بل يُستهان بها ولا يُعترَف بها البتة، أمَّا عن تقلبات المزاج التي تصيب النساء قبل فترة الطمث، وفي الأشهر الأولى للحمل، وبعد الولادة، وفي أثناء سن اليأس، فيتم التعامل معها بالكثير من قلة الوعي؛ حيث يُسقط الزوج جام غضبه على امرأته ويتهمها بالتقصير وعدم المسؤولية، ويجرحها قائلاً لها: “لم أعد أطيق الحياة معك البتة”، “لقد مللت من مزاجك المضطرب وآلامك وشكواك”.
وتبقى الأنثى وحدها ساعيةً بكل ما أوتيت من قوة للقيام بالأعمال المنوطة بها، حتى إن كان ما تقوم به على حساب صحتها النفسية والجسدية؛ إنَّها مثال للتضحية والقوة والإرادة على عكس الاتهامات التي تلصق بها.
ما هي الهرمونات الأنثوية وكيف تؤثر في الحالة النفسية للمرأة؟ مدار حديثنا خلال هذا المقال.
الهرمونات والمرأة:
تتحكَّم الهرمونات بحياة المرأة تحكُّماً خيالياً؛ إذ إنَّها تسيطر على كامل حياتها من مرحلة البلوغ ولغاية آخر يوم في حياتها.
تعدُّ الهرمونات رسائل كيميائية ينتجها الجسم وتُنقَل من خلال الدم إلى الأنسجة والأعضاء، وهي مسؤولة عن العمليات الحيوية في الجسم، مثل عمليات النمو والتطور، وعمليات التمثيل الغذائي (طريقة حصول الجسم على الطاقة من الأطعمة التي يتناولها)، وعمليات الجنس والإنجاب، وحالات المزاج، وينتج عن زيادة نسبة هرمون ما عن حد معين أو نقصانه؛ الكثير من المشكلات على مستوى الجسد ككل.
تتدخَّل الهرمونات في مسيرة حياة المرأة؛ حيث تبدأ في فترة البلوغ والدورة الشهرية وتستمر إلى مرحلة الحمل وبعد الولادة وانتهاءً بسن اليأس؛ حيث تخضع المرأة إلى الكثير من التغيرات النفسية والفيزيولوجية الناتجة عن إفراز الهرمونات.
شاهد بالفيديو: 6 فحصوات طبية يجب على المرأة إجراؤها دورياً
[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/wBV1Iqt2bMM?rel=0&hd=0″]
1. مرحلة البلوغ والهرمونات:
تمتاز مرحلة البلوغ بظهور تغيرات جسدية لدى الأنثى حيث يزداد حجم الأثداء، والأرداف، ويظهر الشعر في مناطق معينة من جسدها، وتختبر الأنثى الدورة الشهرية خلال هذه المرحلة، وهي تغيرات هرمونية طبيعية تحدث في جسد الأنثى في كل شهر استعداداً للحمل وتبدأ من سن البلوغ وتنتهي في سن اليأس، وتصل مدتها إلى 28 يوم تقريباً، والآن سوف أذكر كيفية حدوث الدورة الشهرية:
تقوم الخلايا العصبية في المهاد بإفراز هرمون GNRH، ومن ثم تبدأ الغدة النخامية تحت تأثير هذا الهرمون بإفراز هرمون FSH، الذي ينتقل عن طريق الدورة الدموية إلى المبيضين، ويقوم بتحفيز عملية تكوين ونمو البويضة في أحد المبيضين؛ حيث تتألف البويضة من نواة تحيط بها مجموعة من الخلايا التي تقوم بإفراز هرمون الإستروجين وبعض من السوائل، ويساعد الإستروجين البويضة على النمو، ويجهزها لعملية الخروج من المبيض.
يقوم المهاد بزيادة إفراز هرمون GNRH في أثناء نمو البويضة، مما يحفز الغدة النخامية على إفراز هرمون LH، وفي منتصف الدورة الشهرية يحدث ارتفاع مفاجئ لهرمون LH مما يحفز البويضة على الخروج من المبيض، وتمتصها أهداب قناة فالوب، لتبدأ بعدها البويضة في رحلة تمتد ما بين 5 إلى 6 أيام تمرُّ خلالها في قناة فالوب ثم تتحول إلى تجويف الرحم ويتحول الكيس الذي كان يحوي البويضة إلى الجسم الأصفر وتقوم خلايا الجسم الأصفر بإفراز هرمون البروجسترون الذي يساهم في حدوث تغيرات هامة في بطانة الرحم ليصبح جاهزاً لاستقبال الحمل.
وفي حال عدم حدوث التلقيح فإنَّ البويضة تموت في قناة فالوب بعد 24 ساعة من خروجها من المبيض، وكما يضمر الجسم الأصفر بعد اليوم 21 من الدورة الشهرية، وتنخفض مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون، ونتيجة لهذا الانخفاض فإنَّ بطانة الرحم لا تستطيع الصمود، وتتهدَّم بصورة الدورة الشهرية (بقع الدم).
