‘);
}

حكم صلاة الجماعة

حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على صلاة الجماعة، وورد عنه في فضلها وأهميتها العديد من الأحاديث الصحيحة التي اعتمد عليها العلماء في بناء آرائهم حول حُكمها، فكان لهم في ذلك ثلاثة آراء، فالأول منها قول الإمام أحمد -رحمه الله- الذي يقول فيه: إن صلاة الجماعة فرض عين على كل قادر عليه، وذهب إلى هذا القول الأوزاعي والظاهرية وابن حبّان وغيرهم، واستدلوا لقولهم ذلك بعدد من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنها قوله للأعمى الذي سأله أن يرخّص له في الصلاة ببيته لعدم وجود سائق يقوده إلى المسجد: (هل تسمعُ النداءَ بالصلاةِ؟ فقال: نعمْ. قال: فأَجِبْ).[١] وأما القول الثاني في حكم صلاة الجماعة وهو رأي الإمام مالك والإمام أبي حنيفة وكثير من الشافعية إذ يقولون فيه: إن صلاة الجماعة سنّة مؤكدة، ويستدلون لقولهم هذا بكثير من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي تدل على أفضلية صلاة الجماعة وزيادة أجرها، كقوله عليه الصلاة والسلام: (الذي ينتظر الصلاةَ حتى يصليها مع الإمام أعظمُ أجراً من الذي يصلي ثم ينامُ)،[٢] فهذا الحديث دليل على زيادة الأجر في صلاة الجماعة مع صحّتها دونها.[٣]

وأما القول الثالث فهو أحد قولي الشافعي وكثير من المالكية والشافعية الذين يقولون: إن حكم صلاة الجماعة فرض كفاية، أي إذا قام به بعض المسلمين سقط عن عامتهم، ولهذا القول وجاهته وقوته، فهو يجمع بين الأحاديث التي تدلّ على الوجوب بجعله صلاة الجماعة فرض كفاية لا بدّ من قيام بعض المسلمين بها، وبين الأحاديث التي تدل على الاستحباب بجعله لها سنّة مؤكدة على عموم المسلمين، وقد قال جماعة من العلماء: إن من كان له زوجة وأولاد لا يصلّون إلا إن صلّى معهم في البيت فالأفضل في حقه أن يصلّي بهم جماعة ما دام هناك من المسلمين من يقوم بالفرض الكفائي في المسجد، وكل هذه التفصيلات والأقوال تدور حول صلاة الرجال، أما النساء فليست صلاة الجماعة واجبة لهن ولا مندوبة، بل صلاة المرأة في بيتها أفضل لما ورد من أحاديث مقبولة في هذا الباب، فإن أمكنها أن تصلي جماعة في بيتها كان أفضل كذلك.[٣]