غيرهم الذين اتسع لهم هذا الألبوم الطويل الذي يضم 19 أغنية، ولم يُدخل الصوت النسائي في ألبومه عن طريق الغناء فقط، لكنه قدم الصوت النسائي كغناء وأفكار وروح ومشاعر متكاملة ورؤية وإحساس أنثوي خالص، قد يتعـــــارض مع الصوت الذكوري ويتخذ الجانب العكسي منـــــه، لكن ربما يعــــد هذا التضـــاد والتقابل نوعاً من التكامل أيضاً، ولم يقتصـــر التنوع على هذا الأمر وحسب، فهناك التنوع الكبير في الأفكار التي نستمع إليها بمصاحبة تنوع موسيقي هائل ورائع أيضاً، نفّذه سليمان بمشاركة عدد من الفنانين، ونلاحظ حضورا مميزا للغيتار الإسباني وموسيقى الغجر في أغنية كينجي بطبيعة الحال، والتوظيف المعتاد لبعــض الإيقاعات الشرقية العربية بشكل خفيف جداً غير مقحم على اللحن ولا يذهب به إلى منطقة أخرى غير مرغوبة، ويبقى لسليمان الحضور الفني الطاغي والأكثر غلبة على تنفيذ الألبوم من خلال سماته الفنية، ويظهر ذلك منذ أغنية البداية التي تذكرنا بأغنية «سولون» في ألبومه السابق، من حيث الطول وكم الكلمات المتلاحقة والبوح المستفيض وطريقة الغناء التي تمزج ما بين البلوز والهيب هوب البطيء الإيقاع بدرجة كبيرة، والهادئ تماماً بلا أي صخب، والبساطة والوضوح في التعبير عن الأفكار، والانفتاح على الذات والتلقائية والرغبة الصادقة في مشاركة المشاعر مع الآخرين، فلا ينزعج المستمع من حضور ثقيل أو محاولة لفرض الذات، بل على العكس تماماً يشعر بذلك القرب الإنساني والرغبة في المشاركة.

٭ كاتبة مصرية

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *