المنسق العام لحزب القطب رياض بن فضل لـ«الشروق»: هذه الفرصة الأخيرة لليسار التونسي

اعتبر المنسق العام لحزب القطب أن اليسار التونسي أمام فرصة أخيرة للعودة للمشهد السياسي بعودة الحديث عن مفهوم الدولة الراعية بعد هزائمه الانتخابية. تونس- الشروق  و شدّد بن فضل في حوار شامل لـ»الشروق» أن المرحلة السياسية ستجعل من اليسار الديمقراطي البديل الحقيقي للسلطة القائمة اذا ما قام بالمراجعات الفكرية و الايديولوجية اللازمة، محذرا من أزمة اقتصادية و اجتماعية منتظرة بعد الكورونا إذا لم يتم القيام بإصلاحات هيكلية شاملة تتغير معها أولويات الدولة.

Share your love

اعتبر المنسق العام لحزب القطب أن اليسار التونسي أمام فرصة أخيرة للعودة للمشهد السياسي بعودة الحديث عن مفهوم الدولة الراعية بعد هزائمه الانتخابية.

تونس- الشروق 
و شدّد بن فضل في حوار شامل لـ»الشروق» أن المرحلة السياسية ستجعل من اليسار الديمقراطي البديل الحقيقي للسلطة القائمة اذا ما قام بالمراجعات الفكرية و الايديولوجية اللازمة، محذرا من أزمة اقتصادية و اجتماعية منتظرة بعد الكورونا إذا لم يتم القيام بإصلاحات هيكلية شاملة تتغير معها أولويات الدولة.

بعد أن كان رقما مهما في المعادلة السياسية انحسر دور اليسار في التأثير على القرار السياسي، لم هذا الغياب عن المشهد السياسي ؟
أعتقد أن العائلات اليسارية كانت ضحية أخطاء عملية و تنظيمية قاتلة و سوء تقدير لمتطلبات المرحلة أضرت بمكانته في الساحة السياسية و قلّصت تأثيره فيها، طرحنا أفكارا و مشاريع أثبتت أزمة الكورونا صحتها لكننا عجزنا عن اقناع الطبقات الكادحة بها نتيجة خيارات سياسية و خلافات هيكلية لم نحسم فيها و منها دور الجبهة الشعبية التي لم ننجح في بلورتها إلى جبهة سياسية و بقيت التقاءا انتخابيا مؤقتا ما انجرّ عنه تفتيت اليسار التونسي و عزوف الناخب عن التصويت لنا في مقابل انتخاب أحزاب تبني طرحها على الدمغجة و الشعبوية، ما يجعلنا أمام حتمية القيام بمراجعات فكرية و تنظيمية تقطع مع القوالب التي تجاوزها الزمن و تطرح برامج واقعية و حلولا واضحة لمشاكل البلاد.  

بعد حصيلته الانتخابية ، هل قام اليسار التونسي بمراجعاته الذاتية للوقوف على الخيارات الخاطئة التي انتهجها ؟
دعني أجيبك بكل صراحة، لم تقم العائلات اليسارية إلى حد اللحظة بمراجعة خياراتها و استخلاص الدروس مما وقع ، نتائج الانتخابات البلدية في 2018 كانت مؤشرا واضحا على تراجع تأثيرنا في المشهد السياسي و المجتمعي لم نلتقطه في لحظتها وصولا إلى هزيمتنا في الانتخابات التشريعية و الرئاسية الاخيرة، كلها معطيات تشير إلى عدم قدرة اليسار على التحول إلى قوة مجدّدة في الساحة نتيجة انشغالنا بالخلافات الداخلية على حساب إدارة استحقاقاتنا السياسية و الميدانية في علاقة بخلافاتنا مع القوى اليمينية والرجعية، نحن دفعنا ضريبة الدم باستشهاد الرفيقين شكري بلعيد و محمد البراهمي و نحن خزان أفكار و برامج لكننا لم ننجح في تسويق أنفسنا لدى الرأي العام كبديل جدي للسلطة لعدة أسباب منها نقص البعد المواطني في عملنا الميداني بما هو ركيزة للعمل التقدمي حيث لم نطور حضورنا في النسيج الجمعياتي يكون حزاما صديقا لنا على خلاف قوى سياسية أخرى تغلغلت في أوساط المجتمع المدني.   

