بناء العقلية الصبورة!

هل شاهدت من قبل الازدحام بشوارع اليابان أو مشهد الناس داخل شبكة القطارات بها؟! ليس الازدحام الضخم هو اللافت، بل مستوى الهدوء والالتزام هو الأمر المبهر! وهذا يطلق عليه «غامان»، أي الصبر باللغة اليابانية، والذي يصفه دافيد سليتر مدير معهد الثقافات المقارنة في جامعة صوفيا بطوكيو بأنه مجموعة من الاستراتيجيات الرامية للتعامل مع الأحداث الخارجة عن سيطرتنا، وتطوير قدرة الفرد على تحمل أشياء غير متوقعة أو سيئة.

Share your love

وتُشير نوريكو أستاذة علم النفس الإكلينيكي بجامعة طوكيو الدولية إلى أنّ جذور هذا المفهوم تكمن في حقيقة أنّ اليابانيين يُقَدِّرُون كثيراً قيمة أن لا يُفرط المرء في الحديث، وأن يستطيع كبح جماح مشاعره السلبية حيال الآخرين، ويتم التدريب على ذلك من الصغر من خلال الأسرة والمناهج الدراسية بالمرحلة الابتدائية.

وبناء العقلية الصبورة منهجٌ إسلاميٌّ قبل أن يكون منهجاً يابانيّاً، ولعلّ أجمل ما سمعت في هذا السياق هو ما ذكره أخي الغالي محمد التويجري في خطبة الجمعة بأن الصبر ذكر في القرآن الكريم في أكثر من 70 مرة بألفاظ مختلفة، ويرتبط بمقامات الدين كلها، وتختلف أسماؤه باختلاف مواقعه، فإن كان في حبس النفس لمصيبة سُمّيَ صبراً، وإن كان في محاربة سُمّيَ شجاعةً، وإن كان في إمساك الكلام سُمّيَ كتماناً، وإن كان عن فضول العيش سُمّيَ زهداً، وإن كان عن شهوةٍ سُمّيَ عِفّةً، وإن كان عن الغضب سُمّيَ حلماً. والحديث عن الصبر كسلوكٍ يطول، ولكن وددت في هذا المقال الحديث عن أربع طرق لبناء فكر الصبر للحصول على العقلية الصبورة:

1- ضبط السيروتونين Serotonin:

السيروتونين هو أحد الناقلات العصبية، وتلعب هذه المادة دوراً مهما في تنظيم مزاج الإنسان، وتعمل السيروتونين كمضادات للاكتئاب من خلال زيادة مستوياتها في الدماغ، ويمكن زيادتها من خلال التعرض لضوء الشمس وممارسة الرياضة وتناول بعض الأطعمة، مثل الجوز والأناناس والكاكاو والبيض والسلمون.

2- ممارسة الاستنتاج الاستباقي:

في دراسة قامت بها مجموعة من الباحثين عام 2017 ربطت بين الخيال والصبر في هياكل الدماغ، اتضح أثناء فحص الدماغ بالرنين المغناطيسي أنه عندما نحاول التحلي بالصبر فإننا نتصور أو نتخيل النتائج الأفضل التي ستحدث إذا انتظرنا. فمثلاً الصبر على تناول بيتزا الجبن مباشرة من الفرن يعني القيام بتصور من خلال مقارنة ما سيحدث، فإن نتيجة عدم الصبر هو فم محترق وبيتزا متساقطة، بينما الانتظار والصبر يعنيان تناول وجبة لذيذة والاستمتاع بشكل الجبنة المطاطي. وهذا النوع من الممارسة يمكن تطبيقه في كثير من الأمور اليومية التي تمر بنا.

3- الاعتقاد بأنك صبور:

وجدت دراسة حديثة أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يعتقدون أنهم كانوا صبورين بطبيعتهم ولديهم قوة إرادة زاد تصرفهم بصبر. والعكس صحيح، فكلما ظن الشخص أنه شخص عديم الصبر ومتسرّع وعصبي انعكس ذلك على تصرفاته! لذا توقف عن لعب دور الشخص العصبي، والعب أدواراً أخرى تكون فيها بطل إرادة وصبر.

4- ممارسة مهارة الصبر:

أفضل طريقة لممارسة الصبر هي أن تجعل نفسك تنتظر، وابدأ بشيء صغير مثل الانتظار لبضع دقائق إضافية لتناول وجبتك المفضلة ثم جرب هذا مع أمور أكبر. وكذلك اكتب الأمور التي تجعلك تفقد صبرك ثم حاول جدولتها للتدريب على الصبر عليها في أوقات تكون فيها أكثر استرخاء.

 

المصدر: صحيفة مكة.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!