من المعروف أن الدورة الشهرية عند المرأة تمر بسلسلة من المراحل التي تنتهي بحدوث الحيض (أي نزول دم الحيض) الذي يحصل مرة كل شهر، ويستمر في المتوسط من ثلاثة إلى خمسة أيام. يعتبر نزول الحيض علامة على نضج الأعضاء التناسلية للمرأة وقدرتها على الإنجاب.

قد تتعرض الدورة الشهرية إلى إرباكات متعددة من بينها تأخر الدورة الشهرية. تأخر الدورة الشهرية (الحيض) يعني عدم نزول الدم في سن النشاط التناسلي خلال دورة الحيض عند المرأة، وهو شيء عارض وليس مرض.

أنواع تأخر الدورة الشهرية

هناك نوعان من أنواع تأخر الدورة الشهرية، هما:

  1. تاخر الدورة الشهرية الأولي، وفيه لا ترى الأنثى نزول حيض أبداً.
  2. تاخر الدورة الشهرية الثانوي، وفيه سبق للمرأة أن شاهدت نزول الحيض ولكنه انقطع لفترة تصل إلى ستة أشهر أو أكثر.

أسباب تأخر الدورة الشهرية

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية، منها فيسيولوجي ومنها مرضي، وفي ما يأتي ذكر لبعض هذه الأسباب:

  • الحمل: يكون تأخر الدورة الشهرية من العلامات الأكيدة لوقوع الحمل عند المرأة في سن الإخصاب التي تملك دورة حيض منتظمة، ومن الضروري في هذه الحال عمل اختبار الحمل للتأكد من وقوع الحمل.
  • الرضاعة الطبيعية: في فترة بعد الولادة يكون إفراز الهرومونات المسؤولة في جسم المرأة عن تنشيط الثدي من أجل إفراز الحليب مانعاً للإباضة، وبالتالي تغيب الدورة الشهرية. والرضاعة في هذه الحال يجب أن تكون منتظمة ومستمرة. ويحدث تاخر الدورة الشهرية طوال فترة الرضاعة.
  • سن اليأس: في هذه السن تغيب الدورة الشهرية بسبب توقف عمل المبيضين، وقد يكون تأخر الدورة الشهرية العارض الوحيد أو قد يترافق مع عوارض أخرى مشهورة لسن اليأس من أبرزها: الهبات الساخنة.
  • الريجيم القاسي لتخسيس الوزن: يعتبر الريجيم القاسي سبباً شائعاً لتأخر الدورة الشهرية في أيامنا هذه، فهذا الريجيم كثيراً ما يؤدي إلى نقص غير طبيعي في الوزن في زمن قياسي، وفي كثير من الأحيان لا تنتبه الفتاة أو المرأة إلى هذا الأمر فلا تخبر طبيبتها به، فتحتار الأخيرة في سبب تاخر الدورة، وقد يضطرها الوضع إلى وصف علاجات لا لزوم لها. إن التخسيس الشديد للوزن يقود إلى ضياع قسم كبير من المستودعات الشحمية في الجسم، وهذا ما يؤدي إلى اضطرابات على صعيدي الاستقلاب وعمل الهرمونات الأنثوية، فتسبب  هذه الاضطرابات تأخر الدورة الشهرية والذي قد يستغرق أشهراً كثيرة حتى ولو تم إصلاح الوضع غذائياً. ومن ناحية أخرى فإن الريجيم القاسي قد يحرم الجسم من نيل ما يكفي من الحديد، وبالتالي لا يستطيع صنع ما يلزم من كريات الدم الحمراء فتحصل الإصابة بفقر الدم.
  • نقص الشهية العصبي: وهو مرض نفسي يتميز بسلوك متعمد ومقصود لتخسيس الوزن إلى ما هو دون الحد الأدنى المقبول به، وكذلك الانشغال الدائم بالوزن. كما يتميز بحدوث بلبلة تطاول جوانب عدة في الجسم خصوصاً اختلال الهرمونات، الأمر الذي يؤثر على حيثيات الدورة الشهرية فتغيب، لا بل في بعض الحالات قد يحصل تاخر الدورة الشهرية حتى قبل نقص الوزن.
  • أمراض الغدة الدرقية: إن هذه الغدة الصغيرة القابعة في مقدم العنق تقوم بأعباء مهمة، مثل: تنظيم عمليات استقلاب الطعام والحرارة والشهية والوظائف العصبية والوزن والجنس والدورة الشهرية. من هنا فأي خلل طارئ ينال من هذه الغدة يمكن أن ينعكس سلباً على كل هذه الوظائف المذكورة، خصوصاً الدورة الشهرية. إن العوارض التي تنبثق من اضطرابات الغدة الدرقية، مثل: التعب، والإرهاق، والإحباط،، والنرفزة، والشعور بالبرد الشديد حتى في الطقس الدافئ، وضعف العضلات، ونقص الوزن، وتاخر الدورة الشهرية، وقلة الخصوبة، وكثيراً ما تتم ترجمتها بأنها ناتجة من ضغوطات في الحياة اليومية مع أن المشكلة هي في الغدة ذاتها، ويكفي في هذه الحال التفكير بها وإجراء تحليل بسيط للتعرف إلى نشاط الغدة عن كثب.
  • أمراض الغدة النخامية: هذه الغدة القابعة في قاع الدماغ لها دور أساسي في تنظيم الدورة الشهرية، من هنا فأي أمراض تصيب هذه الغدة يمكن أن تؤثر في الدورة الشهرية، فنقص إفرازات هذا الغدة يمكن أن يسبب توقفاً في الدورة الشهرية، كما أن زيادة إفراز هرمون الحليب المعروف بالبرولاكتين عن حدوده الطبيعية يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات على صعيد نزول الحيض، ويتجاوز هذا الهرمون حدوده الطبيعية لأسباب مرضية في الغدة النخامية (ورم في الغدة)، أو لأسباب أخرى مثل تناول بعض الأدوية.
  • تكيس المبايض: يعتبر سبب رئيسي لتاخر الدورة الشهرية، كما هو سبب لغياب التبويض والعقم. ويجب الشك بقوة بوجود هذا المرض في حال تواجد الثلاثي: تأخر الدورة الشهرية، وزيادة الوزن، وكثرة نمو الشعر في الجسم. حتى الآن لا يعرف بدقة سبب حدوث هذا المرض، ولكن هناك دراسات تقول بوجود أرضية وراثية له. ويتم تشخيص المرض بالفحص بالأمواج فوق الصوتية.
  • حبوب منع الحمل: بعد التوقف عن تناول حبوب منع الحمل قد تتوقف الدورة الشهرية من ثلاثة إلى ستة أشهر.
  • البدانة المفرطة: إن زيادة الوزن يمكن أن تؤثر سلباً في انتظام الدورة الشهرية، فهناك علاقة وثيقة بين الوزن والدورة الشهرية. إن السمنة تسبب اضطرابات في الغدد التناسلية عند المرأة (والرجل أيضاً) وبالتالي تؤثر على صعيد الدورة الشهرية ومنها تأخر الدورة الشهرية وما يتأتى عنه من عقم وتأخر في الإنجاب.
  • نقص الوزن: إن تدهور الوزن إلى ما دون الحدود المقبولة صحياً والنحافة تخلف وراءها اضطرابات عدة خصوصاً على الدورة الشهرية. وتأخر الدورة الشهرية قد لا يحصل من نقص الوزن وحسب بل من تراجع الكتلة الدهنية. وقد بينت الدراسات المتعلقة بالأمر أن المرأة تحتاج إلى نسبة 25 إلى 28 في المئة من الدهن في الأنسجة الشحمية كي تنتظم عندها دورة الإباضة. وفي حال عدم توافر هذه النسبة تتاخر الدورة الشهرية حتى ولو كان الوزن طبيعياً، وهذا بالضبط ما نراه عند أعداد كبيرة من راقصات البالية اللواتي لا يملكن ما يكفي من الشحم في أنسجتهن الدهنية.

