‘);
}
النظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية
تعرف نظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية على أنها إحدى نظريات المدرسة الواقعية عامةً، لكن ما يميزها هو اعتقادها بالدور الحاسم لبيئة السياسة الدولية في تفسير العلاقات الدولية،[١] وأسس المفكر السياسي كينث والتز في كتاب نظرية السياسة الدولية “Theory of International politics” النظرية الواقعية الهيكلية “Structural Realism”.[٢]
من خلالها أرسى أسس الاختيار العقلاني، ويُعد علم الاقتصاد المرجعية الرئيسية له، وهو أداة لتحقيق أهداف الدولة القومية، وفي نهاية السبعينيات من القرن العشرين أضاف بعدًا آخرًا للنظرية، وكا إضافةً نوعيةً لها، وهذا البعد هو بيئة السياسة الدولية، وطبيعة النظام الدولي في تفسير العلاقات الدولية.[١]
يرى والتز أن وضع الدولة في بيئة السياسات الدولية ومكانتها في النظام الدولي، من أهم النقاط التي تفسر سلوكها وهي أهم من الخصائص الداخلية لها، والسياسة الدولية وطبيعة النظام الدولي كافيان لتفسير الخيارات المتاحة أمام الدولة، ودراسة العقبات التي تواجهها، والقيود التي فرضت عليها، إلا أن الخصائص الداخلية والتفاعلات مع الدول الأخرى لها أهمية في تحديد السياسة الخارجية لكل دولة.[١]
‘);
}
لذلك انتقد والتز كل النظريات التي تتناول النظام الدولي دون دراسة المحددات البنيوية والهيكلية، وهذه المحددات هي التي تفرض سلوكًا معينًا على الدولة، وبذلك يكون تركيز والتز على بيئة النظام الدولي وبنيتها، دون النظر فيما يقع داخل الدولة، لكنه اعتمد على منهج النظرية الجزئية، فالنظام الدولي شبيه بالسوق التنافسي، والمنظومة السياسية الدولية شبيهة بالسوق الاقتصادي، فتشكل الوحدة النهائية يكون من الوحدات المكونة لها دون قصد.[١]
جذور نظرية الواقعية الجديدة في العلاقات السياسية
إن جذور النظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية ترجع إلى اليونان فالمفكر ثوسيديديس الذي عاش بين (460-400 ق. م) رأى أن السياسة تتضمن إجابات لأسئلة أخلاقية، فهل تكون موازين القوى هي المعيار الوحيد أم أنه توجد معايير أخرى كالعدالة، والإنسانية، فتاريخ الحرب البيلوبونيسية من أهم الكتب التي ألفها وتضمنت سردًا للعلاقات والصراعات بين أثينا وأسبرطة، فذكر فيه مبادئ عدة، وهذه المبادئ هي كالآتي:
- تعد الطبيعة البشرية منطلقًا أساسيًا للنظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية، فقد صرح ثوسيديديس أن مصلحة الأثينيين أولوية على أي شيء آخر، وهنا أكد على أن مقولات الصواب والخطأ تخضع أيضًا لمصالح الأثينيين، ولن تدعهم يتراجعون عن الرغبة في التوسع.
- تعد حالة اللاسلطوية أو الأناركية أساس نتائج العلاقات الدولية، وتبنى المفكرون الواقعيون المعاصرون هذا المبدأ، فالساحة الدولية نظام مساعدة دولية، وكل دولة مسؤولة عن الحفاظ على بقائها، واختيار ما يتوافق مع مصالحها، ولها الحق في أن تسعى إلى زيادة قوتها، ونستنتج من هذا أن القوة هي المحرك الرئيسي لعلاقات الدول، دون أي سلطة مشتركة، فالدول تنجو عندما تكون قوية.
- ركز الواقعيون الجدد على قيمة الأمن، وبقدر ما يتصور الواقعيون أن فكرة العالم اللا سلطوي ضرورة، إلا أن الأمن شكل قضية محورية، فأغلب نقاشاتهم تناولت فكرة منع التسابق على التسلح، وزيادة القوة العسكرية، وعبر ثيوسيديدس عن هذه النقطة في كتابه.
- لا يعتقد الواقعيون الجدد بأنه من الضروري وجود علاقة بين الأخلاق والسياسة، ووصل بهم الحد إلى ادعاء عدم وجود الأخلاق في الساحة الدولية، فمتطلبات الأخلاق تختلف تمامًا عن متطلبات العلاقات الدولية، فكل دولة لها منظومة من القيم التي تتميز بها.
المثالية ضد الواقعية في العلاقات الدولية
تعد المثالية من النظريات الكلاسيكية في العلاقات الدولية، وتركز المدرسة المثالية على البحث فيما يجب أن يكون بدلًا مما هو كائن، وذلك لأنها تسعى إلى تغيير الواقع من خلال استحداث العديد من النظم السياسية الجديدة، فأفلاطون وأرسطو، من مؤسسي المثالية في الفلسفة والسياسة، وقالوا بوجود قيم عالمية مشتركة، ما دام البشر يمتلكون عقلًا، ويمكن بناء السياسات الخارجية بناءً على الأخلاق العالمية.
إن القاعدة العامة اختلفت عندما كتب ميكافيلي كتاب الأمير، ويؤرخ له على أنه فصل الأخلاق عن السياسة، وانتقد التفكير السياسي الغربي الكلاسيكي، فقد سعى إلى الحقيقة الفعلية بدلًا من الحقيقة المتخيلة، والحقيقة الفعلية هي مجموعة الظروف العملية التي تجعل من القائد قادرًا على زيادة قوة بلده وازدهاره، لذلك استبدل ميكافيلي مصطلح الفضيلة بالكفاءة.
المراجع
- ^أبتث“نظرية الواقعية الجديدة”، جامعة سطيف، اطّلع عليه بتاريخ 22/2/2022. بتصرّف.
- ↑د/ أحمد وهبان ، النظرية الواقعية وحتليل السياسة الدولية من مورجنثاو إىل مريشامير”دراسة تقوميية”، صفحة 23. بتصرّف.