لقد بات من الملحوظ والمؤكد تنامي العلاقات الهندية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة في مجالات عسكرية واسعة النطاق تتمثل بعزم نيودلهي على تطوير ترسانتها النووية والجوية والبحرية والدفاعية من خلال استفادتها من الخبرات والتكنولوجيا الإسرائيلية التي تعتمد فيها وبشكل أساسي على الولايات المتحدة الأمريكية .
ويرى مراقبون بأن الهند قد استغلت كذلك علاقاتها المستجدة مع واشنطن لتوثيق روابطها مع إسرائيل بعد أن كانت حليفاً استراتيجياً للاتحاد السوفييتي قبل انهياره وتفتته ، في حين كانت باكستان آنذاك هي التي تشكل الحليف الاستراتيجي لواشنطن ، غير أن الوضع تبدل بتغير الزمان وأحداثه ، فسرعان ما تخلت واشنطن عن حليفتها باكستان بعد أن كانت تشكل مركزاً هاماً لتجميع القوى التي عول عليها في يوم من الأيام لدحر وشرذمة الاتحاد السوفييتي ، إلى أن وثقت واشنطن علاقتها مع الهند باعتبارها الدولة التي يمكن الاعتماد عليها كقوة نووية فاعلة في المنطقة التي كثيراً ما يعول عليها الغرب لرسم المستقبل السياسي وخارطته بعد أن شعر بتنامي دور الجماعات الإسلامية الذي بات يشكل خطراً ملحوظاً على مصالحه ، خاصة بعد التحدي الطالباني الذي تمثل بعدة قضايا كان آخرها محاكمة الغربيين الذين ضبطوا بقضايا تنصيرية في أفغانستان رغم التهديدات الغربية لحكومة طالبان بإطلاق سراحهم أو برؤيتهم على الأقل ، إضافة إلى وجود الصين في المنطقة مما جعل من الهند بديلاً لا خيار له لمواجهة هذه القوة الحقيقة التي تشكل خطراً على واشنطن حسب المراقبين .
وقد حاولت الهند توثيق علاقاتها الدفاعية مع إسرائيل منذ أن اعترفت بها كدولة بعد إنشائها بثلاثة أشهر فقط في العام 1948 ، إلى أن اعترف بها رسمياً رئيس الوزراء الهندي آنذاك ” جواهر لال نهرو ” عام 1950 بوثيقة رسمية وخطية ، رغم أن علاقاتها مع إسرائيل كانت تتصف بنوع من السرية والحيطة حفاظاً على مصالحها مع العالم الإسلامي والعالم العربي الذي سيجد حرجاً في التعامل معها أمام الرأي العام كونها تتعامل مع إسرائيل بشكل علني ، إلى أن طفت سياسة المفاوضات على سياسة المواجهة والحرب بين بعض الدول العربية بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية نفسها وبين إسرائيل ، الأمر الذي كان الضوء الأخضر للهند كي تعلن عن علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل أمام العالم العربي والإسلامي دون حرج أو مخاوف ، لا سيما بعد حربيها مع باكستان في العام 1965 والعام 1971 لتعويض ما خسرته من ترسانتها العسكرية في هذه الحروب ، إضافة إلى الطموح الهندي بالحصول على تقنيات من ترسانة إسرائيل الفعالة والمتطورة والمنافسة في الأسعار بالنسبة لها ، لا سيما وهي ترسانة قد سبق وأثبتت فعاليتها من خلال التجارب في الحروب التي ثبتت الكيان الصهيوني في المنطقة ، إضافة إلى بعض العوامل المشتركة في العقائد التي يبنيها للمستقبل كل من الهندوس واليهود والمتمثلة بالالتقاء على ضرورة طرد المسلمين باعتبارهم غاصبين من مكة المكرمة نقطة الالتقاء للملتين حسب زعمهم .
وامتدادا لذلك أبرمت الهند اتفاقيات عسكرية عديدة مع إسرائيل من خلال عقود كان آخرها الاتفاق الذي أبرمته بقيمة ملياري دولار أمريكي بعد قمة أغرا الباكستانية الهندية التي انعقدت في منتصف شهر تموز / يوليو الماضي بيومين فقط ، الأمر الذي قرأه مراقبون حرصاً إسرائيلياً على نسف جميع الاتفاقيات التي يمكن أن تتم بين الهند وباكستان كونها لن تصب في صالحه من خلال هذه الصفقة العسكرية ، ويذكر أن من ضمن الأسلحة التي تنوي إسرائيل تزويد الهند بها طائرات فالكن الحديثة للإنذار المبكر ونظام الرادارات والصواريخ المتطورة ، وكما هو معلوم فإن الهند تعتبر ثاني أكبر دولة تعتمد على إسرائيل في شراء أسلحتها .
وترى مصادر مطلعة بأن الدول العربية والإسلامية التي لم تظهر كثير اهتمام بهذه العلاقات المشبوهة التي ستعود سلباً عليها وبلا شك ، خاصة الدول العربية التي تربطها مصالح كبيرة وواسعة مع الهند سياسية أو تجارية أو عسكرية ، في الوقت الذي كان من الأنسب لها أن تقف بجانب باكستان وتساندها باعتبارها دولة إسلامية ونووية في نفس الوقت تنافس الهند في القوة على قلة إمكانياتها ، إضافة إلى وقوفها مع قضايا العالم العربي والإسلامي في صراعه مع إسرائيل .
وعلى الصعيد العملي من التعاون فالهند قد استفادت من التجارب الإسرائيلية في رسم وتنفيذ سياستها مع الشعب الفلسطيني كدرس يمكن تطبيقه في إقليم جامو وكشمير على الشعب الكشميري وبحذافيره ، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى إرسال مجموعات من الخبراء والمتدربين لمساعدة الجيش الهندي لقمع المظاهرات والنشاطات التي تنظمها الحركات التحررية في الإقليم ، من خلال استخدم سياسة هدم البيوت وحرقها والقتل العشوائي وحوادث الاغتصاب والنهب وغيرها ، إلى أن تولى ضباط الموساد الإسرائيلي عمليات التحقيق مع المجاهدين الكشميريين الذين اعتقلتهم قوات الجيش الهندي حسب تأكيدات ” شيخ عبد الغزيز ” العضو البارز في تحالف جميع الأحزاب الكشميرية عند اعتقاله وتحقيق ضباط يهود معه في المعتقل …