الناقد الأردني محمد المشايخ يكشف حكايات ومواقف الأدباء
[wpcc-script type=”aad4572620d26d580c48c636-text/javascript”]
عمان ـ «القدس العربي» : محمد المشايخ ناقد أردني وناشط ثقافي لا يهدأ، واسطة عقد الكتاب والأدباء والمثقفين الأردنيين، على تواصل مستمر وحثيث مع الجميع. ولا عجب أن لقب بشيخ أدباء مدينة الزرقاء وعمودها الثقافي، وذاكرة الثقافة الأردنية، ومؤرخ رابطة الكتاب، وسادن رابطة الكتاب وهو الأحب إليه. يحمل المشايخ درجة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها في الجامعة الأردنية عام 1977. عمل مديرا إداريا لرابطة الكتّاب الأردنيين (1978-2007)، وسكرتيرا تنفيذيا للأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ومقررا للجنة الإصدارات والمسابقات لاحتفالية «الزرقاء مدينة الثقافة الأردنيّة» سنة 2010، ومديرا لتحرير مجلة «الزرقاء الثقافية». وهو عضو رابطة الكتّاب الأردنيين ونادي أسرة القلم الثقافي في الزرقاء. أصدر 18 كتابا منفردا أبرزها «الأدب والأدباء والكتاب المعاصرون في الأردن»، وأحدثها «معجم شعراء الأردن»، وشارك في تأليف 33 كتابا.
نشر المشايخ مؤخرا على صفحته في الفيسبوك سلسلة ذكريات بانورامية في مئة حلقة عن الكتاب والأدباء والمثقفين الأردنيين، بعنوان «ذكريات داعبت فكري وظني»، وهي ذكريات تحفل بالعديد من الحكايات والحوادث الطريفة، استخلصها من تاريخ الكتاب أو سمعها منهم ومن أترابهم، أو من خلال ما ينشره هؤلاء في فضاء الفيسبوك. ثم يرسل مجموعة من البرقيات السريعة لعدد من الكتاب والمثقفين عبارة عن تهنئة أو تعزية أو تذكير أو تشجيع أو عتاب. ويختم كل حلقة بنص لأحد الكتاب ويتبعه بسيرة ذاتية. وفي كل حلقة يدرج صورة مركبة تحتوي جميع من ذكرهم في النص. وقد استقطبت نصوصه متابعة واسعة من الكتاب والمثقفين والمهتمين، فأثرت الفيسبوك والمجالس بالمحاورات والذكريات، وكانت فرصة ذهبية لتعرف المثقفين بعضهم على بعض.
عن هذه الذكريات وغيرها كان لـ «القدس العربي» معه هذا الحوار ..
■ «ذكريات داعبت فكري وظني» سلسلة توثيقية طريفة ومهمة. ما الذي دعاك لكتابتها ونشرها؟
□ انتبه بعض الأدباء لنشاطي الاجتماعي على صفحات الفيسبوك، حيث أقوم يوميا بالتعزية بالراحلين من الأدباء والكتاب وأقاربهم، فاتهموني بأنني صرت مندوب عزرائيل في الأرض، وأنني لم أعد كاتبا بقدر ما أنا مواكب للجنازات، فرددت عليهم عمليا، وكتبت ونشرت لهم مئة حلقة من هذه الذكريات التي رأى بعضهم فيها جنسا أدبيا جديدا.
■ من أين استقيت مادة هذه الذكريات؟
□ تمتاز رابطة الكتاب بكثرة أعضائها وأصدقائها، ولهؤلاء ندواتهم ومجالسهم، الرسمية والخاصة، ومنها خـَزّنت في ذاكرتي الكثير، هذا عدا عن الحساسية التي يتمتع بها بعضهم، الأمر الذي يجعلهم يصرحون أو يقومون ببعض المواقف الطريفة التي تصل حد الغرائبية والعجائبية أحيانا، وبالنظر لذكري لتلك المواقف والطرائف في جلسات عديدة فقد حفظتها غيبا وصارت جاهزة للكتابة.
انتبه بعض الأدباء لنشاطي الاجتماعي على صفحات الفيسبوك، حيث أقوم يوميا بالتعزية بالراحلين من الأدباء والكتاب وأقاربهم، فاتهموني بأنني صرت مندوب عزرائيل في الأرض.
■ ومن أين تجد الوقت الكافي لكل هذا الجهد اليومي طوال مئة يوم، بالإضافة إلى حراكك الثقافي اليومي مشاركا أو حاضرا؟
□ أنا لا أعمل، وقد خصصت ما بين 6 و8 ساعات يوميا لكتابة الذكريات، وللتواصل مع الكـُتاب، وللرد على تعليقاتهم واستفساراتهم، ولأن لديّ إرشيفا ضخما من الصور، فلم أجد صعوبة في تجميع الصور، ولكن الصعوبة تمثلت في قصقصة الوجوه فقط، ثم حمل الصورة، ولصقها إلى جانب شقيقاتها، هي عملية تحتاج إلى وقت طويل، كنت أوزعه على مدار الليل والنهار.
