‘);
}

غزوة تبوك

مثّلت معركة تبوك منعطفاً كبيراً ومهمّاً في تاريخ الدّولة الإسلاميّة؛ حيث أعطت لأمة الإسلام هيبةً إضافيَّةً في نفوس أعدائها، وبعد تلك المعركة أصبح للإسلام والمسلمين موقع بارز على خارطة العالم، فأصبح المسلمون أمّةً يُمثّلون قوَّةً من القوى العظمى المؤثّرة في المشهد السّياسي، وقد كانت غاية النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- من هذه الغزوة بثّ الرّعب في صفوف الرّومان والإمبراطوريّة البيزنطيّة التي كانت تُسيطر في ذلك الوقت من خلال حلفائها على بلاد الشّام حتى يُدرك الرومان والبيزنطيون من يُواجهون، وأنَّ المسلمين بقيادة النبي -صلى الله عليه وسلم- وباتّباعهم لله ولدينه أصبحوا هم الذين يُديرون الأحداث لا سواهم.

تسمية غزوة تبوك

سُمّيت غزوة تبوك بذلك نسبةً للموقع والمكان الذي حصلت فيه المعركة بين المسلمين والروم؛ حيث وقعت في مدينة تبوك، وتحديداً في موضعٍ يُسمّى بعين تبوك حيث انتهى إليها جيش المسلمين، وقد نُقِل ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال لأصحابه حين انطلاقهم لقتال الروم: (إنكم ستأتون غداً إن شاء اللهُ عينَ تبوكَ، وإنكم لن تأتوها حتى يَضْحَى النهارُ، فمن جاءَها منكم فلا يمسَّ من مائِها شيئًا حتى آتِيَ)،[١] وقد وقعت المعركة قرب عين تبوك، وباسمها سُمِّيت، وكذلك فإنّ لغزوة تبوك أسماء أُخرى، منها: غزوة العسرة، وقد سُمّيت بذلك لما لاقى فيها المسلمون من مشقّةٍ وضنك، فقد حدثت في فترة اشتداد الحرّ؛ ممّا ساهم في زيادة المشقة على المسلمين بعد المسافة على المجاهدين وطول السفر ما بين المدينة وموضع المعركة على مشارف الشّام؛ حيث كان سفرهم إما على الدواب (وهي قليلة) أو سيراً على الأقدام، وقد ورد ذكر تسميتها بالعسرة في كتاب الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)،[٢] كما سُمّيت معركة غزوة تبوك بالفاضحة؛ لما كان لها من دورٍ في فضح المنافقين الذين تخلفوا عن المعركة وتحججوا بحُجج واهية عن تخلّفهم،[٣] وقد جاء ذكر ذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى؛ حيث جاء فيه قول الله تعالى: (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ۚ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ۚ بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).[٤]