المواقع الإدراكية، رؤية وجهات النظر الأخرى

لعلّكَ سمعتَ التعبير التالي: "قبل أن تنتقد الآخرين، امشِ ميلاً في أحذيتهم". هذه نصيحةٌ جيِّدة، ولكن كيف يمكنك فعل ذلك؟ كيف تتعلَّم رؤية الأشياء من وجهة نظر شخصٍ آخر حتَّى تتمكَّن من فهم أفكاره وأفعاله بشكلٍ أفضل؟ ليس عليك حرفيَّاً المشي لمسافة ميلٍ بحذاءِ أيِّ شخص، إذ يمكنك بفضل تقنيةٍ تُسمَّى المواقع الإدراكية، أن تتعلَّم اختبار حالةٍ ما من خلال عيون شخصٍ آخر. في هذه المقالة نَصِفُ المواقع الإدراكية، ونراجع فوائد استخدامها، ونُظهِر لك الخطوات التي تحتاجها لاستخدامها بنفسك.

Share your love

حسناً، الخبر السار هو أنَّه ليس عليك حرفيَّاً المشي لمسافة ميلٍ بحذاءِ أيِّ شخص، إذ يمكنك بفضل تقنيةٍ تُسمَّى المواقع الإدراكية، أن تتعلَّم اختبار حالةٍ ما من خلال عيون شخصٍ آخر، بينما تبقى في مكتبك الخاص وبحذائك الخاص.

في هذه المقالة نَصِفُ المواقع الإدراكية، ونراجع فوائد استخدامها، ونُظهِر لك الخطوات التي تحتاجها لاستخدامها بنفسك.

ما هي المواقع الإدراكيَّة؟

جرى أخذ تمرين المواقع الإدراكيَّة من البرمجة اللغوية العصبية (NLP)، وإنَّ هدفه أن يُظهِر لك بطريقةٍ منهجيةٍ كيف ترى وجهات نظر الآخرين، وهو تمرينٌ بسيطٌ يمكنك القيام به خلال عدَّة دقائق.

فيما يلي موقفٌ قد تستفيد به من تمرين المواقع الإدراكيَّة:

تخيَّل أنَّك تواجه مشكلةً مع رئيستك في العمل، حيث أنَّها قد طلبت منك إنهاء تقريرٍ بحلول نهاية اليوم، لذا قُمت بإنهائه؛ ولكن عند تسليمه لها كانت غاضبةً لأنَّك لم تنتهِ من مَهمَّةٍ أخرى أوكلتها إليك قبل ساعة.

مثل هذه الحالات يمكن أن تكون مُحبطة، ولكن مثل معظم الأشياء في الحياة، هناك عادةً جانبان للقصة. يمكن لتقنيةٍ مثل المواقع الإدراكية مساعدتك في فهم وجهةِ نظر رئيستك، حتَّى تتمكَّنا كِلاكما من التواصل مع بعضكما بشكلٍ بنَّاءٍ أكثر، والعمل على إيجاد حلٍّ مُشترك.

تمرين المواقع الإدراكيَّة:

يسمح لك تمرين المواقع الإدراكيَّة بإلقاء نظرةٍ على الموقفِ من ثلاث وجهات نظرٍ مختلفة: وجهة نظرك، ووجهة نظر الشخص الآخر، ووجهة نظر طرفٍ مُحايد. اتَّبع هذه الخطوات لتتعرَّف على هذه التقنية:

1. تحديد الموقف:

ابدأ بتحديد موقفٍ معيَّنٍ تحتاج إلى مزيدٍ من الوضوح بشأنه. سوف نتابع باستخدام مثال الرئيسة الغاضبة.

2. إعداد مساحتك الخاصَّة:

انتقل باستخدام هذه التقنية إلى مكانٍ مختلفٍ تماماً في الغرفة في كلِّ مرةٍ تقوم بتغيير المواقع (أي تصبح أنت الشخص الآخر)، ولا يجب أن يكون هذا تغييراً كبيراً قبل أن تبدأ. على سبيل المثال: يمكنك ببساطةٍ تبديل الكراسي في مكتبك، ومن الهامِّ إعداد ثلاثة مواقع مُنفصلةٍ تسمَّى: “المراسي أو الروابط المكانية”.

السبب في أنَّه من المفيد تغيير الأمكنة هو السماح لك بأخذ استراحةٍ من كلِّ وجهة نظرٍ ستختبرها. فكِّر في ذلك بكونه أشبه بتنظيف لوح كتابةٍ وتجهيز نفسك لكتابة شيءٍ جديد. يدعو الممارسون هذه الخطوة بـ: “كسر الحالة”، ويُعدُّ التغيير الفيزيائي للمواقع لكلِّ وجهة نظرٍ هامَّاً لنجاح هذا التمرين. تأكَّد من أنَّك تعرف المكان الذي ستستخدمه لكلِّ وجهة نظر، فمثلاً: عندما تكون نفسك، اجلس خلف مكتبك؛ وعندما تأخذ منصب الرئيسة، اجلس على الكرسي مقابل مكتبك؛ وعندما تكون الطرف المحايد، اجلس على كرسيٍّ ثالثٍ داخل الغرفة.

