‘);
}

برّ الوالدَين بعد موتهما

برّ الوالدَين لا ينقطع بعد وفاتهما، إذ تعدّد صور البرّ بهما حال موتهما، ومنها: الدُّعاء لهما، والعلم النافع للناس، كما ثبت في صحيح مُسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له)،[١] مع الإشارة إلى أنّ الدُّعاء لهما من أفضل وأعظم صور البرّ بهما بعد موتهما، فقد أوصى الله -سُبحانه- أوصى بذلك قائلاً: (رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ)،[٢] وأفضل الدُّعاء؛ الدُّعاء لهما بالمغفرة والرَّحمة، إذ إنّ الدعاء يصل إليهما، ويرفع درجاتهما في الجنّة، ومن صور البرّ بهما أيضاً بعد وفاتهما؛ أداء الصدقة عنهما، كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: (أنَّ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهو غَائِبٌ عَنْهَا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شيءٌ إنْ تَصَدَّقْتُ به عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فإنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا)،[٣] ومن البرّ بالوالدَين؛ إكرام أقاربهما، وأصدقائهما، والإحسان إليهم، كما ثبت في الصحيح عن عبدالله بن عمر أنّه قال: (إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ وإنَّ أَبَاهُ كانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ)،[٤] ومن البرّ بهما أيضاً تنفيذ وصيّتهما بعد موتهما.[٥]

ما يُعين على برّ الوالدَين

برّ الوالدَين من أعظم العبادات التي أوصى الله -سُبحانه وتعالى- بها، فحقّ برّهما عظيمٌ يلي حقّه -سُبحانه-، وحقّ رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، فهما طريقٌ لنَيْل رضا الله -عزّ وجلّ-، ودخول الجنّة، فالعقوق بهما، وعدم برّهما، يترتّب عليه إثمٌ كبيرٌ، ومعصيةٌ لله، إذ ورت العديد من النُّصوص من القرآن الكريم والسنّة النبويّة التي تحذّر من العقوق بالوالدَين، وتتوعّد مَن عقّ بوالدَيه، يُذكر منها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، أوْ قالَ: وقَتْلُ النَّفْسِ)،[٦] لذلك يجدر بالمسلم معرفة ما رتّبه الله -سُبحانه- من الأجر العظيم على مَن برّ بوالدَيه،[٧] ومن الأسباب المُعينة على برّ الوالدَين:[٨]