الملوخية تاريخ وفوائد

Share your love

حديثنا اليوم عن نبتة مصرية أصيلة، أكدت البرديات الفرعونية أن المصريين القدماء هم أول من استخدموا أوراقها سواء جافة أو طازجة وصنعوا منها أشهى الأكلات. وانتشرت زراعتها واكتشفت لأول مرة على ضفاف النيل منذ قديم الزمان ثم انتقلت بعد ذلك إلى معظم الدول العربية ودول الشرق الأقصى مثل الهند والصين واليابان

ويقال أن اسمها الأصلي هو “الملوكية” وسبب هذه التسمية كما تذكر لنا كتب التاريخ هو أن الخليفة الحاكم بأمر الله أصدر أمرا بمنع أكل تلك النبتة على عامة الناس وجعلها حكرا على الأمراء والملوك فى مصر فسميت “الملوكية”. وفى رواية أخرى أن أول معرفة العرب لها كان فى زمن المعز لدين الله الفاطمي حيث أصيب بمغص حاد فى أمعائه فأشار أطباؤه بتناول أوراق نبتتنا وبعد أن أكلها شفى من المرض فقرر احتكارها لنفسه وللمقربين منه. ومن شدة إعجابه بها أطلق عليها اسم “الملوكية” أي طعام الملوك والأمراء.

 أما فى العصر الحديث فقد صالت وجالت شهرتها وتربعت على قائمة اشهر الأكلات المصرية والعربية، وتنوعت طرق طهيها بين الشعوب المختلفة فهذه بحساء الأرانب وتلك كمشروب ساخن مثل الشاى الأخضر و أخرى كحلوى وأيس كريم.هل عرفتم أكلة الملوك والأمراء ” الملوكية” اقصد “الملوخية”؟ 

 هيا بنا نتجول داخل أحد حقول زراعة الملوخية لنتعرف اكثر على الوصف النباتى وتاريخ وأماكن زراعتها ، ثم نتجول بين معامل المعاهد والجامعات البحثية لنتعرف على القيمة الغذائية والطبية للملوخية ، وآخر جولتنا ستكون بين مطاعم الشعوب المختلفة لنتعرف على تقاليد وعادات الشعوب فى إعداد وتناول الملوخية.  الملوخية: Jews mellow 

ما هو الوصف النباتى للملوخية؟  

الملوخية  عشبه حولية تصنف ضمن الخضراوات الورقية اسمها العلميCorchorus olitorius L. ، وتنتمى الى الفصيلة  (الزيزفونية) Tiliaceae. يبلغ طول النبات من 60: 90 سم ، الأوراق  بسيطة غير مفصصة ، اهليجية(بيضاوية) الى رمحية الشكل ، منشارية الحافة .طولها من 6:10سم، الساق طويلة ورفيعة خضراء اللون ، الأزهار صغيرة وذات لون اصفر شاحب ، البذور موجودة داخل كبسولة ، أما الجذر وتدي قصير.  

 الموطن الأصلي وأماكن زراعتها؟ 

موطنها الأصلي هو مصر ثم انتقلت زراعتها  بعد ذلك إلى الدول العربية الآسيوية والى  اليابان والهند والصين. تنجح زراعتها فى المناطق المعتدلة الدافئة، التي تتراوح درجة حرارتها من 30:17مº، تنجح زراعتها فى جميع أنواع التربة لكنها  تجود فى التربة الطينية الخصبة. 

 ما هو تاريخ زراعتها وكيفيه تجفيفها ؟ 

الملوخية نبات صيفى وتتم الزراعة بالبذرة مباشرة في الأرض في شهر فبراير وتنبت البذرة فى خلال ثلاث أيام وتترك فى الأرض إلى أن يصل طول النبات إلى  20:15سم  بعد ذلك نبدأ فى خف النباتات بحيث نترك مسافة بين النبات والآخر من 15:10سم وخلال فترة النمو يحتاج النبات إلى التسميد النتروجين الذى يزيد من حيوية وقوة النبات. ثم نبدأ فى حصادها ابتداء من شهر أبريل ويحش النبات من 6:4 مرات. وتربط في حزم كبيرة وتسوق (وقد تقطف الأوراق وتوضع في أكياس). ولتجفيف أوراق الملوخية يتم اختيار الملوخية الطازجة السليمة الخالية من الإصابات الحشرية ثم تقطف الأوراق ، وتغسل جيدا تحت الماء الجاري ثم توزيع الأوراق بعد تصفيتها من الماء على شاش ابيض أو على عدة طبقات من ورق التنشيف ويتم تغييره من وقت للآخر حتى يتم جفاف الأوراق بعد ذلك تطحن الأوراق الجافة حتى تصبح ناعمة مثل الدقيق، ثم توضع فى عبوة زجاجية داخل الثلاجة.