3. التعرُّف على كلِّ موقع (شخص):

قبل البدء بالتعامل مع قضيةٍ محددة، تعرَّف على المواقع المختلفة التي ستختبرها. هذا مشابهٌ لمحاولة ارتداء ملابس جديدة. تخيَّل ببساطةٍ كيف يكون الأمر “داخل” كلِّ شخصٍ مختلف، وفكِّر في الأمر على أنَّه لعبٌ للأدوار، ولا تركِّز على موقفك المحدَّد فقط.

من الهامِّ تخيُّل أكبر قدرٍ ممكنٍ من التفاصيل. على سبيل المثال: إذا كنت تأخذ منصب رئيستك، فكِّر في إيماءات يدها، وسلوكاتها، ووجهات نظرها، واسمع صوتها وهي تتحدَّث، وحاول أن تتخيَّل كيف تشعر في مواقفَ مختلفة. ضع نفسك في هذا الدور، مثل ما يمكن لممثِّل أن يفعل، وحاول أن تصبح أنت “هي” لدقيقةٍ أو دقيقتين فقط.

هناك ثلاثة مواقع مستخدمةٌ وشائعةٌ في المواقع الإدراكية؛ مارس كلَّ موقعٍ لدقيقةٍ واحدةٍ فقط:

  • الموقع الأول: أنت.
  • الموقع الثاني: الشخص الآخر المشارك في الموقف (في هذه الحالة: رئيستك).
  • الموقع الثالث: طرفٌ ثالثٌ لا صلة له بالموقف، أو غير معنيٍّ به.

في كلِّ مرّة تقوم فيها بتغيير المواقع، خذ استراحةً سريعة، وافعل شيئاً مختلفاً بالكامل لتحرير عقلك من هذا الدور؛ إذ يمكنك شرب بعض الماء أو قراءة فقرةٍ من كتاب. سيساعد ذلك عقلك في “ترك” الدور حتَّى تتمكَّن من التحوُّل بسهولةٍ إلى الدور التالي.

4. استكشاف كلِّ موقع:

أنت الآن جاهزٌ لبدء تخيُّل موقفك المحدَّد.

الموقع الأول: انتقل إلى أول نقطة ربطٍ مكانية، أي: المساحة المادية التي اخترتها لموقعك الأول (في مثالنا، الكرسي خلف مكتبك). أغلق عينيك، واستعرض الموقف المحدَّد في عقلك، وتصوَّره بالضبط كما حدث، من خلال رؤيته بعينيك، وتذكَّر بالضبط ما قاله كلُّ شخصٍ وكيف شعرت حيال ذلك.

كلَّما كنت أكثر دقة، نجح التمرين أكثر.

الموقع الثاني: بعد إعادة الموقف بوضوحٍ من وجهة نظرك، خذ استراحة. قم وافعل شيئاً آخر لمدة 15 ثانية، ثمَّ انتقل إلى نقطة الربط المكانية الثانية (في مثالنا، الكرسي المقابل لمكتبك).

تخيَّل الموقف من وجهة نظر الشخص الآخر. تخيَّل أنَّك تدخل جسد رئيستك، وانظر إلى نفسك من خلال عينيها، وأعد تصوُّر ما قاله كِلاكما مرَّةً أخرى؛ ولكن هذه المرَّة، حاول أن تتخيَّل وجهة نظرها. ما هي الضغوط التي تعاني منها؟ كيف تراك هي وترى أفعالك؟

الموقع الثالث: بمجرَّد إعادة الموقف كاملاً، خذ استراحةً سريعةً أخرى، ثمَّ اخطُ إلى موقع الطرف الثالث، وانتقل إلى نقطة الربط المكانية الثالثة (في مثالنا، الكرسي الثالث في الغرفة). في هذا الموقع الأخير، من المفيد أن تتخيَّل نفسك وأنت تنظر إلى المشهد من الأعلى، أو تنظر من خلال نافذةٍ إلى الغرفة؛ ويمكنك أيضاً أن تتخيَّل نفسك كمستشارٍ يصغي بموضوعيَّةٍ إلى طرفي القصة.

اسأل نفسك هذه الأسئلة: كيف يتصرَّف هذان الشخصان؟ هل هم عادلان مع بعضهما؟ هل أحدهما مُهيمنٌ بينما الآخر خاضع؟ أي نصيحةٍ يمكن أن تعطيها لهما لمساعدتهما على حلِّ خلافاتهما؟

5. تحليل ما تعلَّمته:

خذ بضع دقائق لتدوين ما تعلَّمته من التمرين. ماذا تعلَّمت عن نفسك؟ ماذا تعلَّمت عن الشخص الآخر؟ كيف تريد المضي قُدماً بناءً على ذلك؟

 

المصدر موقع “مايند تولز”.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!