أمَّا عن الحالة النفسية للأنثى خلال فترة الدورة الشهرية:
يُفرَز هرمون البروجسترون خلال الدورة الشهرية وبعد حدوث عملية التبويض، ممَّا يسبب الكثير من التغيرات المزاجية لدى الأنثى، مثل العصبية، الحساسية المفرطة، التوتر، القلق، الحزن، الكآبة، اضطرابات النوم والغذاء، كما يسبب انتفاخ في البطن، تيبُّس الثديين، آلام أسفل البطن.
وهنا لا بد أن تنتبه الأنثى إلى طبيعة غذائها بحيث يكون غنياً بالطاقة من أجل تعويض الطاقة التي خسرتها، كأن تأكل الموز الغني بالبوتاسيوم، كما تستطيع ممارسة التمرينات الرياضية الخفيفة لإبعاد حالة التوتر عنها، وفي حال كانت الأنثى متزوجة؛ على زوجها الاهتمام بها خلال هذه الفترة واستيعاب مزاجها المتقلِّب وعصبيتها وتوترها.
أما هرمون الإستروجين فهو مسؤول عن كل الصفات الأنثوية، ولكن يؤدي ارتفاعه إلى التهديد بسرطانات الثدي أو سرطانات بطانة الرحم، والإصابة بأمراض مثل تكيُّس المبايض.
2. مرحلة الحمل والهرمونات:
مرحلة الحمل عبارة عن التغيرات الطبيعية التي تطرأ على جسد المرأة الحامل لكي تستطيع التكيُّف مع الوضع الجديد لها؛ حيث يظهر خلال هذه المرحلة هرمون الحمل كما يرتفع هرموني الإستروجين والبروجسترون.
يعدُّ هرمون الإستروجين مسؤولاً عن زيادة حجم الرحم وعن زيادة حجم الثدي والقنوات الحليبية، أمَّا هرمون البروجسترون فمسؤول عن الارتخاءات الحاصلة في الأوعية والشرايين والأوتار، الأمر الذي يسبب آلاماً في الظهر بسبب تركُّز الضغط والوزن على نهاية الظهر.
تعاني المرأة الحامل من صعوبات تنفسية؛ وذلك لأنَّ هرمون البروجسترون يُسبِّب احتقان الأنف، والحلق، والرعاف، كما تسبب زيادة حجم الجنين؛ الضغط على الحجاب الحاجز بحيث يرتفع لغاية 4 سم، الأمر الذي يقلل كمية الهواء الداخلة إلى الرئة، فتشعر المرأة بضيق تنفُّس.
تعاني المرأة خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحمل من غثيان وإقياء وتعب ووهن نتيجة ارتفاع هرمون الحمل وهرمون البروجسترون، كما تعاني المرأة من توتر وحساسية مفرطة وعصبية نتيجة ارتفاع هرمون الكورتيزول لديها، فهي دائمة التفكير والخوف على جنينها، كما أنَّها تعاني من مشكلات جسدية صعبة، إضافة إلى عدم قدرتها على تقبُّل شكلها الجديد والسمنة الزائدة التي اكتسبتها.
أمَّا في حال الإرضاع، أي مرحلة بعد الولادة:
ينخفض هرمون البروجسترون ويرتفع هرمون البرولاكتين، مما يؤدي إلى تساقط شعر الرأس، تراجع البشرة وخسارة رونقها، الأرق، العصبية، التوتر، اضطرابات الأكل والسمنة، وفي حال استمرار الأعراض لأكثر من شهر، يجب على الأنثى مراجعة الطبيب النفسي ليُعالج لها حالة اكتئاب ما بعد الولادة.
3. سن اليأس والهرمونات:
سن اليأس وهو سن انقطاع الدورة الشهرية، وتوقُّف المبيض عن إنتاج البويضات، وتأتي التغييرات الحاصلة على الحالة النفسية والجسدية للمرأة من انخفاض معدلات هرموني الإستروجين والبروجسترون، وتشمل التغييرات ما يلي: عصبية، اكتئاب، اضطرابات نوم وغذاء، هشاشة عظام، ارتفاع الكوليسترول، الهبات الساخنة، تعرُّق شديد، وما إلى ذلك.
في الإمكان تعويض الهرمونات الناقصة من خلال وصفة طبية لكي تستطيع المرأة ممارسة حياتها بطريقة طبيعية، أمَّا في معظم الحالات، فلا تضطر الأنثى لأخذ هرمونات تعويضية بل تكتفي بالطعام الصحي الغني بالكالسيوم والفيتامينات، والبُعد عن السكريات والنشويات، وممارسة الرياضة وتمرينات التنفس الاسترخائي، وممارسة هواياتها، والخروج في نزهات ترفيهية.
تستطيع الأنثى تحويل سن اليأس إلى سن الأمل والتفاؤل، فلا يوجد شيء يحد من طاقاتها وإبداعاتها وتميزها.
الخلاصة:
رفقاً بالأنثى، فالآلام النفسية والجسدية التي تواجهها كثيرة وعلى مدار سنوات حياتها، إضافةً إلى سعيها اللاهث لتفعيل رسالتها في الحياة، وزرع بصمة لها في مجتمعها وبلدها؛ إنَّها رمز القوة والإصرار والإرادة الحديدية.
المصادر: 1، 2، 3، 4، 5