}
علاقة اليمن بدول مجلس التعاون الخليجي
تقع دولة اليمن اليمن جغرافياً بالقرب من الخليج العربيّ وتتّصل بشبه الجزيرة العربية، ممّا يمنحها ارتباطاتٍ تاريخية وثقافية واجتماعية تجعلها جزءاً استراتيجياً مهمّاً في المنطقة الخليجية، ودائماً ما كانت اليمن تُعرّف نفسها تاريخياً بأنّها إحدى دول الخليج العربيّ، إلّا أنّه حتّى هذه اللحظة لم يُعترف بها رسمياً لتكون من أعضاء مجلس التعاون الخليجيّ، وذلك على الرغم من تأكيدها المستمر في المحافل العربية والدولية على أحقيّة وجودها ضمن أعضاء المجلس، حيث بدأت محاولاتها ومطالباتها بالانضمام للمجلس منذ عام 1996م إلّا أنّها لم تُحقّق ذلك حتّى الآن.[١]
أشار مختصّون إلى أنّ اليمن وباقي أعضاء مجلس التعاون الخليجي ما هم إلّا إطار جغرافيّ واحد في شبه الجزيرة العربية، حيث يجمعهم التاريخ، والدين، واللغة، والثقافة، والحضارة ذاتها، هذا بالإضافة إلى أنّ عدداً من القبائل العربية المنتشرة في شبه الجزيرة العربية تعود في أصولها التاريخية إلى اليمن، كما أنّ لليمن عمق استراتيجي يجعل من انضمامها لمجلس التعاون الخليجيّ أمراً مهمّاً في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار شبه الجزيرة العربية.[١]
ظلّ انضمام اليمن لدول مجلس التعاون الخليجيّ موضوعاً مفتوحاً للنقاش نظراً إلى تأثيره على جميع الأطراف اقتصادياً، وسياسياً، وأمنيّاً، واجتماعياً، بالإضافة إلى أهمية موقعه الاستراتيجيّ الكبيرة التي تُعزّز من مكانته الدولية عربياً وعالمياً، حيث يُشرف اليمن بالتشارك مع دولة جيبوتي على أقصر الطرق البحرية المستعملة لنقل النفط الصادر من الدول الخليجية إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، وتُمثّل النقاط الآتية أهمية هذا الطريق البحري:[١]
‘);
}
- ضمان سلامة وحماية ناقلات النفط الخليجية التي تمرّ عبر المضيق من أيّ أخطار يُمكن التعرّض لها من أيّ جماعاتٍ مسلّحة أو قرصنة بحرية قد تتعرّض لها هذه الناقلات.
- حماية اقتصاد الدول الخليجية المعتمدة بصورةٍ رئيسية على تصدير النفط.
يتكرّر طرح قضية انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجيّ على طاولة نقاش أعضاء المجلس بين الحين والآخر؛ وذلك لأنّ مجلس التعاون الخليجي بُني على فكرة تشكيل وحدة إقليميّة تضم الدول الخليجية، ويشمل ذلك كلّاً من البحرين، والكويت، وعُمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتّحدة، وعليه يُعدّ الانضمام لمجلس التعاون الخليجي من أولى أولويات اليمن على الصعيد الدوليّ؛ وذلك في سبيل تعزيز علاقاته الدولية ضمن إطار الدول الخليجية.[٢]
متطلبات انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي
وضعت دول مجلس التعاون الخليجيّ عدداً من المتطلّبات والشروط الاقتصادية الأساسية التي يجب على اليمن تطبيقها والالتزام بها لقبول انضمامها إلى أعضاء المجلس، ومن أهمّ هذه المتطلّبات الآتي:[٣]
- الاستمرار في تطوير البيئة الاستثمارية التي من شأنها جذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية للاستثمار في اليمن.
- تأهيل القوى العاملة اليمنيّة ممّا يجعلها أكثر قدرةً على مواكبة تطوّرات سوق العمل الخليجيّ.
- تطوير سبل وإمكانات اليمن للاستفادة من خبرات دول مجلس التعاون المتطورة في مجالات الصناعة النفطية، ممّا يسمح بتطوير القطاع النفطيّ ويزيد مساهمته في اقتصاد اليمن.