■ تكاد تكون مميزا في هذا الأسلوب في الكتابة الطريفة، كما في كتابك «كشف الحجاب عن خبايا رابطة الكتاب». بمن تأثرت بهذا الأسلوب؟
□ على ذمة الشاعر يوسف أبو لوز، فإنني الوحيد الذي عمل في هيئة ثقافية عربية لمدة 40 عاما، وقام بالتأريخ لها، كل الذين عملوا في هيئات ثقافية عربية لم يكونوا أدباء، بل موظفين إداريين، وإن كان بعضهم أديبا، فإن له مشاغله التي حالت بينه وبين التأريخ للهيئة التي عمل فيها. لقد علـّمني أولئك الذين يمسكون الميكرفون ولا يتخلون عنه إلا بعد أن يجلدوا جمهورهم، أن أكون خفيف الظل، وألا أكون ثقيلا على أحد، علما بأنني لم أتأثر بغيري.
■ شملت الذكريات عددا كبيرا من الأسماء، فكم عددهم على وجه الدقة؟
□ تمتاز الساحة الأدبية بأنـّها كريمة في إنجاب المبدعين، ذكرت أربعة آلاف منهم، ولم تكن بعض الحلقات تخلو من ذكر قياديين في العمل الاجتماعي أو معنيين بالثقافة، مع الإشارة إلى أن بعض الأسماء كانت تتكرر لكثرة مواقفها وطرائفها التي كنت شاهدا عليها.
■ هل نسيت أحدا من الكتاب والمثقفين؟
□ نعم، أعترف وأنا الذي كنت أروي الطرائف عن المبدعين النسـّائين بأنني نسيت قليلين، ودائما كنت أقول إن الشمس لا تغطى بغربال، وأن من لم أذكره، سبقني إلى تخليد ذاته وإبداعه.
■ لماذا آثرت أن تتوقف عند الرقم 100، وعجلة الثقافة وحركة المثقفين لا تهدأ، وطرائفهم لا تنتهي؟
□ بصراحة تعبت من الجهد الكبير والوقت الطويل الذي بذلته خلال المئة يوم، وأردت أن أستريح، وأريح من كانت تصلني رسائلهم على الخاص تدعوني للتوقف.
■ أثارت السلسلة الكثير من ردود الأفعال المتباينة، هل يمكن أن تذكر بعضا منها؟
□ من أبرز الإيجابيات التي كانت تصلني تلك التي تتعلق بذكري أدباء لم يذكرهم أحد قبلي، وابتعادي عن الجغرافيا والمعتقد والتوجه الفكري وذكري للجميع وتعاملي معهم بسواسية، ومما وردني على الخاص من الأديبة الدكتوة سائدة خليل: «أتابع برضى خاطر ما تقدمه من عمل رزين و«دمه خفيف» ويلفتني فيه رفعة ذوقك في إيجاد كرسي مريح للجميع». أما السلبيات فتمثلت في أن بعض الأدباء يكرهون بعضهم الآخر، توجد تيارات تتصارع في رابطة الكتاب ولا يريد أي منها للآخر أن يظهر، أو يُذكر.
■ يتهمك البعض أنك تميل للمجاملة، والتركيز على الإيجابيات فقط. فهل هذه تهمة، أم نهج؟
□ الأدباء بحاجة لاهتمام، ظروفهم المعيشية صعبة، واحتياجاتهم كثيرة، فكان لا بد من مجاملتهم وملاطفتهم والتخفيف عنهم وإشعارهم بأهميتهم، نعم هو نهجي.
■ هل تظن أن هذه الذكريات قد كشفت مستورا أو أساءت إلى أحد؟
□ كنت أروي بعض الأمور التي أظنها إيجابية عن بعضهم، فكانوا يثورون ويغضبون ويعتقدون أنني أنتقص منهم ومن مكانتهم، أو أستهزئ بهم، فكنت أشطب ما كتبته عنهم على الفور، أما كشف المستور فهو كثير.
■ هل تواصلت معك أي جهة لنشر هذه الذكريات في كتاب مطبوع؟
□ الجهة الوحيدة التي تدعم طباعة الكتب هي وزارة الثقافة، التي أعادت كتابي»معجم شعراء الأردن» بعد أن مكث لديها 10 شهور وهو مجاز من لجنة التحكيم، لعدم وجود مخصصات مالية، ما دفعني لعدم تكرار التجربة.
■ وما مشاريعك المستقبلية؟
□ أشتغل الآن على إعداد معجم القاصين والروائيين الأردنيين، وأتوقع أن يصدر خلال عام 2019.