ما هى عادات وتقاليد الشعوب فى تناول الملوخية؟ 

فى مصر:

الملوخية من الأكلات التى يعشقها معظم المصريين حيث تقوم ربة الأسرة  بتقطيف أوراقها الخضراء وفرمها ثم طبخها بحساء الأرانب وإضافة الثوم والكسبرة الجافة  المحمرة فى السمن الى الخليط السابق، وهذا الطبق المصرى  المعروف ( بملوخية بالأرانب) قد صالت وجالت شهرته من مصر إلى معظم دول العالم. 

فى سوريا ولبنان والأردن: 

يقوموا بطهيها بنفس المدرسة المصرية فى الطهى. 

 فى فلسطين والمملكة العربية السعودية: 

يقوموا بطهي الأوراق بعد تقطيعها قطع صغيرة ثم طهيها بعد ذلك بحساء الدجاج أو الضان أو الأرانب مع قليل من التوابل.

فى اليابان وكوريا:

 يعشقون الملوخية وذلك لفوائدها الجمة ولم يكتفوا بطهيها مع الحساء مثل المصريون وهو طبق يعرف ب (مروركيا)، بل استخدموا أوراقها الجافة كمشروب مثل الشاى الأخضر وادخلوا أوراقها الخضراء فى صناعة الحلوى والآيس كريم. 

 فى أمريكا:

نتيجة لرحلات المصريين إلى الأمريكتين فقد ادخلوا طريقة طهي الملوخية إلى هذه الدول أصبحت أكياس الملوخية المفرومة والمجمدة متوفرة فى تلك البلاد.  

ما هى المكونات الكيميائية للملوخية؟ 

تحتوى الملوخية على العديد من العناصر الغذائية الهامة لصحة وسلامة الجسم فبتحليل 100جم من الأوراق الخضراء وجد انها تحتوى على نسبة من الماء من80: 84جم و نسبة بروتين من 5.6:4.5جم ودهون حوالى 0.3جم ونسبة كربوهيدرات تتراوح من 12.4:7.6جم وحوالى 2جم ألياف و هذه الكمية من الأوراق تعطى كمية من السعرات الحرارية تتراوح من 58:43 كالورى، ومن أهم العناصر المعدنية الموجودة فى أوراق الملوخية الكالسيوم والذى يتواجد بنسبة تتراوح من 366:260 ملجم و فوسفور بنسبة 122:95ملجم و حديد بنسبة 7.5ملجم وصوديوم بنسبة 12 ملجم و بوتاسيوم بنسبة 444ملجم و 0.15:0.13ملجم ثيامين و 0.53:0.26ملجم ريبوفلافين و من 1.2:1.1ملجم نايسين ،وفيتامين سى بنسبة تتراوح من 80:53ملجم ، وتعتبر الملوخية من أغنى الخضراوات الورقية  بفيتامين (ا) والذى لا يتأثر بالتجفيف أو الطبخ، كما تحتوى على نسبة كبيرة من حمض الفوليك وفيتامين (ب) والمنجنيز. 

الفوائد الصحية للملوخية: 

الملوخية …وصحة القلوب والأوعية الدموية: 

وقد أظهرت البحوث الجديدة أن الملوخية من أهم الأوراق الخضراء الغنية بحمض الفوليك والمركبات الفينولية المضادة للأكسدة وغيرها من العناصر الغذائية والمركبات الطبيعية التي تفيد في علاج المرضى المصابين بروماتيزم القلب وضعف عضلة القلب وتقلل من نسبة الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم. وقد أجرى المركز القومي للبحوث بمصر العديد من الدراسات  للتوصل إلى تكنولوجيا مصرية بسيطة واقتصادية في استخلاص المواد الفعالة من بذور نبات الملوخية لعلاج أمراض القلب ، حيث تم فصل مجموعة من المركبات التى  تنتمي إلى مجموعة الجيلكوسيدات  والتي لها تأثير هام في علاج تضخم عضلة القلب وعلاج هبوط القلب الاحتقاني ( وهو عدم قدرة القلب علي ضخ كمية كافية من الدم إلى مختلف أجزاء الجسم لأداء وظائفه الحيوية المطلوبة). وهذه المواد الفعالة تم استخراجها من بذور الملوخية بطريقة بسيطة واقتصادية وكانت اكثر كفاءة عن غيرها من الأدوية مع انخفاض كبير في الآثار الجانبية لاستخدامها.  