تجربة الكورونا أعادت إلى الواجهة المقاربات اليسارية بالحديث عن الدور الإجتماعي للدولة في إدارة الأزمة الحالية، هل هي فرصة لليسار التونسي لإعادة التموقع في المشهد السياسي ؟
هذه الفرصة التاريخية و الأخيرة للقوى اليسارية التونسية لبسط رؤاه و برامجه وطرح نفسه كبديل حقيقي للسلطة الحاكمة، أزمة الكورونا فتحت المجال واسعا للبناء عليها بالقيام بالمراجعات الفكرية و الايديولوجية المطلوبة و طرح برامج قادرة على اقناع الطبقات الشعبية و الكادحة وفق آليات تنظيمية و هيكلية جديدة تجعل التونسيين يعيشون تجربة اليسار الديمقراطي البديل بعد تجارب الإسلام السياسي و اليمين الحداثي خصوصا في ظل المؤشرات التي توحي بصعوبة المرحلة القادمة التي سيتحمل وزرها الأجراء و الطبقات الكادحة.

في زمن الأزمات عادة ما تكون الأحزاب السياسية قوة اقتراح لمعاضدة جهود الدولة، ما هي مقاربتكم لإدارة الأزمة الحالية؟
نحن نتحمل دورنا كمعارضة وطنية حقيقية، و من هذا المنطلق وجهنا رسالة إلى رئيس الحكومة بتاريخ 2 أفريل و وجهنا مراسلة إلى وزير الصحة بتاريخ 28 من الشهر الحالي ضمناها جملة من المقترحات لإصلاحات هيكلية تشمل قطاع الصحة العمومية و منها تخصيص نسبة 10 % من ميزانية الدولة لفائدة القطاع في إطار قانون مالية تكميلي للسنة الحالية ، نحن ندعو إلى إعادة الاعتبار للمرفق العمومي و استخلاص دروس التهميش الليبيرالي له بعودة الدور التعديلي للدولة و اتخاذ جملة من الاجراءات منها بيع الدولة لحصصها التي لا تتجاوز 25 % من رأسمالها و توجيهها إلى صندوق «نجاعة المرفق العام» في إطار إصلاحات مادية و هيكلية ، إضافة إلى القيام بإصلاح جبائي جذري يوفر امتيازات للقطاع العام كما هو الشأن للقطاع الخاص ، عموما المطلوب اليوم وضع استراتيجية واضحة تجعل من المرفق العام يوازي بين العدالة الاجتماعية و الوجاهة الاقتصادية لفائدة المصلحة العامة.

عديد الخبراء يدعون لاستثمار أزمة الكورونا و تحويلها إلى فرصة حقيقية لإجراء الإصلاحات المطلوبة و دفع عجلة التنمية، ما الذي تطرحونه من خيارات في هذا الصدد ؟ 
قناعتي راسخة أن تونس بعد الكورونا لن تكون كما كانت وهذا يتطلب تحركا للقوى الاجتماعية و النقابية حتى تلعب دورها المطلوب في إطار مراجعات فكرية اجتماعية و اقتصادية يكون فيها لتوجهات اليسار حضور أساسي يوفق بين البعد الاجتماعي و النجاعة الاقتصادية، أعتقد ان المرحلة المقبلة ستبنى على مقاربة أخرى للأمن القومي تقوم على 3 قطاعات أولها الأمن الغذائي بتثمين القطاع الفلاحي و استغلال الفرص الحقيقية لتطويره ومن ذلك فتح ملف الأراضي الدولية و التوجه نحو تسويغها لخريجي المدارس الفلاحية بأسعار مقبولة في إطار تفعيل الإقتصاد التضامني الاجتماعي ، إضافة إلى الاستثمار في الفلاحة البيولوجية والصيد البحري بحيث تكون الفلاحة دعامة رئيسية للإقتصاد الوطني.
القطاع الثاني الذي يجب أن يكون اولوية مطلقة للدولة التونسية في الفترة المقبلة هو القطاع الطبي الذي كان مفخرة لتونس منذ دولة الاستقلال قبل أن يعصف به التهميش ، يجب وضع أسس واضحة لحوكمته فليس من المعقول مثلا أن تمر شبهة الفساد في ملف الكمامات دون محاسبة حقيقية ، أما القطاع الثالث فهو المجال الطاقي  بحيث يجب العمل على الاستثمار في الطاقات البديلة على غرار عديد التجارب المقارنة التي جعلت من الطاقات المتجددة فرصة اقتصادية حقيقية لها . 
 

هاشم بوعزيز

Source: Alchourouk.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!