باحث دولي: فيروس كورونا يهدد بدق إسفين في العلاقات بين أميركا وبين السعودية والإمارات

حذر مقال بموقع "مودرن دبلوماسي" الإلكتروني من أن جائحة فيروس كورونا المستجد تنذر بدق إسفين في العلاقات الأميركية الخليجية، خاصة مع السعودية والإمارات.

Share your love

دورسي: المؤشرات الأولية تشي بأن "كوفيد 19" زاد طينة الصراعات الجيوسياسية والعرقية والطائفية في الشرق الأوسط بلة (رويترز)

حذر مقال بموقع “مودرن دبلوماسي” الإلكتروني من أن جائحة فيروس كورونا المستجد تنذر بدق إسفين في العلاقات الأميركية الخليجية، خاصة مع السعودية والإمارات.

وجاء في المقال الذي كتبه جيمس دورسي الباحث المتخصص في السياسات الدولية بجامعة نانيانغ التقنية في سنغافورة، أن المؤشرات الأولية تشي بأن الوباء الفتاك يزيد طين الصراعات الجيوسياسية والعرقية والسياسية والطائفية في الشرق الأوسط بلة، بدلا من أن يكون أداة لإقامة الجسور وبناء الثقة بين دول المنطقة.

ومن تداعيات أزمة فيروس كورونا أنها ستغير من المشهد السياسي في المنطقة، حيث تسعى المنظمات غير الحكومية والعناصر المتطرفة في بلدان مثل العراق وسوريا ولبنان، إلى ملء الفراغ الناجم عن إخفاق الحكومات في تلبية الاحتياجات الاجتماعية والصحية التي تسببت فيها الجائحة.

ويعتقد دورسي أن تمكين تلك المنظمات والجماعات المتشددة من ملء الفراغ دون التنسيق مع حكومة الدولة المعنية، يثير قضايا أمنية في ظل استغلال العناصر المتطرفة قدراتها لإظهار عجز الدولة.

ويكتسب الدور المتمدد لتلك العناصر أهمية خاصة في وقت تستغل فيه دول -مثل السعودية والإمارات- الجائحة لتعزيز موقفها وإدارة التصدعات والانقسامات في الشرق الأوسط، إن لم تكن تعمل على توسيعها لصالحها.

كما أن الجائحة لم تمنع الولايات المتحدة -التي يصفها المقال بأنها أبرز القوى الخارجية الضالعة في المنطقة- من ابتلاع الطعم الإيراني الذي يهدد باندلاع صراع عسكري أكبر.

وعلى نفس المنوال، ظلت الإمارات تستغل الجائحة في تعزيز تواصلها المحدود مع إيران من أجل أن تقي نفسها من أن تصبح ساحة معركة في أي مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، وفقا لمقال “مودرن دبلوماسي”.

وحين اعترضت الولايات المتحدة على طلب إيران من صندوق النقد الدولي تقديم قرض لها بقيمة خمسة مليارات دولار لمكافحة فيروس كورونا المستجد، كانت الإمارات من أولى الدول التي ترسل مساعدات طبية إلى طهران، كما سهلت نقل شحنات من منظمة الصحة العالمية إلى الجمهورية الإسلامية.

تناقضات
ويلفت كاتب المقال إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التزمت الصمت عندما أفرجت الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن أصول إيرانية مجمدة بقيمة 700 مليون دولار، في خطوة تتعارض مع جهود واشنطن لخنق طهران اقتصاديا عبر فرض عقوبات قاسية عليها.

هذا إلى جانب الدعم الذي تقدمه الإمارات للنظام الحاكم في سوريا وقوات التمرد التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، الأمر الذي يفضح التناقضات في محاولات الإمارات الظهور بمظهر من يقدم عونا إنسانيا، حسب تعبير جيمس دورسي.

وقد يكون للإمارات والسعودية -برأي الكاتب- أهداف مشتركة فيما يختص بالعلاقات مع سوريا وإيران، حتى وإن كانا تنتهجان في تعاملهما مع الدولتين أساليب مختلفة تنبع عن مدى استعداد كل من أبو ظبي والرياض لتحمل مقدار الخطر الناجم عن تصرفاتهما في هذه الصدد.

فعلى عكس الإمارات، تبنت السعودية خطا متشددا تجاه إيران، إذ تعمدت تفادي الفرص التي أتاحها تفشي فيروس كورونا لبناء الجسور مع طهران عبر تقديم مساعدات طبية لها.

وبدلا من انتهاز تلك الفرص، بدا أن السعودية تعمل على تعميق الخلاف باتهامها إيران بالمسؤولية المباشرة في انتشار الفيروس. واتهمت وسائل الإعلام السعودية كلا من قطر وتركيا –اللتين يصفهما المقال بأنهما حليفتان لإيران- بسوء إدارة الأزمة عمداً.

إن إخفاق السعودية في السير على خطى الإمارات في تعاملها مع النظام السوري والتواصل مع إيران قد يثبت أنه أكثر كلفة مما قد يبدو للوهلة الأولى، وفقا للكاتب.

وقد أدى تداعي الاقتصاد العالمي وانهيار سوق النفط الناجم عن فيروس كورونا المستجد إلى نوع من تكافؤ الفرص مع إيران بتقويضه قدرة السعودية على التلاعب بأسعار النفط وإضعاف عضلاتها المالية، على حد تعبير المقال.

أضف إلى ذلك -يقول الكاتب- ما طرأ من وهن على ادعاء السعودية ريادتها للعالم الإسلامي باعتبارها خادمة للحرمين الشريفين في مكة والمدينة المنورة، وذلك جراء تعاملها مع مكافحة جائحة فيروس كورونا.

ومما يزيد الأمور سوءاً أن السعودية ما انفكت تُعرِّض علاقتها الوثيقة مع الولايات المتحدة للخطر بضلوعها في حرب أسعار ضد روسيا أدت إلى انهيار أسواق النفط وتدني أسعاره إلى الحضيض، وتقويض صناعة النفط الصخري بشكل كبير والتي تستوعب 10 ملايين من العمالة.

ويمضي دورسي في مقاله إلى التنويه بأن السعودية تحملت حتى الآن وطأة الانتقادات الأميركية لها رغم أنها ظلت منحازة إلى جانب السياسات الأميركية أكثر من الإمارات التي نجحت إلى الآن في التواري عن الأنظار.

وفي المقابل، فإن تواصل الإمارات مع النظام السوري يتناقض مع السياسة الأميركية. ومن وجهة نظر كاتب المقال، فإن تناقض السياسات ينبع من محاولات كلتا الدولتين التأكد من أن الصراعات التي تؤججانها في المنطقة لن تخرج عن السيطرة في ظل انخراطها في مكافحة جائحة كورونا وسعيها الدؤوب لتجاوز تداعياتها الاقتصادية.

ويزعم الكاتب أن تلك هي جوهر رسالة هاتين الدولتين للرئيس ترامب في خضم حدة التوتر مع إيران، ومفادها كما يقول سعودي بارز أن “لا تدع الأمر يفلت من اليد، فأنت تعيش على بُعد آلاف الأميال منا. ونحن -لا أنت- من سيدفع الثمن.. ثم إنك لن تكون موجودا لكي تُهرع لنجدتنا”.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!