علاج تأخر الدورة الشهرية

يعتمد العلاج على العامل المسبب،:

  • إذا كان هناك ورم في الغدة النخامية فإن التدخل الجراحي قد يتطلب لحل المشكلة.
  • إذا كان هناك إفراط في إفراز هرمون الحليب فتوصف الأدوية المخفضة لهذا الهرمون.
  • كما يوصَف العلاج الهرموني في حال كان المسبب هو خلل في انتظام الهرمونات.
  • وفي بعض الحالات قد لا يلزم وصف أي دواء أو استطباب جراحي بل يكفي تغيير نمط الحياة فقط كعلاج اضطرابات الأكل عند المصابين بها.
  • زيادة كمية الطاقة المتناولة والتقليل من ممارسة الرياضة إذا كانت بمعدل أكثر من الطبيعي عند من تعاني من نقصان الوزن (النحافة)، أو إنزال الوزن وممارسة الرياضة البدنية في حال السمنة.

وفي الختام من الضروري استشارة طبيبة النسائية والحمل والولادة في حال المعاناة من تاخر الدورة الشهرية لكشف العامل الذي يقف خلف ذلك، فتاخر الدورة الشهرية يقلل من فرص وقوع الحمل وأحياناً يسبب منع الحمل أو تأخر الحمل، وفي بعض الحالات يزيد من خطر التعرض لداء الهشاشة العظمية الذي يحدث نتيجة ضياع الثروة المعدنية، وبالتالي سهولة الإصابة بالكسور. وعلى كل حال ينصح باستشارة الطبيبة في الحالتين الآتيتين:

  • إذا لم يأت الحيض بعد بلوغ سن 16 سنة.
  • إذا توقف الحيض لأكثر من 6 أشهر.