لا يتردد اي مراقب اعلامي او سياسى في وصف شيمون بيريز الذي اصبح وزيرا للخارجية في حكومة شارون بالانتهازي المتهالك على السلطة.
وقد جلب شمعون بيريز على نفسه هجوما كاسحا من كل صوب بسبب محاباته لشارون ومشاركته في الحكومة الجديدة التي شكلها هذا الاخير.
وقد فسر البعض بان بيريز اراد ان ينتقم من باراك الذي لم يتخل له عن مكانه في سباق الانتخابات الماضية ، ولكن الحقيقة ان بيريز – وهو احد ديناصورات السياسة في اسرائيل – كان دائما مستعدا للتعاون حتى مع الشيطان في سبيل وجوده في قلب المشهد السياسي.
ويعتبر كل من شارون وبيريز صديقين منذ زمن طويل ؛ فكلاهما في السبعينيات من العمر ومن الشخصيات البارزة في المشهد السياسي الاسرائيلي منذ عقود ، ويتولى بيريز منصب وزير الخارجية فيما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية على الرغم من ان كلا منهما يقف على طرف نقيض على الساحة السياسية.
ويعتقد بيريز ان توليه لهذا المنصب يؤهله او يضعه في المكان الصحيح لاستئناف عملية السلام.
ورغم سمعته الجيدة في الخارج لمواقفه السلمية مع الفلسطينيين الا ان بيريز لا يحظى باية سمعة جيدة بين الاسرائيليين باعتباره رجلا نصف حالم ونصف واقعي ، وكذلك بسبب محاولاته الفاشلة لتشكيل ائتلاف حكومي وكسب التأييد لخطط سلام سرية.
لكن شارون الفاشي العتيد يامل من وراء تحالفه مع بيريز في التخفيف من حدة قتامة صورته كداعية حرب وعقبة في طريق السلام وقائدا للغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 ومؤيدا منذ زمن طويل للاستيطان اليهودي في الاراضي المحتلة. وعلى هذه الخلفية فان شارون يريد ان يجعل من بيريز مطية لاهدافه الغامضة.
وليس من المؤكد ما اذا كانت الشراكة بين حزبي العمل والليكود ستشكل بداية عهد جديد او ما اذا كان هذا الائتلاف سيعمل كفريق متناسق او ستندثر جهوده.
ويجد بيريز نفسه في هذا التشكيل الجديد عند مفترق طرق فهو يريد التعاون مع شارون كما يريد العمل ضده لاحياء عملية السلام.
وفيما لو نجح بيريز في استمالة شارون نحو السلام فانه سيكون قد استعاد زعامة حزب العمل وهو المنصب الذي اصبح مطمعا للكثيرين بعد رحيل رئيس الوزراء المهزوم ايهود باراك .
ومن خلال الفوز برئاسة الحكومة يمكن لبيريز ان يصبح في الموقع الاول في اخر حياته وهو موقع طالما حلم به لكنه لم يحظ به الا لفترة انتقالية قصيرة بعد اغتيال رابين في العام 1995.
ولا يمكن لبيريز ان يفعل شيئا لا للسلام ولا لنفسه ما لم يؤمن التعاون المثلث بينه وبين كل من عرفات وشارون والا فانه سيكون دبلوماسيا سيئ الحظ في حكومة حرب يقودها شارون.
وينتاب البعض كثير من القلق لان بيريز قد يستخدم وزارة الخارجية لاغراضه الخاصة . ولكن هناك من يعتقد ان شارون قد وضعه في ذلك المنصب لينتقم منه بسبب ادارته التي لعبها سابقا فى عملية السلام وهكذا بدلا من ان يستخدم بيريز الخارجية لاغراضه الخاصة فان شارون قد يستخدم بيريز لتدمير ما تبقى من عملية السلام بايدي الذين وقعوا عليه.
وقد اندلع الهجوم على بيريز من اليمين واليسار على السواء ، ففيما اتهمه المستوطنون بانه انتهازي ومضلل وحالم وغامض فان زعيم المعارضة يوسي ساريد ورئيس حزب ميرتس اليساري قد وصفه بانه رجل يحمل اكثر من قناع ويتكلم اكثر من لغة وهو مخادع ويشيع القلق.
ورغم ان بيريز غالبا ما يطفو على السطح السياسي كرجل معتدل ينادى بالسلام وبشرق اوسط جديد الا ان سيرته السياسية لا تقل عنفا واضطرابا من سيرة شارون نفسه.
فبيريز هو الذي ايد غزو لبنان عام 82 ، وهو الذي قام بمذبحة قانا فى ربيع 96 وبالتالي فانه لن يكون الا عجلة في المصفحة التي يمتطيها شارون