الملوخية…..مهدئة للأعصاب ومقاومة للاكتئاب: 

نظرا لاحتواء الملوخية على كميات عالية من فيتامين “أ” الذي يحسن من أداء الموصلات العصبية بالجسم، كما أنه يحتوى على  مادة الكاروتين والبيتاكاروتين التى تساعد أيضا على إفراز هرمون “السيرتونين” الذي يحسن من الصحة النفسية ويقاوم الاكتئاب، ومن هنا فان وجبة الملوخية تكفى حاجة الجسم اليومية من المواد المساعدة على إفراز هرمون “السيرتونين” وتحول دون التوتر والاضطرابات العصبية التي تصيب الإنسان بسبب ضغوط الحياة أو التعرض لأزمات نفسية.  

 الملوخية…. منشط جنسي وعلاج للعقم:   

وعن فوائد الملوخية في زيادة القدرة الجنسية وعلاج العقم يقول الدكتور أحمد عارف أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية طب القصر العيني أن الملوخية تحتوى على كميات عالية من فيتامين “ا” ومادة الكلوروفيل الخضراء مقارنة بالخضراوات الأخرى  والذى يعمل على مقاومة التجلط وزيادة السيولة ومن شأن هذه السيولة التي تحدث بعد أكل الملوخية أن تزيد من معدل تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية.وهي الطريقة نفسها التي تعتمد عليها التركيبات الكيماوية للأدوية الجنسية وفضلا عن ذلك فإن الملوخية تزيد من إفراز هرمون الذكورة “تستيستيرون وهرمون الأنوثة ألاستروجين” اللذين تفرزهما الغدد الجنسية.كما أنها تحتوى على نسبة عالية من المنجنيز والذى يزيد من إفراز هرمونات الخصوبة لدى المرأة ويبعد شبح العقم بسبب نقص هذا المعدن الهام والذي يقف وراء العديد من حالات العقم.

 الملوخية ….غذاء مثالي للأم الحامل : 

تعتبر الملوخية بمثابة غذاء مثالي للأم الحامل، لكونها من أغنى الأغذية التي يتوافر فيها بكثرة فيتامين (أ) وهو من أهم الفيتامينات اللازمة للحفاظ على صحة الأم والجنين، كما أن الملوخية تحمي الجسم من الإصابة بفقر الدم ونقص الحديد الذي يصيب كافة النساء أثناء الحمل خاصة خلال الشهور الأولى وذلك لوجود الحديد بأوراقها بنسبة كبيرة. 

الملوخية ….وصحة الجهاز الهضمي: 

نظرا  لاحتواء أوراق الملوخية على كمية كبيرة من مادة مخاطية غروية وكذلك على  نسبة عالية  من الألياف فهي تعتبر وجبة سهلة الهضم وملينة، حيث تساعد على التخلص من الإمساك وسهولة عملية الإخراج، وتخفف من الاضطرابات الهضمية لمرض الكبد والجهاز الهضمي والمتوقفين حديثاً عن التدخين، والذين غالباً ما يصابون بالإسهال أو الإمساك. 

 بعد أن وصلنا إلى نهاية جولتنا مع أسرار وخفايا نبات الملوخية وعرفنا الأسرار الصحية والفوائد الغذائية لتناوله، أنصحكم احبائى بتناول طبق الملوخية لما له من فوائد عظيمة على صحة الإنسان. ودائما عندما ننظر حولنا نجد أن  الله انعم علينا بالكثير والكثير من النباتات ذات الفوائد العظيمة. ومع إطلالة كل يوم جديد تولد فكرة بحث جديد ، تكشف لنا المزيد والمزيد من الأسرار والخبايا الغذائية والطبية للعديد من النباتات التى تنمو حولنا. فندعو الله العلى القدير أن يلهم علمائنا العلم والعقل والتفكير والاجتهاد والإتقان فى العمل ليطلعونا على كل  ما هو جديد ومفيد من طبيعتنا الخلابة التى حباها الله عز وجل لنا.  

 

من موقع:د/ مروة عزمى جنينة

المقال تم نشره فى مجلة الاسرة عدد شهر شوال- اكتوبر 2008.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!