- مراجعة ملفات العلاقات بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي.
- البحث في إمكانية وسبل تطوير علاقات التعاون المشترك بين القطاع الخاص اليمنيّ والقطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي.
مباحثات انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي
بذلت اليمن جهوداً عظيمة في سبيل حصولها على مقعد ضمن مجلس التعاون الخليجيّ، وفي سبيل ذلك عقدت وزارة التخطيط والتعاون الدولي ندوةً في العاصمة صنعاء في شهر آب من عام 2006م، وحضر الندوة عدد من الشخصيات الأكاديمية والعلمية من دول الخليج ومن اليمن، وتناولت الندوة عدّة أوراق عمل وضّحت الإجراءات التي نفّذتها اليمن لتكون عضواً كامل العضوية في مجلس التعاون الخليجي، وناقشت الروابط التاريخية المشتركة بين اليمن والدول الخليجية وتكامل علاقاتهم السياسية والاقتصادية والأمنية.[٤]
أكّد اليمنيون خلال هذه الندوة على الأهميّة الاستراتيجية لليمن في المنطقة الخليجية وأحقيّتها في الحصول على مقعد كامل العضوية في مجلس التعاون الخليجيّ، مع التأكيد على ضرورة ضمّ اليمن في أقرب وقت دون أيّ تأخير، ووافق عدد من المشاركين في الندوة على ما طرحه المسؤولون والأكادميون اليمنيون، كما أكّدوا على أهمية اليمن الحيوية لمنطقة الخليج، وبأنّ ضمّها لمجلس التعاون الخليجي مكسب جماعيّ لكلّ الدول الخليجية.[٤]
اتّخذ قادة الدول الخليجية خلال قمّة مجلس التعاون الخليجيّ الذي أُقيم في العاصمة العُمانية مسقط عام 2001م خطوةً للأمام لدمج اليمن ضمن مجلس التعاون الخليجي؛ وذلك عن طريق ضمّها في 4 مجالس فقط، وعبّر قادة دول الخليج عن رضاهم عن المشاركة الفاعلة ضمن المجالس التي ضُمّت إليها اليمن في قمّة قطر التالية، كما أقامت دول المجلس مؤتمراً آخر عام 2006م تحت عنوان “اليمن ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية المانحة” في لندن كمساهمةٍ منها في تحقيق هذه الأهداف.[٤]
إجراءات انضمام اليمن لمؤسسات مجلس التعاون الخليجي
اتُّخذ عدد من الإجراءات المهمّة التي من شأنها تطوير العلاقات اليمنية الخليجية وتهيئتها لتكون أحد أعضاء المجلس، ومن هذه الإجراءات ما يأتي:[٥]
- انضمام اليمن إلى مؤسسات مجلس التعاون، حيث وافق المجلس الأعلى على انضمام اليمن في عدد من المنظّمات المتخصّصة العاملة في إطار مجلس التعاون الخليجي، ومنها؛ مجلس وزراء الصحة لدول التعاون الخليجي، ودورة كأس الخليج العربي لكرة القدم، ومنظمة الخليج الاستشارات الصناعية، وجهاز تلفزيون الخليج.
- عقد عدد من الاجتماعات بين الجانب اليمني والخليجي منذ عام 2006م، وهي اجتماعات وزارية سنوية تُعقد بين وزراء خارجية الدول الخليجية واليمن يتمّ فيها تبادل وجهات النظر والتنسيق المشترك بين جميع الأطراف لتحقيق التنمية اليمنية وتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص في اليمن.
- افتتاح مكتب الأمانة العامة لمجلس التعاون في اليمن، وهو ما أقّره المجلس الوزاري في دورته الـ 121، حيث افتُتح المكتب عام 2012م ورُفِع مستوى تمثيله من مكتب أمانة عامة إلى بعثة دبلوماسيةٍ كاملة، وذلك حسب قرارٍ اتُّخذ في أحد اجتماعات المجلس الوزاري في عام 2013م، وتتمحور وظائف المكتب حول مراقبة تنفيذ المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها، ومتابعة تنفيذ القرارات التي تمّ اتخذاها في اجتماعات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري لوزراء الخارجيّة.
