‘);
}

حين خلق الله سبحانه و تعالى الخلق جعلهم أزواجاً شتّى ، فحيثما نظرت في خلق الله و تمعّنت رأيت المزاوجة العجيبة بين الذّكر و الأنثى ، و التي تدلّ على عظمة الخالق سبحانه و قدرته ، و قد كان البشر كذلك أزواجاً فلا يستغني الذّكر عن الأنثى و لا تستغني الأنثى عن الذّكر بما فطر الله به كلّ جنسٍ من غرائز و ميلٍ اتجاه الجنس الآخر ، و بوجود الذّكر و الأنثى مع بعضهما و ارتباطهما برابطة الزّواج التي شرعها الله تتكامل أدوار البشر و تستمرّ مسيرة الحياة ، و يستمرّ الجنس البشريّ .

و قد كان من الأقوام السّابقة من عدل عن فطرة الله سبحانه ، و من بين هؤلاء قومٌ اشتهروا بذلك و هو قوم لوطٍ ، فقد شاعت الفواحش بينهم و المنكرات ، و بلغ طغيانهم و انحلالهم أن أصبح الرّجل فيهم يتزوّج الرّجل ، و أصبحت شهواتهم و غرائزهم تتوجّه نحو رجالهم من نفس جنسهم ، و قد أسّسوا نوادي يتعاطون فيها كلّ ما حرّم الله سبحانه من أنواع المنكرات و الضّلالات ، و قد كانوا يجاهرون بالمعاصي و يتفاخرون بها ، و يتفاخرون كذلك بشذوذ نفوسهم و انحرافها ، و قد أرسل الله سبحانه لهم نبيّه الكريم لوطٌ عليه السّلام فنهاهم عن أفعالهم المنكرة و حذّرهم من وعيد الله لهم في حال عدم توبتهم عن ذلك ، و ما كان جواب القوم المستكبرين الضّالين الذي أبوا إلا البقاء على حالهم من الضّلال إلا أن قالوا أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون ، فتوعّد قوم لوط نبيّهم بإخراجه من بلده و من آمن معه ، و عندما أتى لوط رسل ربّه من الملائكة بالبشارة بهلاك القوم الظّالمين ، و عندما رأى القوم حسن وجوههم ظنّوا أنّهم من البشر و قد أخبرت بخبر الضّيف زوجة لوط التي كانت من الهالكين ، فراود القوم لوطاً على ضيفه فنهاهم عن ذلك و حذّرهم ، حتى أتى أمر الله سبحانه و أمر الله لوطاً بالخروج من هذه القرية الظّالمة ليبعث الله الملائكة فتحمل هذه القرية عالياً ثم تقلبها رأساً على عقب و تهوي بها إلى الأرض ، ثم يأمر الله السّماء بإنزال مطرٍ من سجيلٍ منضود زيادةً في العقاب ، لتكون تلك البقعة آيةً و عبرةً للظّالمين على امتداد العصور .