مبادرة أصدقاء اليمن
أُعلِن عن مبادرة أصدقاء اليمن في الاجتماع الوزاري الذي عُقد في لندن في عام 2010م، وشاركت فيه جميع دول مجلس التعاون والأمانة العام، بالإضافة إلى حوالي 20 دولة ومنظمة دولية، وتمّ الاتفاق خلال الاجتماع على إنشاء مجموعتيّ عمل، كالآتي:[٥]
- مجموعة عمل الاقتصاد والحوكمة: تشرف على أعمال المجموعة كلّ من الإمارات العربية المتحدة وألمانيا، وأُقيم في إطار أعمال هذه المجموعة اجتماعان خلال عام 2010م؛ كان الاجتماع الأول في أبو ظبي والثاني في برلين.
- مجموعة عمل العدالة وحكم القانون: تُشرف على أعمال المجموعة رئاسة مشتركة من المملكة الأردنية الهاشمية وهولندا، وعقدت المجموعة اجتماعين خلال عام 2010م؛ أحدهما في العاصمة عمّان والآخر في مدينة لاهاي.
فيما يأتي أهم اجتماعات مبادرة أصدقاء اليمن بعد ذلك:[٥]
- الاجتماع الأول: عُقِد بين وزراء خارجية دول المجلس واليمن في مدينة نيويورك عام 2010م، وتمّ خلاله دراسة ومناقشة الاجتماعات التي أُقيمت من مجموعات أعمال أصدقاء اليمن.
- الاجتماع الثاني: حدث بعد 3 أيام من الاجتماع الأول في نفس المدينة، وكان اجتماعاً على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمّم المتحدة، وشاركت فيه جميع دول المجلس والأمانة العامة، بالإضافة إلى حوالي 20 دولة ومنظّمة أخرى، ونُوقشت خلال الاجتماع التقارير والمقترحات التي نفّذتها مجموعات الأعمال، وأقرّ الاجتماع عدداً من هذه المقترحات، كما كُلِّف رؤساء البعثات الدبلوماسية في اليمن بتنفيذها ومتابعة سيرها.
- الاجتماع الثالث: عُقِد في عام 2012م في الرياض برئاسةٍ مشتركة بين المملكة العربية السعودية، واليمن، والمملكة المتحدة.
- الاجتماع الرابع: عُقد خلال نفس العام في نيويورك، وعبّر المشاركون في الاجتماع عن دعمهم للجهود الحثيثة التي تبذلها اليمن لتحسين مستويات الأمن والاستقرار والنشاط الاقتصادي.
- الاجتماع الخامس: عُقِد في برلين في لندن عام 2013م، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية، واليمن، والمملكة المتحدة، وصدر عن الاجتماع بيان رئاسيّ تضمّن الجوانب الاقتصادية، والسياسية، والأمنية، والإنسانية.
- الاجتماع السادس: عُقِد في عام 2013م في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
- الاجتماع الأخير: عُقِد اجتماع لكبار المسؤولين لمجموعة أصدقاء اليمن في لندن عام 2014م، وبرئاسةٍ مشتركة بين اليمن، والمملكة المتحدة، والمملكة العربية السعودية.
المراجع
- ^أبتعبد الله حسين المسوري (2020)، الأزمة اليمنية وتأثيرها على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2011-2020)، صفحة 58,48,50,51,52. بتصرّف.
- ↑“اليمن ومجلس التعاون الخليجي: تاريخٌ حافلٌ بالفرص الضائعة”, carnegie-mec.org, اطّلع عليه بتاريخ 9-2-2021. بتصرّف.
- ↑“المحددات التي اعتبرها بيان ندوة دبي هامة ويتعين البدء بها لتأهيل اليمن للاندماج في مجلس التعاون الخليجي”، yemen-nic.info، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2021. بتصرّف.
- ^أبتمحمد علي الهنائي (10-9-2006)، “اليمن ودول مجلس التعاون”، www.ecssr.ae، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2021. بتصرّف.
- ^أبت“التعاون مع الجمهورية اليمنية”، www.gcc-sg.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2021. بتصرّف.